عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : (إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ) رواه أبو داود .
وتغيير الأسماء إلى الأسماء الحسنة هذا من الأدب المطلوب والذي يحبه الناس سواءً كان المسمِّي -وهما الوالدان- ، أو المسمَّىٰ -وهو المولود إذا ما كبر- ، أو الناس إذا ما دعوا ذلك المسمَّى ؛ فتحسين الأسماء وتغيير الأسماء إلى الأسماء الحسنة مطلب للجميع للمسمي وهما الوالدان وللمسمى وهو المولود إذا كبر يحب أن يدعى باسم حسن وكذلك الناس يحبون الأسماء الحسنة فيدعون بها ويفرون وينفرون من الأسماء القبيحة ، هذا فيه انقطاع ، وحقيقة هذا الحديث وإن كان فيه هذا الذي ذكرنا من الانقطاع إلا أن معناه ثابت في الحديث الصحيح الآخر في الصحيحين فإنه قد جاء في الصحيح : (ينصب يوم القيامة لكل غادر لواء خلف ظهره يقال : هذه غدرة فلان بن فلان) ، فيدعون إذًا بآبائهم ولا لا ؟! ، معشر الإخوان ينصب يوم القيامة لكل غادر لواء هذا في الصحيحين ، خلف ظهره جاء في بعض الروايات ينصب لواء يعقد خلف ظهره ، الراية تنصب خلف ظهره حتى يعلمه الناس ويُفضح بين الملأ ويُشهر كما غدر في الدنيا يُشهر به يوم القيامة -عياذًا بالله من ذلك- ويقال هذه غدرة فلان بن فلان هذا في معناه فإن الناس يوم القيامة يدعون بآبائهم ، وأما ما قيل في توجيه هذا الحديث ، قالوا إنه ضعيف وقد ورد في حديث آخر أن النبي g أخبر أن الناس يدعون بامهاتهم قالوا هذا الحديث ضعيف وينادون بأمهاتهم ، استدلوا على ذلك بحديث أبي امامة مخرج في الطبراني (إذا أنتم دفنتموني فقولوا : يا فلان بن فلانة ، قال : فإن الميت يسمعه أولاً ثم لا يجيب ، ثم يسمعه في الثانية فيستوي قاعدًا فيقول أرشدني أرشدك الله … الحديث) فهذا حديث أضعف من هذا بالإتفاق ، حديث لا تقوم به حجة ، ولا يقاوم الأحاديث الصحيحة كالذي ذكرنا في الصحيح ، وحديثنا هذا فإن هذا الحديث حديث أبي أمامة ضعيف بإتفاق العلماء ، فلأجل ذلك أمر النبي ﷺ بتحسين هذه الأسماء فيقال : عبدالله ، ويقال : عبدالرحمن ، ويقال : محمد ، وعلي وحسن ، وحسين ، وصالح ، وأيوب ، وموسى وعيسى ، وهارون ، وهكذا أسماء الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وحارث ، والحارث ، وهمام ، وهكذا إلى غير ذلك من الأسماء الطيبة ؛ فإن في هذا إحسان إلى المسمِّي والمسمَّى والمنادي فالإحسان إلى المسمِّي بحيث يُنسب إليه أطيب الأسماء -يُضاف إليه- يقال فلان بن فلان ما يقال كلب بن محمد ! لكن يقال : عبدالرحمن بن محمد ، ولا يقال : حمار بن إبراهيم ! ولكن يقال : عبدالله بن إبراهيم وهكذا ، فالعرب ما كانوا يتحرجون في أول الأمر -قبل الإسلام- ما كانوا يتحرجون من مثل هذه الأسماء فيسمون كلبًا ويسمون حمارًا ونحو ذلك من الأسماء ، نعم ؛ فالواجب أن يسمي بأحسن الأسماء لأن هذا سيُضاف إليه فيقال فلان بن فلان -ما شاء الله- إذا نُودي أكبر أولاده حمار يقال : أبو حمار فيصبح أبو الحمير ! هذا من المستعاب ! وهكذا إذا قيل أبو الشر أبو جهنم هذا موجود ! أبو كلب هذا موجود قبيح ؛ فينبغي أن تُحسن الأسماء لأنها ستُضاف إلى المسمِّي إلى الأب أو الأم إذا سمَّت ستضيفه إلى أبيه ما يضاف إليها فيضاف إلى الأب والتسمية لعلمكم هي من حقوق الوالد ، تسمية الأسماء للمولودين هي من حقوق الآباء من حق الوالد -الأب- لأنه إنما يضاف إليه ؛ فهذا حق من حقوقه ، ولو تسامح وترك الزوجة -الأم- تسمي فلا بأس لكن بشرط أن تسمي الأسماء الحسنة ، وهنا ننبه الواجب أيضًا على المسلمين أن يعتنوا بأسماء المسلمين -أسماء العرب- فلا يأتوا بأسماء لا تُعرف مستغربة ، أو أسماء أعلام أهل الضلال كمن يُسمي : رُستم ونحو ذلك فمثل هذا ما يصلح ، وأخبث من هذا أن يُعبد لغير الله كعبدالحسين ، وعبدالأمير ، وعبدالرضى ، وعبدالكاظم ، وعبدعلي ، هذه أسماء لا تجوز ، التعبيد إنما يكون لله – جل وعلا – وأيضًا إحسان إلى المسمَّىٰ ؛ فإن المسمَّىٰ حينما يكون طفلاً لا حول له ولا يعلم فإذا كبر يحب أن يسمع اسمًا حسنًا ، ويتضايق من الأسماء القبيحة فينبغي أن يُحسن إليه ، وإذا ما كبر وبلغ واسمه قبيح فله أن يغيره بل يجب عليه أن يُغير اسمه ،وهكذا إحسان إلى المنادي إلى الناس إلى عامة المسلمين الذين ينادونه وذلك بحبهم لنطق اسمه ، وعدم ترددهم في ذلك ؛ لأنهم قد يشعرون بالحرج في مناداتهم له بحمار ، وفي مناداتهم له بكلب ونحو ذلك ففيه إحسان في التسمية بالأسماء الحسنة من هذه النواحي الثلاثة كلها فلهذا أمر النبي ﷺ بإحسان الأسماء.