ملف الفتوي الصوتي عدد الملفات المرفوعه : 1

خطأ الدعاة الذين يذكرون مآسي المسلمين ويغفلون عن أسباب وقوعها – الشيخ : صالح اللحيدان

السؤال : تسأل تقول ما رأي فضيلتكم في ما يقوم به بعض الدعاة اليوم التي من شأنها أن تثير الشباب المتحمس لدينه وذلك بالإكثار من ذكر مآسي المسلمين ، والاضطهاد الذي يتعرضون له ، أو الذي يتعرض له بعض المسلمين مع إغفال جوانب مهمة منها : أن هؤلاء المسلمين قد يكونون مسلمين بالاسم لديهم بدع مكفرة ، ويحتاجون إلى دعوة إلى الله ، وأيضًا في ذكرهم في جانب الخوف من الله -عز وجل- ؛ يذكرون بعض من كان يعنِّف الأمراء ، ويناصحهم علانية مما يشعر بأن هذا هو الطريق الصحيح في معاملة الولاة مع أن هؤلاء الدعاة يُغفِلون جوانب مهمة مما تحتاجه العامة ؟


الجواب : أولًا لم تنزل المآسي ، ولم تحل النكبات ، والنقم إلا بسبب انحرافات المسلمين ؛ فالمسلمون كثير من المتنسكين من البلاد الإسلامية المتنسك قد لا تكون عنده العقيدة الصافية ، إما لا يتبرأ من كثير من الشركيات حتى إن بعض ممن يكتب في تفسير القرآن يخلط التفسير بأشياء شركية ؛ ذكر المآسي ينبغي أن يعرف أيضًا ما هي أسبابها الله يدافع عن الذين آمنوا لو استقام الناس عن الحنيفية السمحة استقامةً حقًا ما تسلط عليهم متسلط ، ولكن نسوا الله فنسيهم .
الداعية ينبغي أن يولي العقيدة أي : صحة العبادة أكبر همه ؛ لأن أعظم ما ينبغي أن يعتنى به إخلاص العبادة لله -جل وعلا- وإتقانها ، وصدق المتابعة في أدائها لرسول الله -ﷺ- أي أن تؤدى كما كان يؤديها ، وأما الحديث في سياسة ، وما الذي حصل على بلد كذا أو بلد كذا لا شك يؤلمنا هذا ، ويؤلم كل مسلم ، لكن إذا فكر في العواقب مثلًا وجد لا أحد يستنكر الاستغاثة بغير الله إلا ما ندر بل يجد أن الناس ينذرون للقبور ، ويذبحون لها ، وفي الشدائد كما قال : شيخ الإسلام يشركون في أيام الشدائد ، ولو فزع الناس بصدقٍ إلى الله -جل وعلا- بالتجاء له ، وتحقيق التوحيد في عبادتهم لوجدوا من الله نصرًا مبينًا ، وأما الانتقاد للولاة أولًا الإنسان ينبغي أن يكون متعقلًا من كان يريد الإصلاح فليحاول أن يصل إلى من يريد منه أن يكون سببًا في الصلاح ؛ فإذا لم يقدر لا يأتي إلى مسجدٍ من المساجد ثم يقول هؤلاء فعلوا ، وهؤلاء فعلوا ، هؤلاء الذين يخاطبهم هذا الإنسان لا يقدرون على تغيير شيء ، وإذا كان الأمر نصحًا ؛ فإن نصح المنصوح ينبغي أن يكون في حال السر ؛ جاء في الأثر من نصح أخاه سرًا ؛ فقد زانه ، ومن نصحه علانيةً فقد شانه أي : أنه فضحه بما وصف فيه من عيوب ويريد أن يتخلى عنها ، ومخاطبة الولاة ومكاتبتهم ينبغي أن تكون على قدر كبير من الأدب ، والتذكير ، والحث على مراقبة الله دون تعنيف ؛ فإن الرفق واللين يأتي بهما من الخير ما لا يأتي بأي عنف ، والقرآن أكمل داعٍ للأدب الله -جل وعلا- لما أمر موسى وهارون يذهبا إلى فرعون قال فقولا له قولًا لينا ، ما قال : وبخاه وقولا وقولا ، ولما خاطبه موسى -عليه السلام- ؛ موسى يعلم أن الله حافظه أن الله قال : إنني معكما أسمع وأرى لا تخافا ؛ فإذا تأمين الله لهما لا يخافا أن يقتلا ، ولذلك فرعون ما قال لأقتلنك ؛ السحرة قتَّلهم ، وموسى ما قال : لأقتلنك قال: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} قال : {أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ} قال : {فأتِ به}.
أما السحرة ؛ بأنه يعلم أنهم غير محفوظين بما حفظ به موسى -عليه السلام- ؛ خرجت عن المقصود يبدو لي بدون قصد ، إنما هذه السائلة قد أحسنتْ في عرض هذا السؤال .

ينبغي للإنسان أيضًا في نصحه وإرشاده ، أن يكون لطيفًا وألا يكون عنيفًا أن يكون رفيقًا في خطابه لمن ينصحه من أهل العلم أو من الولاة ، أو من الأثرياء ، أو من أهل بيته ؛ فإنه بالرفق والإحسان واللطف يصل إلى كثير مما يريد بخلاف ما سوى ذلك ، نعم.


  • (شرح كتاب القواعد الأربع).

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1442/08/05
  • مشاهدات : 638
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري