الدنيا ظل زائل

عدد الملفات المرفوعه : 1

قال ابن رجب – رحمه الله – : ومن ‌علامات ‌العلم ‌النافع أنه يدل صاحبه على الهرب من الدنيا وأعظمها الرئاسة والشهرة والمدح فالتباعد عن ذلك والاجتهاد في مجانبته من ‌علامات ‌العلم ‌النافع.


نعم ، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – عرضت عليه الدنيا ، فأباها ، وقال في الحديث الصحيح الذي نعلمه جميعًا : (مَا لي وَللدُّنْيَا؟ ، مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا) ، ومن هنا تسمعون المقالة الشهيرة عن العلماء والصلحاء (الدنيا ظل زائل) وصدقوا ، مأخوذ من هذا الحديث ، فظلها زائل لا يتم على حال ، فظل الشجرة في الصباح جهة الغرب ، وظلها في الزوال في الواسط ، وظلها بعد الزوال جهة الشرق ، فالظل ليس بثابت ، بل هو زائل ، متنقل في ثلاث حالات ويذهب في الليل ، وهذا حال الدنيا لا تستمر على حال ، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – شبهها بظل الشجرة ، وهذا الظل يزول ويتحول وينتقل ، فالإنسان يأخذ منها بقدر البلغة من هذه الدنيا ، كما يأخذ المستظل قدر راحته في الظل .

ما لي ولِلـدُّنـيـا ولَـيستْ بِبُـغْـيَـتي … وَلَا مُنْـتَـهى قَصْـدي ولَستُ أَنا لَـها 
ولَسـتُ بِمَـيَّـــالِ إِلَيــهـا ولا إِلــى … رِئاسَـتِها نَـتْـنًـا وقُـبْحًا لِـحـالِـهـا  
هِيَ الـدَّارُ دارُ الـهَـمِّ والغَـمِّ والعَـنـا … سَـريـعٌ تَـقَـضِّـيـها قَـريبٌ زَوالُـهـا
إِذا أَضحَكَتْ أَبكَتْ وإِن رامَ وَصلَها … غَـبِـيٌّ فـيا سُـرْعَ انْـقِـطاعِ وِصالِـها
مَيـاسـيرُها عُسْـرٌ وحُـزنٌ سُرورُهـا … وأَربـاحُـها خُـسرٌ ونَـقصٌ كَمـالُـها 
فـأَسـأَلُ رَبـِّي أَنْ يَـحـولَ بِـحَـولِـهِ … وقُـوَّتِــهِ بَـيـنـي وبَـيـنَ اغْـتِـيـالِـها 
لَـقَـدْ نَـظَروا قَـومٌ بِـعَينِ بَـصيـرَةٍ … إِلَـيـها فلَـمْ تَـغْـرُرْهُـمُ بِـاخـتِـيالِـها 
ومـالَ إِلَـيهـا آخَـرونَ لِـجَـهْـلِـهِـمْ … فـلَمَّـا اطْـمَأَنُّـوا أَرشَـقَتْـهُمْ نِـبالَـها 
لِـيَلْـهوا ويَـغْـتَـرُّوا بِـها ما بَـدا لَـهُمْ … مَتى تَـبْـلُـغِ الحُلْقومَ تُصْرَمْ حِبالُـها 
مَـحَـلَّـيْنِ قُـل لِلـنَّـفسِ لَيسَ سِواهُما … لِتَـكْسِبَ أَو فَلْتَكتَسِبْ ما بَدا لَـها
فإِن تَكُ مِن أَهـلِ الزهادة والتُّـقى … فـإِنَّ لَـهـا الـحُسْنى بِحُـسْنِ فِعالِـها 
تَفـوزُ بِجَـنَّـاتِ النَّـعـيمِ وحُــورِهـا … وتُـحْــبَرُ في رَوضـاتِها وظِــلالِــها
عَـلى فرش مبسوطة ثُـمَّ فُرْشُــهُمْ … كَمـا قـالَ فـيـها رَبُّـنـا واصِــفًا لَــها 
بَـطائِـنُها إِسْـتَبْـرَقٌ كـيفَ ظَـنُّكُمْ ؟! … ظَـواهِـرُهـا لا مُنْـتَـهـى لِـجَمـالِـها 
وإِن تَـكُـنِ الأُخـرى فَـوَيـلٌ وحَسْرَةٌ … ونــارُ جَـحـيـمٍ مـا أَشَـدَّ نَــكالَــها 
طَعـامُـهُمُ الغِسـلِيـنُ فيها وإِن سُقُوا … حَـمـيمًـا بـهِ الأَمْـعاءُ كانَ انْحِلالُـها

إلى آخر ما قال – رحمه الله تعالى – 
والعالم الحق هو الذي يورثه علمه هذا الذي ذكره المصنف – ابن رجب الحنبلي – ، فالدنيا ملهية ، وعن الله مشغله ، وعن الآخرة صارفه ، فنسأل الله العلم النافع الذي … القلوب ويثمر الأعمال الصالحة ، كما نسأله الستر الجميل في الدنيا والآخرة .


  • (بيان فضل علم السلف على علم الخلف ش 5).

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1442/05/18
  • مشاهدات : 1٬485
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري