قال تعالى : {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} سورة الأنبياء .
الرغبة : هي طلب الشيء المحمود ، الرهبة : هي الخوف من الشيء المرهوب ، قال تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [ البقرة :40 ] وهي نوع من الخوف ، الرهبة والخوف بمعنى واحد ، الخشوع : نوع من التذلل الله عز وجل ، والخضوع والذل بين يديه سبحانه وتعالى وهو من أعظم مقامات العبادة ، قوله تعالى : (إِنَّهُمْ) الضمير يرجع للأنبياء ؛ لأن سورة الأنبياء قد ذكر الله قصص الأنبياء فيها ثم قال : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) فقوله تعالى : (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) أي : يتسابقون إليها ، ويبادرون إليها ، هذه صفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يتكاسلون ولا يتعاجزون ، وإنما يسارعون إلى فعل الخيرات ويتسابقون إليها ، قوله تعالى : (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا) أي : طمعًا لما عند الله عز وجل طمعًا في حصول المطلوب ، قوله تعالى : (وَرَهَبًا) أي : خوفًا منا ، فيدعون الله أن يرحمهم ، ويدعونه ألا يعذبهم ، وألا يؤاخذهم ، وألا يعاقبهم ، فهم يطمعون في رحمة الله ويخافون من عذابه ، كما قال تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) [ الإسراء : 57 ] فهم يدعون الله خوفًا منه ، ويدعونه أيضًا طمعًا فيما عنده ، يدعون الله أن يقدر لهم الخير ويدفع عنهم الشر ، (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) أي : خاضعين متذللين متواضعين لله عز وجل فجمعوا بين الصفات الثلاث : الرغبة والرهبة والخشوع ، هذه صفات الأنبياء صلى الله عليهم وسلم ، وهذه الأنواع الثلاثة من أنواع العبادة لله عز وجل ، وفيها رد على الصوفية الذين يقولون : نحن لا نعبد الله رغبة في ثوابه ولا خوفًا من عقابه ، وإنما نعبده محبة له فقط ، هذا كلام باطل ؛ لأن الأنبياء يدعون الله رغبًا ورهبًا وهم أكمل الخلق .