ما هو الفرق بين الاتباع والابتداع – الشيخ : ابن باز – رحمه الله –
السؤال : ما هو الفرق بين الاتباع والابتداع؟
الجواب : الاتباع: هو اتباع الشرع، اتباع ما جاء به الرسول ﷺ من الأوامر والنواهي، يقال له: اتباع؛ لأن الله قال: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) [الأعراف:3]، وقال جل وعلا: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [الأعراف:158].
فنحن مأمورون باتباع النبي ﷺ وباتباع القرآن، فالتمسك بالقرآن بما قال الله، والتمسك بما قال الرسول ﷺ أو فعل هذا هو الاتباع، السير على منهاج النبي ﷺ وطريقه في الأوامر والنواهي هذا يسمى الاتباع وهو واجب في الواجبات مستحب في المستحبات.
وأما الابتداع فهو إحداث شيء في الدين لم يأذن به الله، يعني: إحداث عبادة ما شرعها الله، هذه يقال له: ابتداع؛ لقول النبي ﷺ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ولقوله ﷺ: (شر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة).
فلو أن إنسانًا صلى صلاة زائدة على الخمس قال: نبي نصلي ست حطها ست، إنا ندور الخير نحط ست إذا جاءت الساعة أربع من النهار أو خمس من النهار بعد طلوع الشمس قبل الظهر يصلي سادسة، هذه بدعة وباطلة ولا يجوز له أن يفعلها ولا يدعو الناس إليها بنية إنها فريضة يعني: يدعو الناس إليها، أما بنية إنها صلاة الضحى يصلي الضحى لا بأس مستحبة، أما يجعل سادسة يؤذن لها ويقيم لها ويدعو الناس إليها هذا منكر بدعة. أو يقول: السجدتين ما تكفي نحط سجدة ثالثة في الركعة.. نزيد سجدة ثالثة هذه بدعة إذا تعمدها تبطل الصلاة. أو قال: نحط ركوع ثاني كل ركعة فيها ركوعين، هذا بدعة إلا في صلاة الكسوف فيها ركوعان صلاة الكسوف. وهكذا لو قال: نجعل ليلة من الليالي محل عبادة نصلي فيها عشر ركعات عشرين ركعة ليلة الجمعة أو ليلة الخميس من كل أسبوع هذه بدعة، لا يخص ليلة من الليالي بشيء ما شرعه الله، أو ليالي مولد.. مولد النبي ﷺ أو مولد فاطمة أو الحسين أو البدوي أو الصديق أو عمر نجعله احتفال نصلي فيه نتحدث فيه ونذكر فيه هذه بدعة؛ لأنها ما شرعها الله ورسوله.
فالابتداع هو إحداث عبادة ما شرعها الله قولية أو فعلية، يقال لها: بدعة لأن الله ما شرعها . ومن ذلك ما فعله الناس في البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب يزعمون أنها قربة ودين هذه بدعة؛ الرسول ﷺ نهى عن البناء على القبور، فالبناء عليها بدعة من وسائل الشرك، كذلك تجصيصها بدعة، إذا جصصتها يتقرب إلى الله بذلك هذه بدعة؛ لأن الرسول نهى عن تجصيصها عليه الصلاة والسلام؛ لأنها وسيلة للشرك.
فهكذا كونه يتوسل بأصحاب القبور يقول: أسألك بأصحاب القبور أو أسألك بجاه النبي ﷺ أو بحق النبي ﷺ بدعة، أو أسألك بجاه الصالحين بدعة، أما لو قال: أسألك بحبي لك أو بإيماني بك أو بإيماني برسولك أو بأسمائك الحسنى هذا طيب، … هذه وسيلة شرعية.
فالبدع ما أحدثه الناس في الدين وهو ما شرعه الله ولا رسوله، هذا يقال له: بدعة، والاتباع هو السير على المنهج الذي شرعه الله لعباده، وجاء به رسوله ﷺ، هذا يقال له: اتباع. نعم.