حالُ السَّلَفِ فِي رَمَضَان – الشيخ : رَبيع بن هادِي المَدْخَلي
السؤال: يسأل عن حال السلف في رمضان؟
الجواب:إجابة عن هذا السؤال أقول :معروف حال الرسول الكريم- عليه الصلاة والسلام-، وأنه -عليه الصلاة والسلام – يستعد لهذا الشهر؛فيصوم أكثر شعبان-عليه الصلاة والسلام- :”كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا”، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها-.
ثم يصوم هذا الشهر الكريم -عليه الصلاة والسلام-،ويشتد اهتمامه خاصة في العشر الأواخر منه؛ فإنه كان إذا دخلت هذه العشر، شمر عن ساعد الجد وشد مئزره واعتكف، ويعتكف نساؤه ويعتكف كثير من أصحابه -عليه الصلاة والسلام-، ويقومون بهذه الأعمال العظيمة؛ صيامٌ صحيح وعمل صالح وبذل وإحسان.
وكان الرسول -عليه الصلاة والسلام-جوادا- أجودُ الناس-؛ فإذا جاء رمضان كان أجود من الريح المرسلة-عليه الصلاة والسلام- خاصة إذا جاء جبريل -عليه الصلاة والسلام-، كما في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما-.
وكان رسول الله يقرأ أويعرض القرآن على جبريل في كل رمضان مرة، وفي السنة الأخيرة من حياته الكريمة عرض القرآن على جبريل مرتين، كما في حديث عائشة وأبي هريرة-رضي الله عنهما-، وكان ذلك إشعار بوفاته -صلى الله عليه وسلم-.
فعلى كل حال، السلف كان لهم عناية خاصة بهذا الشهر العظيم، من الإقبال على تلاوة القرآن وعلى كثرة الذكر وعلى الكف عن المعاصي؛لأن الصيام يقتضي ذلك؛ الصيام ما هو فقط صيام عن الطعام والشراب؛ إنما هو كف عن كل ما يبغضه الله -تبارك وتعالى- من المعاصي وغيرها، وإقبال على طاعة الله -عز وجل- وإخلاص لله في هذا العمل -رضوان الله عليهم-.
كما يحكى عن مالك أنه كان يُعلِّم الناس؛ فإذا جاء شهر رمضان، جرد وقته للصيام ولتلاوة القرآن؛فاهتموا بتلاوة القرآن في هذا الشهر الكريم مع تدبره وتأمله والاتعاظ بمواعظه والازدجار بزواجره، وفهم الحلال والحرام، وفهم الوعد والوعيد وما شاكل ذلك من هذا القرآن الكريم، وبهذا تزكوا النفوس وتستنير القلوب؛ هذا -يعني القرآن- هو حياة ونور وهدى كما وصفه الله -تبارك وتعالى-، قال : (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الشورى:52].
وعلى كل حال، السلف الصالح-يعني-إقرؤواجهادهم وصبرهم وإخلاصهم لله وتشميرهم عن ساعد الجد في هذا الشهر الكريم وفي غيره؛يعني نحن لا نذكر في شهر رمضان ثم ننسى ونترك الطاعات في سائر الأشهر، نستمر في مواصلة عبادة الله وقيام الليل والإقبال على الله وسائر الطاعات التي نتقرب فيها في رمضان، لا ننسى.
بعض الناس يقبل على الطاعة في هذا الشهر، فإذا ولّى هذا الشهر، قصّر وتكاسل وتناسى كثيرا من الطاعات،لا ، هذا الشهر لاشك نهتم به أكثر من غيره، ولكن طول العام، طول الحياة يجب أن أكون ذاكراً لله دائماً ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)[الأحزاب:41-42].
فالمؤمن يذكر الله -تبارك وتعالى- دائما، ويطيعه ويتقيه ويخشاه ويراقبه في كل ساعات حياته.
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للقيام والصيام،والقيام بواجب هذا الشهر الكريم والحرص على فضائله.
وكذلك، أسأل الله أن يوفقنا دائما للقيام بطاعته والإقبال على ما يرضيه، إن ربنا لسميع الدعاء.
- [المصدر: (المنتقى من فتاوى فضيلة الشَّيخ رَبيع بن هادِي عمير المَدْخَلي) ج : 2، ص : 337-339]