السؤال : يقول السائل: هل يبدأ الطالب في دراسة الفقه بكتب الفقهاء أو بكتب أحاديث الأحكام؟.
الجواب:
فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-: هذا السؤال يتكرر دائمًا، وأنا أذكر بدايات ظهوره بكثرة يوم أن ظهر الحدَّاد وتكلَّم على كتب الفقه ونال ما نال منها، ومن جماعته من تبعه على ذلك من جماعته، فالسؤال كان من قبل يأتي لكن على أوقات وقد كثر السؤال عنه.
وعلى كل حال إجابتنا القديمة هي اليوم ما تغيَّرت كلاهما طريق مسلوك هذا وهذا فيتفقَّه عليهما جميعًا، الفقه هو الكتاب والسنَّة، والأخذ بكتاب الله وسنَّة رسول الله-صلى الله عليه وسلَّم-على الطريق الصحيحة في التفقُّه هذا لا بد أن يقرأ فيه كتب أصول الفقه على يد شيخ متقن في هذا الفن فيتمرَّس ويتدرَّب على كيفيَّة التفقُّه الصحيح.
ويقرأ في كتب الفقه وخصوصًا الكتب التي تعنى بذكر الأدلَّة، فسواء قرأ بهذا أو بهذا فهما طريقان مسلوكان.
وموقفنا من كتب الفقه المذهبيَّة التي صنِّفت في فقه المذاهب، أنا قد نقلته قديمًا لَمَّا جاءت شيء من الفتنة في هذا الباب في كتابي (الإقناع) ذكرت كلام العلَّامة الشيخ سليمان بن العلَّامة عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب-رحمهم الله جميعًا وأدخلهم الجنَّة بغير حساب ولا عذاب-.
فالشيخ سليمان في تيسير العزيز الحميد أورد عليه سؤالًا وأجاب عليه في هذا الباب، قال: فإن قلت: كيف تقرأ هذه الكتب في الفقه-كتب المذاهب-وكيف يستفاد منها؟، فقال: قلت: هي بمثابة كتب الآلة التي يستعان بها على فهم كتاب الله وسنَّة رسول الله-صلى الله عليه وسلَّم-، يعني: تعرف كيف الفقه-تتفقه-من خلال الأدلَّة. أمَّا ان تجمد عليها وإذا قيل لك: الدليل في كذا، قلت: المذهب كذا أو الكتاب الفلاني كذا، قال: فهذا يخشى عليه أن ينطبق عليه أو يكون مِمَّن قال الله فيهم: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)(التوبة:31). فإذا تفقَّه الإنسان على كتب الفقه التي ذكرنا فلا بأس هذا طريق مسلوك، وإذا تفقَّه على كتب متون الحديث على ما هو شائع في العمدة ونحوها عمدة الحديث هذا أيضًا والبلوغ هذا طريق مسلوك، المقصود هو الفقه الصحيح، الذي قال النبي-صلى الله عليه وسلَّم-في صاحبه: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ…) والإمام أحمد-رحمه الله-يقول: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يتركون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان. ويقول: رأي مالك والأوزاعي وسفيان كله رأي وهو عندي سواء إنَّما الحجة في الآثار.
فهذا الذي يجب على طالب العلم يتفقَّه سواء بهذا أو بهذا، ولكن إذا ظهر له الدليل عن رسول الله-صلى الله عليه وسلَّم-في المسألة لا يجوز له أن يعدل عنه لقول أحد كائنًا من كان.