ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً – الشيخ د. صالح الفوزان

عدد الملفات المرفوعه : 1

ودليل الحج : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [ آل عمران : 97 ] [41] .


[41] ادعى اليهود أنهم مسلمون ، وأنهم على دين إبراهيم ، فامتحنهم الله جل وعلا في هذه الآية وقال : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) فإن كنتم مسلمين فحجوا ؛ لأن الله فرض حج البيت على المسلمين ، فإذا لم تحجوا وأبيتم الحج فهذا دليل على أنكم لستم مسلمين ، ولستم على ملة إبراهيم (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) ، ولله : أي ، هذا فرض وحق وواجب لله سبحانه وتعالى على الناس ، حج : معناه في اللغة : القصد ، الحج شرعاً : قصد الكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة في وقت مخصوص لأداء عبادات مخصوصة ، وهي مناسك الحج ، حج البيت : أي ، الكعبة ، وما حولها من المشاعر تابع لها ، من استطاع إليه سبيلاً : هذا بيان شرط الوجوب ، وهو الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية ، الاستطاعة البدنية بأن يكون قادرا على المشي والركوب والانتقال من بلده إلى مكة في أي مكان من الأرض ، هذه البدنية ، يخرج العاجز عجزا مستمرا كالمريض مرضا مزمنا والكبير الهرم ، فهذا ليس عنده استطاعة بدنية ، فإن كانت عنده استطاعة مالية فإنه ينيب من يحج عه حجة الإسلام ، أما الاستطاعة المالية فهي توفر المركب الذي ينقله ، الراحلة أو السيارة أو الطيارة أو الباخرة ، كل وقت بحسبه ، ويكون عنده مال يستطيع أن يوفر له المركب الذي يمتطيه لأداء الحج ، وأيضا الزاد يكون عنده زاد ونفقة له في السفر ذهابا وإيابا ، ولمن يمونهم يكون عندهم كفايتهم إلى أن يرجع إليهم ، فالزاد معناه أن يكون عنده ما يكفيه في سفره ، ويكفي من يمون من أولاده ووالديه وزوجته ، وكل من تلزمه نفقته ، يؤمن لهم ما يكفيهم حتى يرجع إليهم بعد تأمين سداد الديون إن كان عليه ديون ، يكون هذا المال فاضلا بعد سداد الديون ، فإذا توفر هذا فيكون هذا هو السبيل ، ” الزاد والراحلة ” كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، ومن لم يستطع : أي ، من ليس عنده زاد ولا راحلة فليس عليه حج ؛ لأنه غير مستطيع ، فشرط وجوب الحج هو الاستطاعة، ولما كان الحج يؤتى إليه من بعيد من كل أقطار الأرض ، من كل فج عميق ، ويحتاج إلى مؤنة ، وفيه مشقة وتعب ، وقد يحصل فيه أخطار ، فمن رحمة الله أن جعله في العمر مرة واحدة ، وما زاد عليها فهو تطوع ، هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى حيث لم يوجبه على المسلم كل سنة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله فرض عليكم الحج فحجوا ، قال الأقرع بن حابس رضي الله عنه : أكل سنة يا رسول الله ؟ فسكت عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم أعاد السؤال ، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أعاد السؤال ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم ، الحج مرة واحدة ، فما زاد فهو تطوع ، هذا من رحمة الله، وقوله سبحانه : وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ فيه دليل على أن من امتنع عن الحج وهو يقدر ولم يحج فإنه كافر ؛ لأن الله قال : ( ومن كفر ) ، أي : من أبى أن يحج وهو قادر على الحج ، فإن هذا كفر ، قد يكون كفرا أصغر ، فمن تركه جاحدا لوجوبه هذا كفر أكبر بإجماع المسلمين ، أما من اعترف بوجوبه وتركه تكاسلا فهذا كفر أصغر ، ولكن إذا توفي وكان له مال فإنه يحج من تركته ؛ لأنه دين عليه لله عز وجل ، وهذه الآية فيها وجوب الحج ، وهو ركن من أركان الإسلام ، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ركن من أركان الإسلام في حديث جبريل ، وفي حديث ابن عمر ، وقد فرض الحج في السنة التاسعة على قول ، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السنة ، وإنما حج في السنة التي بعدها في السنة العاشرة ، لماذا ؟ لأنه صلى الله عليه وسلم أرسل عليا ينادي في الناس في الموسم : أن لا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، فلما منع المشركون والعراة من الحج في العام العاشر حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع .


  • شرح ثلاثة الأصول الدرس الرابع .
  • 1443/11/28
  • مشاهدات : 241
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري