ملف الفتوي الصوتي عدد الملفات المرفوعه : 1

هل كل من وقع في بدعة يكون مبتدعًا

السؤال : هل كل من وقع في بدعة يكون مبتدعًا؟.


الجواب: إن الله – سبحانه وتعالى – قد أمرنا بالإتباع، فقال – جل وعلا – : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)، قال ﷺ: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) فأمر بالإتباع ونهى – عليه الصلاة والسلام – عن الابتداع، وما ذلك إلا لأن البدعة ضلالة في الدين، ينكرها كل من عرف رسول الله ﷺ واتبع سنته، ولا شك أن الوقوع في البدعة أمره أعظم من الوقوع في المعصية، ولذلك كثر تحذير السلف من البدع، وكثر تحذيرهم من أهلها أيضًا، وذلك لضررها على الناس في العاجل والآجل.

فالنبي ﷺ أسوة هؤلاء الأئمة الأخيار، فإنه قد حذر من البدع قبل حدوثها، فإذا كان رسول الله ﷺ قد حذر من البدع قبل حدوثها، وكان إذا ذكرها اشتد صوته واحمر وجهه ﷺ ، فكيف بمن أدركوا هذه البدع!؟، فمن الواجب عليهم أن يكونوا أشد في هذا الجانب لأنهم قد اصطلوا بنارها أو رأوا من اصطلى بنارها.

بعد هذه المقدمة أقول : من وقع في بدعة لا يكون مبتدعًا مباشرةً، لأن الإنسان قد تعرض له العوارض، وقد يقع بسبب الجهل، لا يعلم أن هذا محدث، ويرى الناس يعملونه فيعمله معهم، وقد يقع بسبب فتوى بعض العلماء المضلين، فيظن أن هذا هو الدين وهو جاهل.

والنبي ﷺ يقول: (من أُفْتِيَ بغير علم فإنما إثمه على من أفتاه)، على خلاف في تصحيح هذا الحديث بين العلماء أيضًا، فالشاهد أن هذا الذي أفتى قد يضله وهو لا يعلم، وهذا الحديث وإن كان قد اختلف فيه إلا أن الذي يترجح عندي أنه حسن، ويشهد له قول الله – تبارك وتعالى – : (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على أن الإنسان قد يقع بسبب قلة علمه بالبدعة، بسبب هؤلاء الأئمة المضلين، وعلماء السوء، نسأل الله العافية والسلامة.

ونحن لا نعجل على الإنسان حتى نبين له الحق والهدى، متبعين في ذلك قول ربنا – تبارك وتعالى – : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)، والله – سبحانه وتعالى – توعد من ترك طريق رسول الله ﷺ بعد تبينها له ومعرفته أيضًا هو لها، ثم بعد ذلك ينكص على عقبيه، ومن وقع في البدعة فإنا لا نعجل عليه حتى نأخذ ونعطي معه، ونتكلم معه ونبين له الحق ونزيل عنه الشبهة التي ربما أدت إلى وقوعه فيها، فإذا عاند وكابر في ذلك فما المانع أن يكون مبتدعًا، لا مانع من ذلك.

فإن من ارتكب غير طريق رسول الله ﷺ فهو لا يخلوا من أحد ثلاث حالات: 1 – إما أن يرتكب غير طريق النبي ﷺ البدعة الكبرى ويخرج إلى الكفر.

2 – وإما دون ذلك البدعة المضللة وإن لم يكفر.

3 – وإما يخالف سبيل الرسول ﷺ فيقع في المحرمات من الشهوات، عياذًا بالله من ذلك.

ونحن نقول إذا تبين لنا أنه معاند بعد ما أقيمت عليه الحجة فلا مانع من تبديعه.


  • (الأجوبة المدخلية على الأسئلة العراقية).
  • 1443/06/22
  • مشاهدات : 178
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري