قوله في هذا الحديث (يُمْلِي لِلظَّالِمِ) أي : يُمهل الظالم ويؤخره ، ولا يُعجل بعقوبته ، لكنه لا يتركه – سبحانه وتعالى – ، فهو – جل في علاه – يمهل ولا يهمل ، والظالم وإن طال ظلمه فالعقوبة حالة به ونازلة لا محاله ، وأخذ الله – عزوجل – للظلمة أخذ شديد .
ولهذا فإن العاقل لا يغتر بنفسه ، ولا بإمهال الله – سبحانه وتعالى – له ، لأن الله يستدرج الظالم ليزداد إثمًا فتضاعف له العقوبة ويزيد العذاب .
فهذا الحديث – حديث أبي موسى – حديث فيه التحذير من الظلم ، وأن الظالم لا يغتر إن طالت مدة ظلمه وهو مثلاً في عافية ، أو في ازدياد في مال أو صحة أو غير ذلك ، فإن العقوبة حالة به ونازلة على ظلمه وإن تأخرت ، وإذا أخذه الله – جل وعلا – أخذه بغتة ولم يُفلته ، ولهذا قرأ – عليه الصلاة والسلام – قول الله تعالى : {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102] ، ومن يطالع التاريخ وأحوال الظلمة والطغاة والبغاة ، وكيف حل الله – سبحانه وتعالى – بهم العقوبات جَزَاءً وِفَاقًا ،{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}[الرعد].