السؤال : رجل كان يقرأ كلاماً للعالم ابن القيّم – رحمه الله تعالى – ، من كتاب (مدارج السّالكين) ، فذكر أنّ مقامات التوحيد ثلاثة : ألّا يَتّخذ سوى الله ربّاً ، ولا غيره إلهاً ، ولا دونه حكمًا .
وشرح ذلك من سورة النّاس ، فقال : (بِرَبِّ النَّاسِ) أي : الذي يُربّيهم بنعمه ، و (إِلَٰهِ النَّاسِ) الذي يُفرد بالعبادة ، و (مَلِكِ النَّاسِ) الذي يحكمهم بالأمر والنّهي .
فقام رجل في المجلس فقال : أنت مُبتدع خبيث ؛ لأنك ذكرت توحيد الحكم ، وهذا لا يجوز ؛ لأنّ التوحيد ثلاثة أنواع فقط : الألوهية والربوبية والأسماء والصفات .
فقال القارئ : بل أنت مُبتدع ؛ لأنّك تُنكر كلام العلماء .
فحدثت فتنة ،فأرشدونا إلى قول الصواب .
الجواب : المعروف عند أهل العلم – رحمهم الله – أن التوحيد ثلاثة أقسام : توحيد الألوهية ، وتوحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات .
هكذا يتناقلُه العلماء – رحمهم الله – ، أمّا توحيد الحكم فهو داخل في توحيد الربوبية من جهة الحكم ، وفي توحيد الألوهية من جهة التنفيذ .
فالواجب علينا أن نُنفّذ أحكام الله ، وهذا يتعلّق بالألوهية والعبادة ، والذي يحكم بين الناس ، ويقول هذا حلال وهذا حرام ، وهذا محقّ وهذا مبطل ، هو الله ، وهذا يتعلّق بتوحيد الربوبية .
وابن القيم – رحمه الله – إن كان قال هذا فكلامه له وجه ، لكن لا حاجة لنا أن نقول مثلما يقول المتأخرون الآن : إنّ أنواع التوحيد أربعة أو خمسة : الربوبية ، والألوهية ، والأسماء والصفات ، والحاكمية ، وتوحيد الاتباع اتباع النبي ﷺ .
فإن هذا التقسيم لا وجه له ، لأنّ توحيد الحاكمية داخل في توحيد الربوبية من جهة وضع الحكم ، وفي توحيد العبادة من جهة تنفيذ الحكم .