1443/01/05هـ .
الفوائد المنتقاة
وقال النبي ﷺ : (إن الإيمان ليبلى في جوف أحدكم كما يبلى الثوب ، فسألوا الله أن يجدد إيمانكم) أي : إن الإيمان ليضعف ويخلق ويهتري ، كما يضعف الثوب حتى يتمزق ، فسألوا الله تجديد إيمانكم فمن اجل المطالب وأعظم المقاصد نظر العبد فيما يزيد به إيمانه فإن زيادة العبد من كل شيء دون زيادة الإيمان ، فبزيادة الإيمان تنشرح الصدور ، وتطمئن القلوب ، وتطيب حياة العبد في الدنيا والآخرة ، فزيادة الإيمان أعظم الزيادات ، وبلوغ هذه المرتبة هو أرفع المقامات .
ومما يؤدي إلى زيادة الإيمان بالقرآن ، قراءته ، فإن الله – عزوجل – قال لنبيه ﷺ : ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)) ، وقال لنا نبينا ﷺ : (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) ، فإذا جرت السنتنا بالقرآن ، وذلت به تلاوة له ، ازداد الإيمان فيها ، لأن لكلام الله – عزوجل – في كتابه حلاوة وأي حلاوة ، وعليه طلاوة وأي طلاوة بها يزداد الإيمان ، ويرسخ الإيقان .
ومن جملة السبل المؤدية إلى زيادة الإيمان بالقرآن ، الاستماع إليه ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا) فالمستمعون للقرآن يزدادون إيمانًا باستماعهم له ، لأنه في الآذان أعظم الكلام وأجمله وأحلاه ، فمن آثاره إذا دخل الأذن ووصل إلى القلب واستقر فيه : أن يزداد إيمان أحدنا بذلك .
ومن جملة السبل المؤدية إلى زيادة الإيمان بالقرآن : حفظه ، وقد قال النبي ﷺ :(مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة) يعني من الملائكة ، ومن جملة ذلك أن يكون له إيمان عظيم ، ذلك أن القرآن الكريم إذا وقر في القلب واستقر في نفس حافظه كان من أعظم ما يزيد إيمانه ، لأن كلام الله سبحانه يقرر الحقائق العظيمة التي بها صلاح الدين والدنيا ، فإذا كانت تلك الحقائق مستقرة في القلب انتفع الحافظ بذلك فزاد إيمانه .
ومن جملة السبل المؤدية إلى زيادة الإيمان بالقرآن ، تدبره ، قال الله تعالى : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) ، وقال تعالى : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)) ، والمراد بالتدبر : وصول النفس إلى غاية الخطاب القرآني من الخبر والتصديق ، فيصدق خبره ، ويمتثل طلبه .
ومن جملة السبل المؤدية إلى زيادة الإيمان بالقرآن ، العمل به ، قال الله تعالى : (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ) ، فإذا عمل العبد بالقرآن فامتثل أمره واجتنب نهيه ازداد إيمانه بذلك .