ولما رأيت القوم لا ود فيهم … وقد قطعوا كل العرى والوسائل
وقد صارحونا بالعداوة والأذى … وقد طاوعوا أمر العدو المزايل
وقد حالفوا قوما علينا أظنة … يعضون غيظا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة … وأبيض عضب من تراث المقاول
وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي … وأمسكت من أثوابه بالوصائل
قياما معا مستقبلين رتاجه … لدى حيث يقضي حلفه كل نافل
وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم … بمفضى السيول من إساف ونائل
موسمة الأعضاد أو قصراتها … مخيسة بين السديس وبازل
ترى الودع فيها والرخام وزينة … بأعناقها معقودة كالعثاكل
أعوذ برب الناس من كل طاعن … علينا بسوء أو ملح بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة … ومن ملحق في الدين ما لم نحاول
وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه … وراق ليرقى في حراء ونازل
وبالبيت حق البيت من بطن مكة … وبالله إن الله ليس بغافل
وبالحجر المسود إذ يمسحونه … إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل
وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة … على قدميه حافيا غير ناعل
وأشواط بين المروتين إلى الصفا … وما فيهما من صورة وتماثل
ومن حج بيت الله من كل راكب … ومن كل ذي نذر ومن كل راجل
وبالمشعر الأقصى إذا عمدوا له … إلال إلى مفضى الشراج القوابل
وتوقافهم فوق الجبال عشية … يقيمون بالأيدي صدور الرواحل
وليلة جمع والمنازل من منى … وهل فوقها من حرمة ومنازل
وجمع إذا ما المقربات أجزنه … سراعا كما يخرجن من وقع وابل
وبالجمرة الكبرى إذا صمدوا لها … يؤمون قذفا رأسها بالجنادل
وكندة إذا هم بالحصاب عشية … تجيز بهم حجاج بكر بن وائل
حليفان شدا عقد ما احتلفا له … وردا عليه عاطفات الوسائل
وحطمهم سمر الصفاح وسرحه … وشبرقه وخد النعام الجوافل
فهل بعد هذا من معاذ لعائذ … وهل من معيذ يتقي الله عاذل
يطاع بنا العدى وودوا لو اننا … تسد بنا أبواب ترك وكابل
كذبتم وبيت الله نترك مكة … ونظعن إلا أمركم في بلابل
كذبتم وبيت الله نبزى محمدا … ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله … ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم في الحديد إليكم … نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
وحتى ترى ذا الضغن يركب ردعه … من الطعن فعل الأنكب المتحامل
وإنا لعمر الله إن جد ما أرى … لتلتبسن أسيافنا بالأماثل
بكفي فتى مثل الشهاب سميدع … أخي ثقة حامي الحقيقة باسل
شهورا وأياما وحولا مجرما … علينا وتأتي حجة بعد قابل
وما ترك قوم لا أبا لك ، سيدا … يحوط الذمار غير ذرب مواكل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاف من آل هاشم … فهم عنده في رحمة وفواصل
لعمري لقد أجرى أسيد وبكره … إلى بغضنا وجزآنا لآكل
وعثمان لم يربع علينا وقنفذ … ولكن أطاعا أمر تلك القبائل
أطاعا أبيا وابن عبد يغوثهم … ولم يرقبا فينا مقالة قائل
كما قد لقينا من سبيع ونوفل … وكل تولى معرضا لم يجامل
فإن يلقيا أو يمكن الله منهما … نكل لهما صاعا بصاع المكايل
وذاك أبو عمرو أبى غير بغضنا … ليظعننا في أهل شاء وجامل
يناجي بنا في كل ممسى ومصبح … فناج أبا عمرو بنا ثم خاتل
ويؤلى لنا بالله ما إن يغشنا … بلى قد نراه جهرة غير حائل
أضاق عليه بغضنا كل تلعة … من الأرض بين أخشب فمجادل
وسائل أبا الوليد ماذا حبوتنا … بسعيك فينا معرضا كالمخاتل
وكنت امرأ ممن يعاش برأيه … ورحمته فينا ولست بجاهل
فعتبة لا تسمع بنا قول كاشح … حسود كذوب مبغض ذي دغاول
ومر أبو سفيان عني معرضا … كما مر قيل من عظام المقاول
يفر إلى نجد وبرد مياهه … ويزعم أني لست عنكم بغافل
ويخبرنا فعل المناصح أنه … شفيق ويخفي عارمات الدواخل
أمطعم لم أخذلك في يوم نجدة … ولا معظم عند الأمور الجلائل
ولا يوم خصم إذا أتوك ألدة … أولي جدل من الخصوم المساجل
أمطعم إن القوم ساموك خطة … وإني متى أوكل فلست بوائل
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا … عقوبة شر عاجلا غير آجل
بميزان قسط لا يخس شعيرة … له شاهد من نفسه غير عائل
لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا … بني خلف قيضا بنا والغياطل
ونحن الصميم من ذؤابة هاشم … وآل قصي في الخطوب الأوائل
وسهم ومخزوم تمالوا وألبوا … علينا العدا من كل طمل وخامل
فعبد مناف أنتم خير قومكم … فلا تشركوا في أمركم كل واغل
لعمري لقد وهنتم وعجزتم … وجئتم بأمر مخطئ للمفاصل
وكنتم حديثا حطب قدر وأنتم … الآن حطاب أقدر ومراجل
ليهنئ بني عبد مناف عقوقنا … وخذلاننا وتركنا في المعاقل
فإن نك قوما نتئر ما صنعتم … وتحتلبوها لقحة غير باهل
وسائط كانت في لؤي بن غالب … نفاهم إلينا كل صقر حلاحل
ورهط نفيل شر من وطئ الحصى … وألأم حاف من معد وناعل
فأبلغ قصيا أن سينشر أمرنا … وبشر قصيا بعدنا بالتخاذل
ولو طرقت ليلا قصيا عظيمة … إذا ما لجأنا دونهم في المداخل
ولو صدقوا ضربا خلال بيوتهم … لكنا أسى عند النساء المطافل
فكل صديق وابن أخت نعده … لعمري وجدنا غبه غير طائل
سوى أن رهطا من كلاب بن مرة … براء إلينا من معقة خاذل
وهنا لهم حتى تبدد جمعهم … ويحسر عنا كل باغ وجاهل
وكان لنا حوض السقاية فيهم … ونحن الكدى من غالب والكواهل
شباب من المطيبين وهاشم … كبيض السيوف بين أيدي الصياقل
فما أدركوا ذحلا ولا سفكوا دما … ولا حالفوا إلا شرار القبائل
بضرب ترى الفتيان فيه كأنهم … ضواري أسود فوق لحم خرادل
بني أمة محبوبة هندكية … بني جمح عبيد قيس بن عاقل
ولكننا نسل كرام لسادة … بهم نعي الأقوام عند البواطل
ونعم ابن أخت القوم غير مكذب … زهير حساما مفردا من حمائل
أشم من الشم البهاليل ينتمي … إلى حسب في حومة المجد فاضل
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد … وإخوته دأب المحب المواصل
فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها … وزينا لمن والاه رب المشاكل
فمن مثله في الناس أي مؤمل … إذا قاسه الحكام عند التفاضل
حليم رشيد عادل غير طائش … يوالي إلاها ليس عنه بغافل
فوالله لولا أن أجيء بسنة … تجر على أشياخنا في المحافل
لكنا اتبعناه على كل حالة … من الدهر جدا غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذب … لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
فأصبح فينا أحمد في أرومة … تقصر عنه سورة المتطاول
حدبت بنفسي دونه وحميته … ودافعت عنه بالذرا والكلاكل
فأيده رب العباد بنصره … وأظهر دينا حقه غير باطل
رجال كرام غير ميل نماهم … إلى الخير آباء كرام المحاصل
فإن تك كعب من لؤي صقيبة … فلا بد يوما مرة من تزايل