الإكثار من ذكر الله في العشر من ذي الحجة

عدد الملفات المرفوعه : 1

مما يشرع في هذه الأيام العشر ، الإكثار من ذكر الله – تبارك وتعالى – ،فإن ذكر الله – سبحانه وتعالى – لا عدَّ ولا حدَّ لأجر صاحبه ، كما قال الله – سبحانه وتعالى – : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ” إلى أن قال : “وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) ، والتنوين هنا يفيد الإطلاق ، والتنكير (عظيمًا) أي : لا حدَّ له ولا عدَّ له ؛ فينبغي أن يكثر المسلم في هذه الأيام العشر من ذكر الله – تبارك وتعالى – ؛ فهذا من الفضائل التي اختصت بها هذه العشر ، وهو من الغنائم التي سيقت للناس ، وهي باردة لا تكلفهم شيئًا.

فينبغي أن يكثروا من ذكر الله – تبارك وتعالى – ، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من ذكر الله في هذه الأيام ، وقد كان أبو هريرة -رضي الله عنه- وابن عمر -رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق فيكبران فيسمعهما الناس ويكبرون بتكبيرهما ، والمراد بهذا التكبير ليس التكبير الجماعي ، ونعني بالتكبير الجماعي : الذي يتواطأ فيه الناس بأصواتهم ، الحرف مع الحرف ، والصوت مع الصوت كقولهم جميعًا : الله أكبر الله أكبر بصوت واحد يتفقون وينطقون ، كلهم سواء كأنهم رجل واحد هذا هو الجماعي ، هذا مكروه ما كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وإنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكبر والناس يكبرون ، هذا ينتهي وهذا متوسط وهذا مبتدئ ، وهكذا أبو هريرة -رضي الله عنه- ، وهكذا ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- حينما كانا يخرجان إلى السوق ، فيكبِّر هذا ويكبِّر هذا ، فيكبِّر الناس بتكبيرهم ، فيحصل بذلك جلبة ، وضجة بارتفاع الأصوات بذكر الله -سبحانه وتعالى – ، من غير مواطأة في الصوت و الحرف ، وهكذا أيضًا تكبير أمير المؤمنين عمر – رضي الله تعالى عنه – بمنى حينما كان يكبِّر فيكبِّر الناس بتكبيره ، والمقصود : أنه إذا كبَّر تذكَّر الناس فذكَّرهم ، فهذا يكبِّر بمفرده ، وهذا يكبِّر بمفرده ، فيحصل بمجموع التكبير من هؤلاء ارتفاع الأصوات ، وجلبة الصوت ؛ لا تحصل المواطأة بينهم جميعًا ، فيسكتون مرة واحدة ، وينطقون مجموعة واحدة ” لا ” هذا التكبير هو التكبير الجماعي الذي كرهه السلف – رحمهم الله تعالى ورضي عنهم – ؛ فهذا مما ينبغي للمسلم أن يحرص عليه ؛ سواء كان حاجًا أو غير حاج ، يكثر من ذكر الله – جل وعز – ، من تكبيره ، وتحميده وتهليله – سبحانه وتعالى – كما مرَّ معنا في الحديث الذي سقناه في أول كلامنا هذا ، فينبغي للعبد أن لا يغفل عن تهليله ، وعن تكبيره لله – جل وعلا – وعن تحميده – سبحانه وتعالى – .

أما تكبير الله – جل وعلا – ففيه تعظيم الرب – سبحانه وتعالى – ، وإظهار كبريائه – جل وعلا – وعظمته وقيُّوميَّته ، وأنه لا شيء أكبر منه – سبحانه وتعالى –

رأيتُ الله أعظم كل شيءٍ *** محاولة وأكثرهم جنودًا

فينبغي للعبد ألا يغفل عن ذلك ، وأما التهليل ففيه إثبات الشهادة لله – تبارك وتعالى – بالوحدانية ، وإخلاصها له – جل وعلا – من الشرك – سبحانه وتعالى – ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له ” ، وهي أفضل الذكر كما ذكرنا آنفًا في دعاء يوم عرفة ، وأما الحمد ، فعلى نعمه – سبحانه وتعالى – التي لا تُحصى ولا تُعد ولا تُستقصى ، فإن نعمه – جل وعلا – كثيرة {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} {وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم ولأن كفرتم إن عذابي لشديد} .

فالحمد لله تملأ الميزان كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فينبغي للمسلم ألا يغفل عن هذه الثلاث الكلمات ، وأيضًا عن غيرها من بقية الأذكار الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، التي جمع فيها -عليه الصلاة والسلام- بين خيري الدنيا والآخرة ؛ فعلى العبد أن يكثر من ذلك ، وأن يبتعد عن السجع ، السجع الممجوج الذي يمجُّه السمع المتكلف ، وأن يبتعد أيضًا عن الأدعية التي وضعها الناس من عند أنفسهم ، فإن خير الدعاء “الجوامع” كما قالت : عائشة – رضي الله تعالى عنها – مخبرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يحب الجوامع من الدعاء ، فيأتي الإنسان بالأدعية النبوية ، فإن لم يكن يحفظ منها استصحب كُتيبًا فيه أذكار ، الأذكار والأدعية النبوية حتى يقرأ من ذلك فيستعين بهذا إن لم يكن حافظًا .


شاهد-على-اليوتيوب

  • 1441/12/03
  • مشاهدات : 1٬072
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري