شرح ثلاثة الأصول وأدلتها – الشيخ د. محمد أمان الجامي – رحمه الله –

عدد الملفات المرفوعه : 4

 

الفوائد المنتقاة :

عدم جواز نسبة المعرفة إلى الله والفرق بين المعرفة والعلم: ما الفرق بين العلم والمعرفة ؟ لماذا فسر الشيخ العلم بالمعرفة ؟ – قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب في ثلاثة الأصول : المسألة الأولى العلم : وهو معرفة الله – المعرفة أعم من العلم، العلم خاص بما لم يسبق بجهل لذلك يستعمل في حق الله تعالى العلم ، ولا تستعمل المعرفة في حق الله ؛ لأن المعرفة هي المسبوقة بجهل أي : الإدراك المكتسب بعد إن لم يكن ، إذاً بالنسبة لنا يقال له : علم ويقال له معرفة ، وفي حق الله تعالى يقال له : العلم فقط  (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش1).
معرفة النبي ﷺ المعرفة الشخصية ومحبته المحبة الذاتية دون المحبة الشرعية لا تفيد : ومعرفة نبيه تبعثك على تصديق كل ما أخبر ، معرفة توجب طاعته وتصديق خبره ، واتباع هديه ، وتجريد المتابعة له بحيث لا تُعَارَضُ قوله ﷺ بقول أحد ، والذين يعارضون قول رسول الله ﷺ بآراء الرجال وربما يقدمون أراء الرجال على سنة رسول الله ﷺ لم يعرفوا نبي الله حق المعرفة ، من عرف بأنه رسول يطاع ولا يعصى وعبدٌ لا يعبد ونبي لا يكذب ، لا يمكن أن يعارض أقواله وسنته وهديه بأقوال الرجال ، وأراء الرجال ويستدل أحيانا في بعض الأحاديث أنها مخالفة للقاعدة من أين القاعدة ؟ هذه التي تخالفه أو يخالفها هدي رسول الله ﷺ كل ما يسمى بالقواعد والأصول إن كانت مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ مثل هذه الأصول الثلاثة فهي مقبولة وكل ما يسمى بالقواعد والأصول التي يؤصلها بعض الناس ويقعدونها مخالفة للكتاب والسنة فهي مردودة وذلك دليل على عدم معرفتهم برسول الله ﷺ حق المعرفة ، معرفته المعرفة الشخصية ومحبته المحبة الذاتية دون المحبة الشرعية الرسالية لا تفيد وهذا شيء يعلمه كل مسلم وإلا إن بعض الكفار والمشركين كانوا يعرفون أمانته وصدقه، كانوا يعرفون رسول الله ، وكانوا يقدرونه غاية التقدير ولكنهم لم يتبعونه ، ولم يحبوه محبة شرعية فلذلك لم ينفعهم ذلك الموقف كأبي طالب كما نعلم ومعرفة النبي ليس بالأمر الهين ثم محبته شعبة من شعب الإيمان .من معرفة النبي ﷺ أن تحبه أكثر مما تحب نفسك وأهلك ومالك الذي يُحَبُّ لذاته هو الله ليس إلا ولكن النبي ﷺ يحب لله لأنه رسول الله عبد الله الذي اصطفاه للرسالة العامة ، أما المحبة الذاتية إنما هي لله وحده هذا فرق دقيق يجب أن يعلم طلاب العلم كل من يحب دون الله إنما يحب لله ولكن الله يحب لذاته الذي يحب لذاته هو الله وحده ، ومن دونه بَدْأً من رسولهﷺ يُحَبُّ لله لذلك إذا لم تكن محبة الرسول ﷺ لله كأن كانت للقرابة أو كونه عبقري لا تفيد ولم تفد تلك المحبة أبا طالب ، ولم تفد المستشرقين الذين يقدرونه ويطالبون في تقديره لكونه عبقرياً في التاريخ لا لأنه رسول الله ﷺ وهذا معنىً ينبغي أن يتفطن له طلاب العلم (شرح ثلاثة الأصول ش1).
أيما عمل لا يؤخذ مما جاء به الرسول ﷺ لا يسمى إسلاماً وإن أعلن رسمياً : والدين الإسلامي هو ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ، أما بعض التقاليد وبعض البدع التي ابتدعها بعض الناس ثم يسمون إسلامياً كما نسمع هذه الأيام في بعض الدساتير فيقولون التقاليد الإسلامية كالمولد والختمة والذكر والتهليل وغير ذلك أسماء لغير مسمياتها كل ذلك من الإسلام إذا قالوا الذكر من الإسلام فلا يعنون الذكر الشرعي المراد بالذكر هناك مجالس يجتمع فيه الناس ويذكرون بالالفاظ المفردة الله لا يذكرون الله بالتهليل والتكبير والإستغفار والأذكار الشرعية يبدؤون بالله وينتهون بالله الله الله الله ويسمونها مجالس الذكر ، وهذه المجالس يجب أن تكون من الدين ، ومن ينكر المجالس ينكر الدين ، وهو المراد بالتهليل أيضاً وبالختمة ما يفعل من البدع عند ختم القرآن ، والتوسل المراد به عندهم هو الإستغاثة بالصالحين ودعوة الصالحين والطواف بقبور الصالحين والنذر لهم يسمونه توسلاً إذا جمعت بعض الناس هذه العناوين ، وقدموها للمجتمع على أن هذا هو الإسلام هذا تضليل وجهل مركب منهم ، وإن كانوا على علم ولكن لينالوا المكانة عند الشعوب فهو تضليل وتجهيل وتلبيس للناس لعقيدة الإسلام ، وحقيقة الإسلام : هو الاستسلام لله والإنقياد له بالطاعة والعبادة ، وكل ذلك لا ينفع إلا إذا كان مأخوذ من مشكاة النبوة ، وأيما عمل لا يؤخذ مما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ودرج عليه الصحابة لا يسمى إسلاماً وإن أعلن رسمياً إنه من الإسلام . (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش1).
أنت عبد والعبد يقف عند أمر سيده وسيدك أمر أن لا تحلف إلا به على لسان رسوله ﷺ : والعصر هو المقسم به فالله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة فيما خلق ، وفيما شرع في أحكامه في قضاءه وقدره حكيم يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ولا يسأل عما يفعل يقسم وكثيراً ما يقسم بمخلوقاته ، ومع ذلك أرسل رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام وبين لنا أننا نحن العباد لا يجوز أن نقسم إلا بالله ، ولكن الله قد يقسم بمخلوقاته ، وليس للعباد أن يقيسوا أنفسهم على رب العالمين فيقسمون ببعض المخلوقات قائلين لأن الله يقسم بالعصر والليل والضحى ، ونحن لماذا لا نقسم ؟ ؛ أنت عبد والعبد يقف عند أمر سيده فسيدك هو الله أرسل إليك سيد الناس أجمعين محمد ﷺ فأخبرك أن العبد لا يقسم إلا بالله { من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت } متفق عليه إذ العبد ممنوع من أن يقسم بغير الله ولو كان أشرف المخلوقين محمد ﷺ ، لا يجوز للناس أن يقسموا بالرسول ﷺ ولا ببيت الله ، ولا بأحد من خلق الله من الأنبياء والملائكة والأولياء والصالحين ،كل ذلك لا يجوز ، ولكن الله يقسم بما يشاء لحكمة يعلمها (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش1).
من يدعوا هذه الدعوة العامة الشاملة لابد أن يؤذى ؛ ولا بد : وتواصوا بالحق ، الحق ما جاء به الرسول ﷺ ، والحق لا يتعدد ، واحد ، (وتواصوا بالحق) يدعوا بعضهم بعضاً إلى الحق إلى العقيدة ، إلى تصحيح العقيدة ، إلى تصحيح العبادات ، إلى تصحيح المعاملات ، إلى التقيد بالشريعة في عبادتهم وأحكامهم واقتصادهم وسياستهم وجميع أعمالهم ، (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) ، من يدعون هذه الدعوة العامة الشاملة ويحاول أن تتقيد الناس بالدين الإسلامي الذي جاء به رسول الله – عليه الصلاة والسلام – في عقيدتهم في عبادتهم في معاملتهم في سياستهم واقتصادهم وغير ذلك ، لابد أن يؤذى ولا بد ، ولكن الله لطيف في باب الإذاء ، يلطف بعباده إذا علم الله من العبد الصلابة والقوة في إيمانه إبتلاه إبتلاءاً عظيماً وسلط عليه أعداءه ليصفيه وليرفع درجته ، وإن أعظم الناس بلاءاً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، وإن علم الدقة الضعف في إيمانه لطف به وخفف عليه الإمتحان والبلاء كحالنا كما ترون وانظروا إلى من قبلنا من الدعاة المصلحين بدأً من الأنبياء وأنظروا إلى حالنا، أولئك ابتلوا ذلك الإبتلاء لأن الله علم في إيمانهم القوة والصلابة ولفطف بنا ورحمنا وخفف عنا الإمتحان والإبتلاء لما يعلم منا من الرقة والضعف في إيماننا إنه بعباده لطيف خبير سبحانه  (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش1).
العابد لا يجوز له أن يبدأ بالعبادة إلا بعد العلم : البدء بالعلم قبل القول والعمل هذا دليل على مكانة العلم وأن العابد لا يجوز له أن يبدأ بالعبادة إلا بعد العلم ، وأن الواعظ والمعلم والمرشد لا يجوز له أن يتصدى لذلك قبل العلم ، أي يجب أن يدعوا الناس إلى ما يعلم ، وينصح الناس فيما يعلم ، ويعلم الناس ما يعلم ، وما لم يعلم يعتذر بقول الله أعلم ، أما العابد الذي يريد أن يعبد الله على جهل معرضاً عن العلم في زعمه ملازماً للصفوف الأول ومبكراً إلى المساجد ومعرضاً عن العلم هذا قد استولى عليه الشيطان وأبعده عن العلم ، يجب أن يُنصح بعض الذين يجتهدون في العبادة وينقطعون إلى العبادة معرضين عن التعلم وجامدين على ما عندهم ومقدسين لأنفسهم والمخدوعين المغرورين بعبادتهم على جهل ، أقول هذا القول ليسمع بعض الصالحين العباد الذين هم على جانب كبير من الجهل ، وربما بعض الزوار وبعض الغرباء عندما يرونهم في الصفوف الأول يحسبونهم من طلاب العلم ويسألونهم أسئلة فيجيبونهم على جهل ، قد يستحي أن يقول : الله أعلم ولكنه يفتي بجهل فيضل ويضل ، لذلك ننصح إخواننا العباد أن يخصصوا أوقاتاً لطلب العلم وأوقاتاً للعبادة إذا يسر الله أمرهم وتفرغوا للعبادة وليس هناك ما يشغلهم فليقسموا أوقاتهم إلى العبادة وإلى طلب العلم ، فليركزوا على طلب العلم ، فليعلموا أن تعلم العلم الديني عقيدةً وأحكاماً وخصوصاً في العبادة من العبادة ، طلب العلم الشرعي من العبادة ، العبادة أنواع ليست العبادة مجرد الصلاة ، وليست العبادة مجرد اتباع الجنازة وليست العبادة مجرد الوصول إلى الصف الأول العبادة أنواع ، نوّع عبادتك ، وأبدأ بالأهم ، الأهم العلم ، اطلب العلم ، والعلم هو الذي يسهل لك العبادة ويجعلك تتذوق العبادة وتحس للعبادة ذوقاً ، وإلا سوف لا تنفعك عبادتك خذها نصيحة (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش1).
وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً : قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [ الجن : 16 ]، لفظة أحداً نكرة واقعة في سياق النهي أو النفي المعنى واحد ، النكرة إن وقعت في سياق النفي أو سياق النهي أو سياق الإستفهام الإنكاري تفيد العموم فلا تدعو مع الله أحداً كائناً من كان ، لا تستغث بأحد غير الله بنبي بملك بعبد صالح هؤلاء عباد الله كلهم يرجون رحمه الله ، فلا يستغاث بهم ، ولا يدعون ، ولا يذبح لهم ، ولا ينذر لهم ، ولكنهم يحبون في الله ، فالصالحون نحبهم في الله من الأنبياء ومن بعدهم ، ونتقرب إلى الله بمحبتهم ، ومحبتهم عمل صالح يتقرب به العبد إلى الله ، محبتهم شيء ودعوتهم والاستغاثة بهم والذبح لهم شيء آخر مغاير تماماً ، حبهم في الله طاعة ، وحبهم مع الله شرك ، فرّق بين الحب في الله وبين الحب مع الله ، إذا أحببت الصالحين في الله لأجل الله لكونهم صالحين ما أحببته إلا لكونه صالحاً تقياً ملتزماً متمسكاً عمل صالح تتقرب به إلى الله ، لكن إن غلوت فيه غلواً وأحببته مع الله ، تعامله معاملة الخالق ، تستغيث به وتدعوه وتجهر باسمه كما تقول يا الله تقول يافلان هذا هو الحب مع الله من أكبر الشرك  (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش2).
من أدعى أنه موحد وأنه مطيع للرسول إن صحت سوف تمنعه من أن يحب من كان عدواً لله : من أدعى أنه موحد وأنه مطيع للرسول عليه الصلاة والسلام إن صحت هذه الدعوة سوف تمنعه من أن يحب من كان عدواً لله ، من يشاقق الله يخالف الله ويخالف رسول الله ﷺ ولو كان أقرب قريب …. ، لو كان والده أو ولده . (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) سورة المجادلة ، من هذه النقطه يجب أن نتريث ونفهم الحقائق لكي لا يتعجل بعض الشباب ، الكفار قسمان : قسم يقال له الكافر الحربي : الذي العلاقة بيننا وبينهم الحرب ، وليس بيننا وبينهم أي علاقة ، عداوة وحرب هؤلاء يجب قتالهم ، ولا تجوز موالاتهم بل لاتجوز مجاملاتهم ومداراتهم لأنه كافر حربي وإلى ذلك تشير الأية الكريمة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) هؤلاء الكفار الحربيون ، وهناك كافر غير حربي ذمي ، الكافر الذمي لايجوز قتله ويجامل ويدارى ولا يداهن ، ويعامل في المعاملة الدنيوية نبيع منه ونشتري ، نقرضه ونستقرض منه ، نعامله هذه المعاملة ونشتري منهم الأسلحة ونبيع لهم ما لدينا من السلع ؛ طالما هو غير محارب لنا إذا كان ذميًا وفي حكم الذمي المستأمن ، ومن بيننا وبينهم الهدنة في أيام الهدنة يعاملون هذه المعاملة ، ولكن الذي يجب أن يفهمه الطلاب : فرق بين المعاملة وبين الموالاة ، فالمولاة هي المحبة القلبية لايجوز لك أن تحب الكافر كائناً من كان ، وتحرم مودتهم ومحبتهم ونصرتهم ولكن إذا كان غير حربي لاتحرم معاملتهم ومداراتهم ومجاملتهم ، وإذا كنا نحس أن بعض الكفار في حكم الحربيين ، ليس بحربيين فعلاً ولكنه في حكم الحربي لأنه ظهير للكافر الحربي الذي بيننا وبينه الحرب ظهيراً له ومعيناً له إن كنا قادرين على محاربته حاربناه ، وإلا نأخذ بالإستعداد (وَأَعِدُّوا لَهُم) ، أما كوننا أن ندخل معهم في الحرب ونحن غير معدين وغير مستعدين للقتال معهم هذه ليست بشجاعة ؛ هذا تهور ، لابد من الاستعداد من قبل ، قبل الحرب معهم ، وهذا موقف المسلمين اليوم مع الدول الكبرى كما يسمون وهم إما حربيون أو في حكم الحربيين ، ولكن المسلمين عاجزون من مقاومتهم ومن محاربتهم لأنهم لم يعدوا أنفسهم بعد ، فعلى المسلمين أن يعدوا أنفسهم لمصانع حربية كمصانعهم ، حتى يكونوا قوةً قادرة على حربهم ، وأما أن نقف عند مصانع الكبريت ومصانع المكرونه ، ما عندنا مصانع حربية عاجزون عجز القادرين على التمام ليس بعاجزين مادياً ولا من حيث الرجال ولكن يسمى عجزنا عجز القادرين على التمام ولم أرى في الخلق عيباً كعجز القادرين على التمام هذا هو عجزنا قبل أن نعد أنفسنا فلنقف عند حدنا ، وإلا يستبيحون بيضتنا ، ولكن نعد أنفسنا إعداداً من جديد ، الشاهد : يجب أن نفرق في موقفنا بين الكافر الحربي وبين الذمي ، والذمي غير موجود اليوم ، وبين المستأمن والمعاهد وصاحب الهدنة ، هؤلاء كلهم يعاملون معاملة خاصة ، ولكن من حيث المودة والمحبة كلهم على حدٍ سواء لاتجوز موادة ومحبة وموالاة الكفار ، ولو كان أحد الوالدين أو كليهما لذلك علمنّا ربنا سبحانه وتعالى كيف نعامل الوالدين الكافرين ، قال تعالى : (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) إذا كان الوالدان لايطاعان إذا دعا الولد إلى الشرك وإلى الكفر وإلى معصية الله ورسوله، ولكن لايمنع ذلك مصاحبتهما بالمعروف ، ومصانعتهما والإحسان إليهما ومن برهما لعل ذلك يكون سبباً لدخول الإسلام  (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش2).
الفرق بين الخوف الطبيعي وخوف العبادة الذي صرفه لغير الله شرك أكبر : والخوف ينقسم إلى قسمين : خوف عبادة وخوف طبيعي ، خوفك من الأسد وخوفك من العدو وتهرب منه ، وقد تخرج من بلدك خوفاً من جبار أو عدو هذا الخوف خوف طبيعي ، وليس خوف عبادة ، لا يؤثر ، إنما الخوف خوف العبادة الخوف السري كخوف المريد والدرويش من الشيخ ، شيخ طريقته يخاف منه من سره يخشى أن يطلع الشيخ على ما في ظميره فيضره في إيمانه في نفسه في أهله وماله وربما يخاف من الشيخ أن يسلب إيمانه أي الدراويش ، والمريدين يؤمنون بمشايخهم أشد من إيمانهم بالله رب العالمين ويخافون من شيوخهم أشد من خوفهم من الله يفعلون ما يشاؤون مما يسخط الله ولا يبالون اعتماداً على سعة رحمة الله يقولون : الله أرحم الراحمين يرحم يغفر ولكن الشيخ أبداً لا يرحم ، إذا اطلع على ما في ضميرك أبداً لا يرحمك ، أين الإيمان أين الإسلام مع هذا الاعتقاد ؟ ، وهذا الذي نقوله ليس من أساطير الأولين ، في كثير من الأقطار يجلس المريد أمام الشيخ جلسة الكلب أمام سيده مطأطئً رأسه على الأرض خائفاً يكاد أن يضع يده على قلبه ليحافظ على ما في صدره لئلا يصدر بقلبه خاطر لايرضي الشيخ فيهلك هذا هو خوف العبادة الذي هو الشرك الأكبر ، من بلغ به الخوف من الشيء إلى هذه الدرجة فهو مشرك شركاً أكبر [ وإن ] صلى و صام (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش3).
إنما يحكم على الإنسان بالكفر دون تردد بالنسبة لمن تبين له الحق : وهذا ما يجب على طلاب العلم اليوم أن يصححوا هذه العقائد المدخولة فيها كثيرٌ من الأخطاء ، أخطاء منتشرة بعقائد عوام المسلمين في أكثر الأقطار الإسلامية يعيشون على هذه العقيدة إذاً هم بحاجة إلى تصحيح عقائدهم ، وقبل أن تصحح عقائدهم ، وقبل أن تقوم عليهم الحجة ببيان الحق نرجو أن يعذروا ، لأنهم يجهلون أن هذه الأنواع من العبادة ويحسبون أن هذا العمل من محبة الصالحين ومن أنواع التوسل بالصالحين ، إذاً لم يتبين لهم الحق وإنما يحكم على الإنسان بالكفر دون تردد بالنسبة لمن تبين له الحق (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) هؤلاء هم الذين يحكم عليهم بالكفر أما الذين لم يخالفوا الله ورسوله بعد أن تبين لهم الهدى وبعد ما تبين لهم الحق ولكن ظناً منهم أنهم على الحق وأنهم على الهدى ولم يجدوا طلاب علمٍ وعلماء يبينوا لهم ذلك نرجو أن يعذروا ، ولكن في مثل هذه الانفتاحات العامة إذا علموا وسمعوا بواسطة المذياع ووسائل أخرى عليهم أن يبحثوا ويجتهدوا ليخرجوا من هذه الجاهلية إلى الإسلام الصحيح . (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش3).
قال تعالى : {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175)} سورة آل عمران ، لابد من أخذ الآية بمنطوقها ومفهومها ، المنطوق إن كنتم مؤمنين خافونِ ، والمفهوم من لم يخف الله ويفرده بالخوف منه ليس بمؤمن ، وهذا الخوف خوف عبادة كخوف السر ، أما الخوف الطبيعي كأن يخاف الإنسان عدوه الذي هو أقوى منه ، ويخاف من النار ، ويخاف من الأسد هذا يسمى خوف طبيعي لا خوف عبادة ، الخوف الذي هو يعتبر شركاً إذا صرف لغير الله تعالى : كأن تخاف من مخلوق خوف السر أي لا تخاف من ضربه وبطشه ، ولكن تخاف من أن يؤثر فيك بسره بكرامته كما يسمون وهذا هو الشرك الأكبر ، وهذا المعنى يقع فيه كثير من عوام المسلمين الذين يتربون في أحضان المتصوفة الذين يربون الناس على الإعراض عن الله والخوف من عباد الله ، ويجعلون أنفسهم وسطاء بين العباد وبين رب العباد ، ويحثونهم أن يخافوا من المشايخ ويرجوهم ويتملقوا لهم وليس عليهم شيء بعد ذلك هم أهل الجنة ، طالما يخلص الخوف والرجاء والرغبة للشيخ فهو من أهل الجنة ، يعني يدعوه إلى الكفر ثم يعده بالجنة تناقضات عجيبة (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش3).
من نوى التقرب إلى الله بالذبح لغيره فهي جيفة ميته : قال تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ) سورة الأنعام ، الشاهد ونسكي ، النسك هو الذبح ، النسك أنواع من الذبح يتقرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى بإراقة الدم في يوم العيد بذبح الهدايا والأضحية ، وكذلك السنة المشروعة في العقيقية هذه من أنواع الذبائح التي تعتبر عبادة ، ولو ذبح شاة لأولاده أو لضيوفه لا يعتبر ذلك عبادة أي ليس كل ذبح عبادة؛ إنما الذبح الذي يقصد به التقرب لا يكون إلا لله ، ما معنى صرف الذبح لغير الله تعالى ؟ ، وهذا شئ معروف لدا جمهور عوام المسلمين إلى يومنا هذا كثير منهم إذا سافر أو رجع من السفر بالسلامة ولا سيما في سفر الحج بادر بكبشه إلى الشيخ إما يذبحه في بيته باسم الشيخ ومحبة الشيح وتقرباً إلى الشيخ أو يأخذه إلى ضريحه فيذبحه عند الضريح زاد الطين بله ، هذه الذبائح لا يحل أكلها ، ولو قال عند قطع الرقبة باسم الله طالما تقرب بهذه الذبيحة إلى غير الله ، التلفظ بالبسملة كلمة جوفاء يقولها عند قطع الرقبة بسم الله لا تفيده ؛ لأنها إنما ذبحت لغير الله فليفهم هذا جيداً ، من تقرب بذبيحة من الذبائح سواء ذبحها في بيته أو عند قبر الشيخ طالما أخذ ونوى التقرب بهذه الذبيحة إلى غير الله تعالى فهي جيفة ميته (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش4).
قال تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) سورة الإنسان ، النذر عبادة غريبة بمعنى لم يحث الشارع على النذر بل حث على عدم النذر فقال – عليه الصلاة والسلام- فيه : { إن النذر لا يأتي بخير } رواه مسلم ، (إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) رواه مسلم ، البخيل الذي لا يتصدق يخرج الله من يده بالمرض يمرض أو يمرض ولده فيقول : إن شفى الله مريضي أو إن رد الله علي ضالتي أو نجح ابني في الدور الأول أذبح لله تعالى كبشاً أطعم الفقراء كان بخيلاً لا يجود ، لكي يذبحه ويطعم به الفقراء أخرج الله من يده هذا الكبش بهذا النذر، إذاً النذر لا يأتي بخير، وجه غرابته وندارته ومخالفته لسائر العبادات لم يحث الشارع على النذر ولكن أوجب الوفاء، من نذر وجب عليه الوفاء {من نذر أن يطيع الله فليطعه} رواه البخاري ، لكن ابتداء ليس محل الحث ، ولكن عند الإيفاء واجب ايفاء النذر  (شرح ثلاثة الأصول ش4).
رسول الله ﷺ له الطاعة المطلقة غير مقيدة وطاعة غيره من المخلوقين مقيدة : والانقياد له ﷺ بالطاعة ، فرسول الله ﷺ له الطاعة المطلقة غير المقيدة ، وطاعة غيره من المخلوقين مقيدة كطاعة ولاة الأمور وطاعة الوالدين هذه مقيدة ، أما طاعة الرسول ﷺ طاعة مطلقة (أطيعوا الله وأطيعوا والرسول) ، عطف طاعة الرسول ﷺ على طاعة الله تعالى وأعاد الفعل (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وعند ذكر أولي الأمر لم يعد الفعل ، لأن طاعتهم تابعة لطاعة الله تعالى وطاعة رسوله – عليه الصلاة والسلام – ، أما إذا أمر الرسول ﷺ أو نهى لا نبحث عن وجود ذلك في الكتاب نطيعه طاعة مطلقة ولو لم يرد المأمور به على لسان الرسول – عليه الصلاة والسلام -في القرآن ، ولو لم يرد المنهي عنه على لسان الرسول ﷺ في القرآن وجبت علينا طاعته ، هذا هو معنى الطاعة المطلقة وأمثلة ذلك يعرف من يدرس الأحكام الفقهية لأن في الأحكام أحكام جاءت في الكتاب وهناك أحكام انفردت بها السنة ، ولا فرق بينهما كذلك في باب الأسماء والصفات ، صفات اتفقت عليها نصوص الكتاب والسنة وصفات جاءت في السنة فقط ولم يأتي ذكرها في الكتاب ، لانتوفق عند تطبيقها على ورودها في الكتاب ، وهذه نقطة مهمة يجب أن يعلمها طلاب العلم، لألا يظنوا أن السنة قد لا تنفرد بل السنة قد تنفرد ، السنة تأتي موافقة وتأتي مؤسسة وتأتي مؤكدة (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش5).
احذر ممن يدعوك إلى ترك العلم الشرعي والإندفاع إلى الجهاد : الوصول إلى هذه الدرجة الإحسان ليست بالحكاية كما نحكي ، ولكن بالعمل ، وقل من يصلون إلى هذه الدرجة ، درجة الإحسان لا يصل المرء إلى هذه الدرجة إلا بالعلم واليقين والصبر ، لذلك نحث شبابنا الطبيين الذين يرغبون كثيراً في الجهاد ويقولون في هذه الأيام ما العلم وما العلم ، الجهاد الجهاد ، نصيحتنا لهم هذا غرور وخديعة شيطانية ، أيما فكرة وأيما جماعة وأيما شخص يحثك على ترك العلم والاندفاع إلى الجهاد يزين لك ما ظاهره عملاً صالحاً ، ليس بصالح ، لاتعرف درجة المجاهدين ولاتصل إلى درجة المجاهدين ودرجة الإحسان والقرب من الله إلا بالعلم ، العلم هو الطريق ، قد يزين لك بعض الناس الجهاد وتنقطع عن العلم ، تدور سنة سنتين الجهاد الجهاد لا جاهدت ولا تعلمت ، هذا واقع كثيرٌ من الشباب تزيين من الشيطان ، اجتهد في تحصيل العلم وفي بعض فرصك اذهب فجاهد ، تدرب أولاً وتعلم ثم جاهد ، هكذا يفعل كثيرٌ من الشباب المخلصين الذين نرجو أن يكونوا مخلصين وهم يجاهدون من وقتٍ لآخر في صمت تام ، دون جعجعة ، أما اتخاذ الجهاد شعاراً أجوف ـ الجهاد الجهاد ـ هكذا كان يفعل بعض الناس ، ولما اندلعت الحرب في أفغانستان وقام الجهاد انكشفوا ، تلك ظاهرة حقيقة لا يعلمها إلا المجربون ، واسألوا المجربين ، لا تتخذوا الجهاد شعاراً أجوف الجهاد عمل صالح ذروة سنام الإسلام ليس معناه ألفاظ جوفاء ومظاهرات وإعلانات ، لا ، جاهد في سبيل الله سراً اذهب حيث يوجد الجهاد فجاهد وأنت صامت لا يعلم منك ذلك إلا الله (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش5).
تغيير تسمية ما يعبد من دون الله بالصالحين والأولياء لا يغير كونهم آلهة : ولكن المعبود بحق هو الله وحده ، هذا معنى أن الشهادة تشتمل على الكفر والإيمان ، الكفر بما يعبد وبمن يعبد من دون الله ، والإيمان بعبادة الله وحده لا معبود بحق إلا الله وحده ، وأما من عبد وما عبد منذ أن عبدت الأصنام والأوثان إلى يوم الناس هذا عبادتهم باطلة وهم في اللغة يطلق عليهم آلهة كلها آلهة ، والعرب كانت تسميهم آلهة والناس اليوم لما جهلوا اللغة [ لا ] يسموهم آلهة ، يسمونهم مشايخ والصالحين والأولياء والأضرحة والمقامات أسماءٌ مغيرة فهي آلهة ، كل ما عبد من دون الله ولو حجراً أو شجراً أو شيطاناً أو ولياً لا فرق ، أي لا فرق بين أن يعبد الإنسان صالحاً أو يعبد شيطاناً وطالحاً كلها آلهة بالباطل لا تستحق العبادة ولو كانوا من الصالحين . (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش5).
طاعة العلماء ورؤساء القبائل وغيرهم في تحليل وتحريم من اتخاذهم أرباباً من دون الله : قال تعالى : (وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ) آل عمران ، من أطاع العلماء أو المتبوعين أو المشايخ حتى مشايخ القبائل من أطاعهم في سواليفهم الجاهلية البدوية في التحليل والتحريم فقد اتخذهم أرباباً من دون الله، لا تظنوا عندما نقول الحكم بغير ما أنزل الله كفرٌ أن المراد بأن غير ما أنزل الله القوانين المستوردة من الخارج فقط ، لا ، ولو حكم الإنسان بالعادات والتقاليد والسواليف المحلية في التحليل والتحريم لافرق بين ذلك وبين القوانين المنظمة التي تستورد من الخارج من الشرق والغرب، طالما صدر الحكم بغير ما أنزل الله فهو حكم جاهلي فهو كفر، قد يقع أهل البادية في كثير من الأقطار في التحليل والتحريم بسواليفهم من حيث لا يشعرون، ويقعون في الحكم بغير ما أنزل الله، في بعض الأقطار وفي بعض الأجناس مثلاً الإرث خاص بالرجال، وفي بعضهم الإرث للولد البكر فقط هو الذي يرث الأب المال كله له، وفي بعض الأقطار تحريم بنت العم وبنت الخالة وبنت العمة جائزة ، وهكذا تجد سواليف وعادات تحرم وتحلل ومشايخ القبائل هم الذين يحكمون في ذلك على جهل وإعراض عما جاء به رسول الله ﷺ ، كل ذلك حكم بغير ما أنزل الله ، ومن الطواغيت ، (وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)) (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش5)

المسلمون من غير العرب تابعون للعرب : قال تعالى : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} سورة التوبة ، يختلف علماء التفسير هل الخطاب للعرب أو لجميع المسلمين ، الجمهور على أن الخطاب للعرب لأنهم أول من وفد عليهم الإسلام، وهم يعتبرون أساتذة لغير المسلمين لغير العرب، أي المسلمون من غير العرب تابعون للعرب، لذلك إذا عز العرب وتمسكوا واهتدوا، الناس تبعٌ لهم، وإذا انحرفوا الناس تبعٌ لهم أيضاً في الانحراف وهذا واقع (ش5).

قال الله تعالى : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (128)} سورة التوبة ، رسولٌ من أنفسكم يختلف علماء التفسير هل الخطاب للعرب أو لجميع المسلمين ، الجمهور على أن الخطاب للعرب لأنهم أول من وفد عليهم الإسلام، وهم يعتبرون أساتذة لغير المسلمين لغير العرب، أي المسلمون من غير العرب تابعون للعرب، لذلك إذا عز العرب وتمسكوا واهتدوا، الناس تبعٌ لهم، وإذا انحرفوا الناس تبعٌ لهم أيضاً في الانحراف وهذا واقع ، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ) من جنسكم ليس بملك ولا بجني لو كان كذلك لاستوحشتم منه ، لكن رحمة منه سبحانه وتعالى ولإقامة الحجة عليكم جعله منكم يتكلم بلغتكم ، تعرفون من هو وأبن من هو ، ومن أي قبيلة ومن أي بلد تعرفون منه كل شيء (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) يعز عليه ما يوقعكم في العنت ، (حَرِيصٌ عَلَيْكُم) حريص على هدايتكم وعلى إيمانكم وعلى استقامتكم ، (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) قدم الجار والمجرور (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) ، وأما بالنسبة لغير المؤمنين الرسول ﷺ والذين معه (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الفتح، إنما هو رحمة للمؤمنين ، بالمؤمنين رؤوف رحيم بالمؤمنين فقط دون غيرهم ، نأخذه من تقديم المعمول على العامل كما تقدم ، (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) وصف نبيه ﷺ بأنه رؤوفٌ رحيم ، الله سبحانه وتعالى رؤوفٌ رحيم ، وكيف ذلك؟ ، وهل المخلوق يوصف بصفات الخالق ؟، بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ، بغلام عليم ، بغلام حليم ، كثيرٌ من الناس يرتبك في مثل هذا ، فلتعلموا بأن الاشتراك في اللفظ وفي المعنى العام لا يضر بل أمر لابد منه ، الاشتراك باللفظ كالرحمة والرأفة والعلم والسمع والبصر ، السمع والبصر من أبرز صفات المخلوقين وهي من صفات الخالق صفات ذاتية ، لكن هل ضر ذلك وهل أوقع ذلك في التشبيه والتمثيل ؟ ، لا ، لأن سمع الله غير سمع المخلوق أي حقيقة سمع الله غير حقيقة سمع المخلوق ، حقيقة بصر الخالق غير حقيقة بصر المخلوق ، كذلك حقيقة رحمة الله ورأفته وعلمه وملكه وعزه وعظمته ، كثيراً ما يستنكر بعض الناس لماذا يسمى المخلوق ملك ؟ ، الله سبحانه وتعالى هو الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، الملك الملك المالك كالعلم والعالم والسميع والبصير هذه الأسماء إطلاقها على المخلوق لا يوقع في التشبيه ، بالاختصار : الاشتراك إنما يقع قبل أن تضاف الصفات إلى الموصوفين قبل أن تضاف صفات الخالق إلى الخالق وصفات المخلوق إلى المخلوق، وهذا يسميه علماء الكلام: (المطلق الكلي) عندهم لاوجود له إلا في الذهن، أما في الخارج لا يوجد كل ما يوجد في الخارج يوجد خاصة ، هل تتصور علماً قائماً هكذا ليس علم زيد ليس علم خالق ولا علم مخلوق ، علمٌ قائم بنفسه وحده لاوجود له هذا يسمى (المطلق الكلي) الذي لا وجود له في الخارج إلا أن الذهن يتصور ذلك العلم، لكن إذا أضيف علم الله إلى الله وسمع الله إلى الله وبصر الله إلى الله وعلم المخلوق إلى المخلوق وسمعه إليه وبصره ورحمته لا اشتراك لا يدعو للاشتراك لأن الإضافة خصصت ، إذا قلت علم الله، علم خاصٌ بالله بمواصفاته علم محيطٌ بجميع المعلومات علمٌ لم يسبق بجهل ، علمٌ لا يطرأ عليه غفلة أو نسيان، علمٌ قديم قدم الذات، هل علمٌ كهذا هل يمكن أن يشترك فيه مخلوق ؟، لا ، إذاً اختص بالله، إذا قلنا علم زيد ، فعلم زيد علم مكتسب مسبوق بجهل قاصر ، غير محيط بجميع المعلومات، فالله منزه أن يشارك المخلوق في مواصفاته وحقائقه وخصائص علم المخلوق، وهذه النقطة مهمة وهي سبب انزلاق علماء الكلام، لما لم يستطيعوا التفريق منهم من قال : «لا نتصور إلا كما نتصور في المخلوق ، إذاً صفات الخالق كصفات المخلوق» ، منهم من قال : لا ، إذا أردنا التوحيد ننفي الصفات، نثبت ذاتاً مجردة ليست موصوفة بصفات، انزلقوا جميعاً ، وهدى الله أتباع محمد ﷺ الذين اقتفوا به بأثره وسنته وبما جاء به ولم يلتمسوا الحق في غير كتاب الله ولم يلتمسوا الهدى في غير سنة رسول الله ﷺ ، هداهم الله وأثبتهم على هذه الجادة ولله الحمد والمنة (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش5).

وجوب صيام رمضان ودليله: ودليل الصيام قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة . من أين نأخذ الوجوب ؟، لفظة (كُتِبَ) مع (عَلَيْكُمُ) تفيد الوجوب أن الله أوجب عليكم الصيام (كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) ، أما الذين قبلنا كيفية صيامهم لا نعلم إنما نشترك في الجملة في وجوب الصيام علينا ، نعلم صيامنا بالتفصيل ، ولكن صيام من قبلنا لا نعلم بالتفصيل ، (كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي لكي تتقون ، لكي يكون الصيام وقاية بينكم وبين عذاب الله وغضبه ، لأن الصيام يكون سبباً للتقوى، لأنه يترك لله شهواته طعامه وشرابه لذلك أضاف الله الصيام إلى نفسه { كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي} متفق عليه، إضافة عظيمة .

الفتاوى :

معنى كلمة التجديد في قولنا المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب : كلمة التجديد ، نحن سمينا أو سماه من عرفه قبلنا كما هو واقعه محمد بن عبدالوهاب أنه من المجددين ، يتسائل بعضهم عن معنى التجديد ، ماهو التجديد ، الجواب : التجديد ينقسم إلى قسمين : تجديد هو المراد بالأثر الوارد : (إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها) وهذا التجديد وارد وواقع ، وله معنى سليم بعد أن يُفهم المعنى ، معنى هذا التجديد ليس أن يأتي المجدد بأمر جديد وبدين جديد ، وبأحكام جديدة وعقائد جديدة ، وإنما معناه : أن يجدد للناس مفهومهم الفاسد ، لأن بناء الإسلام قائم ، تم ، وآخر لبنة تم بها ذلك البناء هو رسول الله ﷺ ، والبناء قائم لا ينهدم حتى يرث الله الأرض ومن عليها وما عليها ، وكل الذي يحصل يحصل في مفاهيم الناس ومواقف الناس مع طول المدة وبعد العهد وقلة العلم وكثرة الجهل يحصل تغيير وتبديل وانحراف في مفاهيم الناس ، وفي مواقفهم من الدين الذي جاء به رسول الله ﷺ ، كالذي حصل في عهد المأمون العباسي في مفهوم التوحيد ، عندما اتصل به بعض المعتزلة فأغووه ، ففسر التوحيد عندهم بنفي الصفات ، وفسر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالخروج على ولاة الأمور ، وفسر العدل بأن يوجبوا على الله أن يفعل ما هو الأصلح للعباد يجب وجوبًا ، وجعلوا مرتكب المعاصي غير مؤمن ، وهكذا تغيرت المفاهيم ، وسخروا بكلام الله القرآن قالوا أنه خلق من خلق الله وليس بكلام الله ، هنا قيض الله لهذه الأمة من يكون سببًا لحفظ العقيدة ، وامتحن المأمون أو دعا إلى امتحان كثير من العلماء ، إلا أنه هلك قبل أن يتم له ما يريد ، وامتُحن الأئمة لتنفيذ هذا المخطط في عهد المعتصم والواثق الخليفة الثامن والتاسع أي بدأت المحنة والفتنة في عهد المأمون الخليفة السابع ، واستمرت في عهد المعتصم بالله والواثق بالله ، هؤلاء الخلفاء الثلاثة أرادوا أن يغيروا مفهوم التوحيد ومفهوم كثير من الدين ، فقيض الله لهذه الأمة من يحافظ لهم على عقيدتهم وهو الإمام أحمد بن حنبل ، حيث لم يوفق غيره منهم من مات قبل أن يصل إلى غرفة الإمتحان ، ومنهم من تظاهر بالموافقة ظاهرًا وقلبه إن شاء الله مطمئن بالايمان ؛ ولكن الذي صمد وصدع بالحق هو الإمام أحمد ، من هنا يتبين معنى التجديد ، إذًا التجديد ليس معناه الإتيان بأمر جديد ، ولكن ردّ الناس إلى الدين إلى المفهوم الصحيح للدين كأنهم فهموه من جديد بعد أن جهلوا أو تجاهلوا أو نسيوا أو انحرفوا بعد ذلك صاروا كأنهم فهموا من جديد الدين ، هذا هو معنى التجديد ، وذلك ما فعله أيضًا الإمام ابن تيمية في القرن السابع عندما جُهل منهج السلف على الغرم من تجديد وجهاد الإمام أحمد إلا أن الله لم يقيض له – ابن تيمية – مؤازرًا يتبنى دعوته ويدافع عنها وينشرها بين الناس ، بل تشتت السلفيون في زوايا الدنيا حتى جُعل منهج السلف جهلاً وصار ينتسب إليهم من ليس منهم ، ويُفسر منهج السلف بتفاسير كما يُفسر الإسلام اليوم بتفاسير كثيرة ، في هذا الوقت بعد أن جهلت الناس أو كادت تجهل ذلك المنهج الذي جاء به رسول الله ﷺ وسار عليه الصحابة وجدده ابن حنبل جُهل من جديد ، اشتغلت الناس بدراسة الفلسفة وعلم الكلام تشجيعًا من الخلفاء الثلاثة الذين تقدم ذكرهم حتى طغى علم الكلام على المنهج السلفي عند ذلك قيض الله فظهر فجأة كما يقول المقريزي ، ظهر في القرن السابع فجأة بدمشق الإمام ابن تيمية وصدع بالحق ، وهاجم جميع الفرق المنتسبة إلى الإسلام المنحرفة عن الإسلام ، فأظهر الله به الحق ولكنه مرة أخرى لم يُقيض له مؤازر ، لم تحض دعوته وتجديده وتصليحه الواسع بمؤازر يتبنى هذه الدعوة ويدافع عنها وينشرها بين الناس ، بل إن ذلك الإنتاج العظيم الفريد الذي لا مثيل له فيما نعلم كتب ابن تيمية هاجرت من الديار الإسلامية إلى أوروبا وغيرها من دول الكفر ، فبقيت مهجورة لعدم المؤازر القوي الذي ينشر تلك العقيدة ، ويطبع تلك الكتب لتطلع الناس على تلك الكتب فتستفيد ، بقيت تلك الكتب مهجورة إﻷى عهد التجديد الثالث على يد ابن عبدالوهاب ، هذا التجديد المبارك وفق بمؤازر قوي دافع عن الدعوة ، ونشرها ، وتبناها ، فاستفاد التجديد الأول والثاني من التجديد الثالث إذ طبعت تلك الكتب العظيمة التي كانت مهجورة في عهد التجديد الثالث ، وانتشر العلم والمعرفة في هذا العهد ، تبين من هنا معنى التجديد ، أن كل واحد منهم إنما جدد للناس المفهوم الذي فسد ، وردّ الناس إلى المفهوم الصحيح ، هذا هو التجديد المعني عندما يقال : فلان مجدد ومصلح ، أما التجديد بمعنى : الإتيان بشيء جديد كأن يدعي مصلح ما أنه يأتي بقواعد ولوائح وأصول يؤصلها من عند نفسه بصرف النظر هل هي موافقة للسنة أم لا ، ويتزعم هذا التجديد ويسمي نفسه رأيسًا أو زعيمًا لهذا التجديد ، ويتبعه الناس على أنه تجديد لفلان وجماعة لفلان ونظام لفلان بصرف النظر أن ذلك التجديد موافق للسنة أو مخالف ؛ هذا هو التجديد المذموم لأن هذا معناه : الإبتداع ،الإتيان بأشياء جديدة في الإسلام لا عهد للمسلمين الأولين بها هذا التجديد ما تدعو إليه كثير من التنظيمات المعاصرة وهذا باطل ، هذا معنى التجديد (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش2).
السؤال : ما الفرق بين العلم والمعرفة ؟
  • 1444/03/08
  • مشاهدات : 759
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري