أول ما يستحضره العبد في صيام شهر رمضان – الشيخ : محمد بن هادي المدخلي

عدد الملفات المرفوعه : 1

فمن أول ما ينبغي في هذا الشهر أن يصومه العبد ايماناً واحتساباً ، ايماناً بالله وتصديقاً بما وعد به – سبحانه وتعالى – الصائمين ، واحتساباً للأجر والمثوبة عنده ، لا رياءاً ولا سمعة، ولا تقليداً للناس راهم يفعلون فيفعل ، لا ، يجب عليه أن يصومه ايماناً واحتساباً ، لقوله – عليه الصلاة والسلام – في الحديث المتفق عليه : (من صام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

فعليه أن يخلص النية لله – تبارك وتعالى – ، فإن الله تبارك وتعالى يقول : (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر امثالها إلى أضعاف كثيرة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ، للصائم فرحتان يفرحهما : فرحة عند فطره ( إذا أفطر فرح بفطره ) وفرحة عند لقاء ربه)، إذا لقي ربه فرح بصومه ، فهذا الصوم يجب أن يكون لله ، أن يستحضر العبد فيه هذه النية أن يكون خالصاً لله – تبارك وتعالى – ، فإن العمل إذا كان خالصاً لله – تبارك وتعالى – وصواباً على سنة رسوله ﷺ نفع صاحبه ، ولو كان قليلاً فإن الله – جل وعلا – ينميه ويبارك فيه (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110).

والله جل وعلا يقول : (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فاختصه الله – سبحانه وتعالى – لنفسه وذلك لأنه سر بين العبد وبين ربه ، فإن العبد قد يزعم أنه صائم وهو في الحقيقة على خلاف ذلك ، يتظاهر للناس بأنه صائم وهو في الحقيقة على خلاف ذلك ، فمن يعلمه إلا الله – تبارك وتعالى – ، فوجب أن يخلص النية ، وتفضل الله – سبحانه وتعالى – عليه بأن جعله عائداً إليه – سبحانه وتعالى – ، والفائدة من ذلك : أنه لا يختم عليه في المضاعفة ، فأبواب المضاعفة فيه ليس لها حد (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) ، فهذا الصوم لا يختم عليه لأنه قد تولى الله – سبحانه وتعالى – الإثابة عليه ، وذلك لصبر صاحبه على ما يلحقه فيه من الجوع والعطش وصنوف الأذى وهو محتسب يراقب الله – تبارك وتعالى – في خلواته وجلواته ، لا يراقب إلا ربه – تبارك وتعالى – ، وإلا لو أراد لاختفى عن الناس وأفطر ، لكنه لا يراقب إلا ربه ، فناسب أن يختص الله – سبحانه وتعالى – به .

فقال : (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فمضاعفته مفتوحة فالأجل هذا الصبر لم يحد ثوابه والأجر فيه بحد ، والله جل وعلا يقول : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) .

فاحرص ياعبد الله على أن يكون الصوم عبادة لا عادة وتقليد للمجتمع ، ولأبيك وأمك وآباءك واخوانك واجدادك وعشيرتك يصومون تصوم ، فلا تفطر حتى لا يقولوا فلان ما يصوم ، لا ، وإنما يكون ايماناً واحتساباً حتى يحصل لك هذا الأجر ، ماتقدم من الذنب في سنة كاملة ، (ما تقدم من ذنبه) ، ماعدا الكبائر فمحلها باب آخر ، فلابد فيها من التوبة التي تمحوها الصادقة عند الله – تبارك وتعالى – .

فالشاهد من صامه ايماناً واحتساباً لابد من استحضار هذا ، هذا أول ما يستحضره العبد في صيام شهر رمضان ، وهو من النيات الصالحة التي يثاب عليها هذا الثواب .


 

  • 1441/08/29
  • مشاهدات : 851
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري