السؤال : ماهو المنهج السلفي في كيفية التعامل مع المسائل الخلافية بين أهل العلم ، وهل يجوز إلزام الأخ لأخيه في مسألة مختلف فيها والإنكار عليه ؟
الجواب : هذا يقع فيه الناس بكثرة ، وخصوصًا طلبة العلم ، وهو بحاجة إلى أن يعرف فيه كل واحد منا المنهج الصحيح ؛ أولاً : أهل العلم يختلفون ، ويحصل بينهم الخلاف لأسباب ذكرها العلماء ، ليست قائمة على التشهي والهوى ، وإنما هناك أسباب تقوم عند العالم تجعله يخالف أخاه ، ومن أحسن من كتب في هذا شيخ الإسلام – رحمه الله – حيث جمع كلام من تقدمه من أئمة الهدى برسالته العظيمة (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ، ولكن هنا المسألة هذه اللفظة : الخلافية المسائل الخلافية تارة يقصد بها السائل الاصول ، وتارة يقصد بها السائل الفروع يعني العمليات ، المسائل العملية ؛ فأقول : إن الخلاف بين أهل العلم في المسائل العملية إذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح سالم من الناسخ والمعارض عند هذا وإلا فحينئذ تنكر عليه ، الإنكار عليه وارد ، فقد أنكر طائفة من السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم حتى في المسائل الفرعية الخلافية ، فإنه إذا لم يكن هناك مانع تنكر عليه ، المسائل التي لا دليل فيها صريح ، أو صريح غير صحيح ، أو صريح لا يخلوا من معارض هذه الأمر فيها محل سعة ، أما إذا لم يكن الحديث صحيحًا ، أو كان هذا الصحيح منسوخ فأنت حينئذ تنكر وتبين له الصواب ، أما في المسائل الاعتقادية فإن الإنسان لا يتبع هواه وإنما يتبع الدلائل عن رسول الله ﷺ في هذا الباب ، وإذا أدلى العالم بالحجة من كتاب الله – تبارك وتعالى – ،وسنة رسول الله ﷺ الصحيحة الصريحة الخالية من الناسخ والمعارض ؛ فإنه يجب عليك حينئذ أن تتبعه وهذا في كل أحوالك ، الشافعي – رحمه الله – يقول : إذا صح الحديث ورأيتموني آخذ بخلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب ،هكذا يقول الإمام الشافعي – رحمه الله – ، ويقول أيضًا : أجمع على أن من استبانت له سنة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس ، من استبانت وانظروا لهذه العبارة ، ويقول الإمام أحمد – رحمه الله – : لا تقلدني ولا تقلد الشافعي ولا مالكًا ولا سفيان ولا الأوزاعي وخذ من حيث أخذنا ، فالشاهد الحجة في الآثار الحجة في الأخبار ، الحجة في الأدلة من قامت معه الادلة وجب اتباعه ، ومن لم تكن معه الأدلة أو كانت معه أدلة معترضة غير سليمة ولا مسلمة فإن هذا يُنكر على من اتبعه على هذه الحال ، وإذا كان عند علم بشخص ما يتبع العالم الفلاني في المسألة الفلانية أو الفتوى الفلانية وأنت تعلم أن دليله الذي استدل به منسوخ ، أو دليله ضعيف عند العلماء ، علماء السنة أهل الحديث يضعفون دليله فإنه يجب عليك أن تدعوه وأن تنكر عليه ، لماذا ؟، لأنه حينئذ سيتعبد إن تركته سيتعبد لله – تبارك وتعالى – بمالا يصح نسبته إلى شرع الله – تبارك وتعالى – ، وأما مجرد أن يقول إنسان أن المسائل الخلافية لا إنكار فيها هذا غير صحيح ،الصحيح أن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها ، أما تطلق لفظة الخلافية لا إنكار فيها هذا غلط ، فينبغي لطالب العلم أن يعرف مدلولات الألفاظ ، لأننا إذا قلنا بهذه اللفظة المسائل الخلافية كم من المسائل حصل فيها الخلاف والحق لابد أن يكون مع واحد ، لأن الحق واحد لا يتعدد ، لابد وأن يكون مع طرف واحد فإن الحق واحد لا يتعدد ، لكن الصحيح ان المسائل الاجتهادية لا إنكار فيها ، ونقصد بالمسائل الاجتهادية : هي المسائل التي لا دليل عليها نصًا ، وإنما مبناها الاجتهاد والقياس ونحو ذلك ، او ان الدليل فيها خفي غير ظاهر وتنازع العلماء في فهم هذا النص هذا يفهمه على كذا وهذا يفهمه على كذا ليس هناك بيان قاطع يحدد أن هذا المعنى هو المراد أو هذا الفهم هو المراد فهنا المسألة اجتهادية ، فيقال أن المسائل الاجتهادية يحصل فيها هذا ، أما المسائل الخلافية لا إنكار فيها هذا غير صحيح .