فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ إِذَا بُغِيَ عَلَيْهِ وَأُوذي، وَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ خُصُومَه، شَيْءٌ أَنْفَعَ لَهُ مِنَ التَّوْبَةِ النَّصُوح، وَعَلَاَمَةُ سَعَادَتِه، أَْنْ يَعْكِسَ فِكْرَهُ وَنَظَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَذُنُوبِهِ وَعُيُوبه، فَيَشْغَلُ بِهَا وَبِإِصْلَاحِهَا وَبِالْتَّوْبَةِ مِنْهَا، فَلَا يَبْقَى فِيهِ فَرَاغٌ لِتَدَبُّرِ مَا نَزَلَ بِه، بَلْ يَتَوَلَّى هُوَ التَّوْبَةَ وَإِصْلَاحِ عُيُوبِه، وَاللهُ يَتَوَلَّى نُصْرَتَهُ وَحِفْظَهُ وَالدَّفْعِ عَنْه، وَلَا بُدّ، فَمَا أَسْعَدَهُ مِنْ عَبْد، وَمَا أَبرَكَهَا مِنْ نَازِلَةٍ نَزِلَتْ بِه، وَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهَا عَلَيْه، وَلَكِنَّ التَّوْفِيقَ وَالرُّشْدَ بِيَدهِ سُبحانه، لَا مَانِعَ لِما أَعْطَى، وَلَا مُعطِيَ لِما مَنَع، فَمَا كُلُّ أحَدٍ يُوَفَّقُ لِهَذَا، لَا مَعْرِفَةً بِه، وَلَا إِرَادَةٌ لَه، وَلَا قُدْرَةٌ عَلَيْه، وَلَا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلَّا بالله.