السؤال : لماذا التزم الفقهاء عدم متابعة الإمام في الركعة الزائدة، بينما الحديث المرفوع يثبت متابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه في السهو، ومن بين ذلك ما رواه الإمامان في الصحيحين عن أبي هريرة ما يثبت متابعة الإمام في السهو حتى في الركعة الزائدة، وذلك عند قوله ﷺ: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإن كبر فكبروا) إلى آخره، والحديث الثاني: (لا تختلفوا على إمامكم) نرجو من سماحتكم الإفادة عما استفسرناه تماماً؟.
الجواب للعلامة ابن باز: قد تقرر بالنص والإجماع أن الصلوات معروفة العدد، ليس فيها زيادة ولا نقص، الظهر أربع في حق المقيم غير المسافر، والعصر كذلك، والعشاء كذلك، والمغرب ثلاث، والفجر اثنتان، والجمعة اثنتان، فهي صلاة معروفة العدد، فإذا زاد الإمام ركعة فهو إما ساهي وإما عامد، ولا يتصور أن إنسان يزيدها عمداً إلا إنساناً لا يعرف الأحكام ولا يدري ما هو فيه، وإنما الواقع أن يكون سهواً، فإذا زاد ركعة سهواً نبه، فإن انتبه ورجع وجلس فالحمد لله، وإن لم ينتبه وأصر على الزيادة، فإن الواجب على من علم الزيادة ألا يتابعه؛ لأن هذه متابعة في الخطأ، ونحن مأمورون ألا نتابع الأئمة في الخطأ، (إنما الطاعة في المعروف)، فالإمام نقتدي به لكن في المعروف لا في الخطأ، فالزيادة التي يزيدها الإمام سهواً تعتبر خطأ وزيادة في الصلاة الشرعية، فمن عرفها وعلم أنها خطأ لا يتابعه بل يجلس، ولا يتابعه في الخامسة في الظهر والعصر والعشاء، ولا في الرابعة في المغرب، ولا في الثالثة في الفجر والجمعة، بل يجلس، أما من لم يعرف أنها زائدة فإنه يتابعه عملاً بالحديث الذي ذكره السائل: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا..) الحديث، هذا يتابعه الجاهل، الذي ما درى عن الزيادة يتابعه؛ لأن الأصل وجوب المتابعة، أما الذي عرف أنها زيادة فقد عرف أنها خطأ، فلا يتابعه في الخطأ، بل يجلس ولا يتابعه في الخطأ، ولا أعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم وأن من عرف أن الإمام زاد ركعة فإنه ينبهه بقوله: سبحان الله! سبحان الله! فإن أجاب الإمام ورجع إلى الصواب وإلا وجب على من علم أنها زائدة أن ينتظر، وجب عليه أن يجلس ولا يتابعه في الخطأ، هذا هو المعروف عند أهل العلم، وهو الموافق للأدلة الشرعية: «إنما الطاعة في المعروف» فليس هناك أحد يطاع في المعاصي أبداً، ولا في الأخطاء، فإذا عرفت أنه قد أخطأ لا تتابعه في الخطأ، أما الإمام الذي أصر ولم يرجع فهو بين أمرين: إن كان يعتقد صحة ما فعل وأنه المصيب، وأن الذين نبهوه أخطئوا فقد أصاب وأحسن ولا بأس عليه، إذا كان يعتقد أنه مصيب، فيكمل صلاته على نيته وعلى اعتقاده، وصلاته صحيحة، والذين اعتقدوا أنه زائد صلاتهم صحيحة أيضاً، ولا حرج على الجميع، كل مأخوذ باعتقاده وما علم أنه الصحيح في نفسه، أما إن كان هو ليس عنده ضبط، ولكنه أصر من دون ضبط فقد غلط، ولا يجوز له ذلك؛ لأنه أصر على الخطأ، فيكون زيادته هذه الزيادة، وهو قد نبهه اثنان فأكثر من المأمومين على أنها خطأ وليس عنده ضبط، يكون خطأ، فيكون عمله غير صحيح، وتكون الزيادة هذه مبطلة لصلاته؛ لأنه تعمد زيادة ركعة غير مشروعة، فيكون زاد في الصلاة عمداً ما ليس منها، فتبطل الصلاة بذلك، وأما الذين انفردوا عنه وجلسوا لاعتقادهم أنها زائدة صلاتهم صحيحة، يكملون صلاتهم ويقرءون التحيات ويكملون صلاتهم ويسلمون، أما هو إذا كان ما عنده بصيرة ولكنه أصر على الخطأ ولم يطاوع من نبهه من الجماعة إذا كانوا اثنين فأكثر، فإن صلاته غير صحيحة هو، وعليه أن يعيدها من أولها لكونه استمر في الباطل والخطأ على غير هدى، وأما إذا كان مصيباً؛ يعتقد أنه مصيب وأن الذين نبهوه أخطئوا، فهذا مثل ما تقدم صلاته صحيحة، وهو مسئول عن اعتقاده ولا حرج عليه، نعم.
المقدم: لكن نبقى في السلام يا شيخ، يسلمون وهو لم يسلم؟.
الشيخ: إذا كان استمر ولم يرجع، فالأفضل لهم ينتظرونه، هذا الأفضل، وإن سلموا أجزأ، صحت؛ لأنهم معذورون بالانفراد؛ لكن إذا انتظروه يكون أحسن؛ لأنه قد يكون معذوراً، قد يكون يعتقد صواب نفسه فيكون معذوراً، فإذا انتظروه وسلموا معه يكون أحسن، نعم.
السؤال : بعث يسأل، ويقول: هل يقوم المأموم مع الإمام، إذا زاد الإمام ركعة بالصلاة سهوًا؟ إذا علم المأموم أن الصلاة تامة، وإذا قام المأموم مع الإمام في الركعة الزائدة، والمأموم يعلم أنها زائدة، هل تصح صلاته أم لا؟
الجواب للعلامة ابن باز:
إذا علم المأموم أن الإمام قد زاد ركعة لا يقوم معه، يجلس، ينبهه، يقول: سبحان الله، سبحان الله، وعلى الإمام أن يرجع إذا سبحوا به اثنان فأكثر، عليه أن يرجع، ويجلس ويقرأ التحيات ويسجد للسهو، ثم يسلم، فإن أبى ولم يرجع لا يتابعونه، يجلسون وينتظرونه، حتى المسبوق الذي سبق لا يتابعه، يجلس؛ لأنه خطأ، وهم يعلمون أنه خطأ، فلا يتابعونه فإن تابعوه جاهلًا بالحكم الشرعي صلاتهم صحيحة، ولو عرفوا أنها زائدة إذا جهلوا الحكم الشرعي يحسبون أنه يلزمهم المتابعة، فالصلاة صحيحة.
أما إن كانوا يعرفون الحكم الشرعي، وأنه لا يجوز لهم، ثم تابعوه تبطل صلاتهم؛ لأنهم تعمدوا الزيادة في الصلاة، أما إذا كانوا جهالًا ولو علموا أنها زائدة، ما دام يظنون أنها تلزمهم المتابعة، فإن قيامهم معه لا يضرهم، صلاتهم صحيحة؛ لأنهم جهال.
أما من عرف أنها زائدة، وعرف الحكم الشرعي، وأنه لا يجوز له متابعة الإمام في الزيادة، فإنه لا يقوم، لا يقوم ولا يتابعه، وإذا تابعه بطلت صلاته.
وهكذا في النقص لو جلس في الثالثة، في الظهر، والعصر، والعشاء ونبهوه ولم يقم يقومون ويخلونه، يقومون يكملون لأنفسهم، وهو إن كان في اعتقاده مصيب صلاته صحيحة، وإن كان ما عنده اعتقاد، ولم يقم بطلت صلاته؛ لأن الواجب عليه المتابعة لمن نبهه إذا كانوا اثنين فأكثر، فإذا جلس ولم يكمل وقد بلغ النصاب، المنبهون بلغ النصاب فتكون صلاته باطلة حينئذٍ؛ لأنه تعمد النقص، إلا أن يكون يعتقد أنه أصاب لنفسه، إذا كان يعتقد أنه مصيب هو وأنهم مخطؤون فصلاته صحيحة، وهم لهم اعتقادهم، هو له اعتقاده، وهم لهم اعتقادهم، صلاتهم صحيحة إذا اعتقدوا أنهم مصيبون، وصلاته صحيحة هو الذي اعتقد أنه هو المصيب.
وعليهم جميعًا في مثل هذه المسائل أن ينتبهوا حتى لا يقعوا في الباطل، فإذا دخل في الصلاة يقبل عليها بقلبه وينتبه يخشع فيها حتى لا يقع سهو، فإذا وقع السهو عمل بشرع الله، إن كان الإمام نبهوه: سبحان الله، سبحان الله، إن كان في زيادة لم يتابعوه في الزيادة، وإن كان في نقص لم يتابعوه في النقص، إذا علموا أنه زاد أو نقص، فإذا علموا بالزيادة، يجلسون ينتظرونه، وإذا علموا بالنقص يقومون إذا لم يتابعهم يقومون يكملون، وعليه هو سجود السهو إذا زاد أو نقص، عليه سجود سهو، ويتابعونه في السجود، إن كان زيادة، ورجع لتنبيههم، كمل الصلاة وسجد للسهو، وإن كان عن نقص قام وأتى بالنقص وسجد للسهو، وسجدوا معه، نعم (نور على الدرب).
السؤال: إذا قام الإمام إلى ركعة زائدة هل يتابعه المأموم أو يجلس؟
الجواب للعلامة ابن عثيمين: إذا قام الإمام إلى ركعة زائدة وجب عليه أن يرجع متى علم أن هذه زائدة حتى لو قرأ الفاتحة حتى لو ركع، لا يجوز الاستمرار في الزائد، وقد فهم بعض الناس أنك إذا قمت إلى الركعة الزائدة فإنك لا ترجع، ظنوا أن ذلك مثل ترك التشهد الأول، التشهد الأول إذا قمت عنه ناسياً استمر ولا ترجع إليه، لكن الزيادة إذا قمت إليها ناسياً وجب عليك أن ترجع متى ذكرت، فإذا كان إماماً وجب على المأمومين أن ينبهوه، بما أمر به الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال:«إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال»، يقول: سبحان الله، فإن رجع فهذا المطلوب، وإن لم يرجع وجب على المأموم أن يجلس متى تيقن أنها زائدة ثم ينتظر، ويسلم مع الإمام. قد يقول قائل: كيف أنتظره وأنا أعتقد أن صلاته باطلة؛ لأنه زاد؟ نقول له: اعتقادك أن صلاته باطلة غير صحيح؛ لأن الإمام أحياناً ينسى قراءة الفاتحة في بعض الركعات، ثم يأتي بالركعة هذه تكملة لصلاته فما دام هذا الاحتمال وارداً فنقول: اجلس للتشهد، واقرأ التشهد مرة، أو مرتين، أو ثلاثاً حتى يصل الإمام ثم تصلي معه (لقاء الباب المفتوح [79]).