كما يعلم الجميع ؛ رمضان على مشارف الدخول ، دنَت أيامه وقرُبت لياليه ، ذلكم الشهر العظيم الذي خصه الله تبارك وتعالى بخصائص عظيمة وميزات كريمة ، شرَّفه جل وعلا وميَّزه عن غيره من الشهور ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ [القصص:68] ، فالله عز وجل جعل هذا الشهر المبارك خير الشهور وأفضلها وأعظمها شأنًا وأعلاها مكانة ، أنزل فيه وحيه الحكيم وذكره العظيم القرآن الكريم ، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة:185] .
إذا كان أول ليلة من رمضان :
وقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) ؛ انظر هذا الحديث الواحد في بركات رمضان من أول ليلة ، وفي الباب أحاديث وأحاديث تدل على عظم هذا الشهر ورفيع مكانته ، تأمل في هذا الحديث الواحد المشتمل على هذه الفضائل والبركات والخيرات العظيمة التي خُص بها رمضان لتدخل رمضان مستشعرًا مكانته العلية وأنه شهرٌ لا كالشهور وموسمٌ لا كالمواسم ، مُيز بميزات وخُص بخصائص ، فلا تكن عنها غافلا بل كن لها مستحضرا ؛ ليكون ذلك معونةً لك في اغتنام خيرات هذا الشهر وبركاته .
معنى تغلق ابواب النار في رمضان :
قال: (وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ) وهكذا أيضا فيما يتعلق بتغليق أبواب النيران فلم يفتح لها باب، كيف يرضى عبدٌ لنفسه في رمضان أعمالًا لا تفضي إلا إلى النار مع أنها في رمضان مغلقة !! وهذا الإغلاق فيه إيذان بالمباعدة والمجانبة لمن وفقه الله سبحانه وتعالى لاغتنام رمضان وخيراته .
معنى فتحت أبواب الجنة في رمضان :
قال : (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ) ؛ أبواب الجنة ثمانية تُفتَّح كلها في رمضان ، وهذا التفتيح لأبواب الجنة فيه إيذان وإعلام وإشعار لكثرة الخيرات والبركات العظيمة في هذا الشهر والغفران والعتق من النيران التي يكرم الله سبحانه وتعالى عباده بها في هذا الشهر ، فتفتح أبواب الجنة لكثرة الأعمال المدخلة إلى الجنة في رمضان المفضية إليها المقربة من رحمة الله عز وجل ونيل مغفرته ورضوانه ، فكيف يعيش العبد بمعزل عن الخيرات وأبواب الجنة مفتحة !! كيف يعيش في رمضان بمعزلٍ عن الخيرات والأعمال الصالحات المقربة إلى الله سبحانه وتعالى وأبواب الجنة مفتحة كما يخبر الرسول عليه الصلاة والسلام!! وكأنه يقال للمسلم : ها هي أبواب الجنة فتِّحت في رمضان فأقبل على طاعة الرحمن ، كُن من الداخلين ولا تكن من المحرومين ، أقبِل على الله عز وجل وطاعته جل في علاه فإن الأبواب مفتحة ومشرعة ومهيئة فلا تحرم نفسك .