مسألة الجهة وعدم الجهة التي يثيرها أهل التعطيل والرد عليها – الشيخ : محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –.

السؤال : يقول شيخ الإسلام – رحمه الله – في منهاج السنة النبوية : (لَفْظَ ” الْجِهَةِ ” قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا هُوَ مَوْجُودٌ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا هُوَ مَعْدُومٌ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا مَوْجُودَ إِلَّا الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ، فَإِذَا أُرِيدَ بِالْجِهَةِ أَمْرٌ مَوْجُودٌ غَيْرُ اللَّهِ كَانَ مَخْلُوقًا، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْصُرُهُ وَلَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ فَإِنَّهُ بَائِنٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ .
وَإِنْ أُرِيدَ بِالْجِهَةِ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ، وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَالَمِ ، فَلَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ.
فَإِذَا قِيلَ: إِنَّهُ فِي جِهَةٍ ; إِنْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّهُ هُنَاكَ فَوْقَ الْعَالَمِ حَيْثُ انْتَهَتِ الْمَخْلُوقَاتُ، فَهُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ عَالٍ عَلَيْهِ)(1) .

فكيف نُوفِّق بين قول شيخ الإسلام : (لَا مَوْجُودَ إِلَّا الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ، فَإِذَا أُرِيدَ بِالْجِهَةِ أَمْرٌ مَوْجُودٌ غَيْرُ اللَّهِ كَانَ مَخْلُوقًا) ، وبين أنّ الله – سبحانه وتعالى – ليس في كل مكان ؟ ، وما معنى المكان هنا ، وهل نقول إن المكان مكانان : مكان مخلوق ، ومكان غير مخلوق ؟


الجواب : مسألة الجهة وعدم الجهة يثيرها أهل التعطيل الذين يُنكرون علوَّ الله – عز وجل – ، ويقولون أنّه يلزم من قولكم إنّه عال أن يكون في جهة ، ثم قالوا : يلزم إذا كان في جهة أن يكون محصوراً ؛ فنقول :

أوّلاً : هذا لم يَخُض فيه السَّلف الصَّالح .

ثانيًا : أنّ الرسول قال للجارية : (أين الله؟) ، و(أين) يُستفهم بها عن المكان ، فقالت : في السّماء(2) .

ولا شكّ أنّ الله تعالى في جهة ، لكن هل الجهة يُعنى بها الجهة الوجودية أو الجهة العدميّة ؟ .

إذا كان يُراد بها الجهة الوجودية فهذا مُمتنع على الله – عزوجل – ؛ لأنّنا إذا قلنا جهة وجودية صار داخل العالم ، أمّا إذا قلنا الجهة العدمية فمعناها التي فوق كلّ شيء ، وفوق المخلوقات كُلّه عدم ، فليس هناك شيء يَحصُر الله – عزوجل – ، أو يُحيط بالله ، فهذه لابدّ ثابتة لله ، لأنه ليس هناك إلّا مخلوق موجود أسفل ، وخالق موجود فوق هذا الموجودات ، وهذه جهته .

هذا معنى كلام شيخ الإسلام – رحمه الله – .

أما مكان الله تعالى فهو مكان عدمي ، ليس شيئًا مخلوقًا يَحصُر الله تعالى أو يُحيط به ، وأنت لا تتعب نفسك يا أخي ، قل : الله تعالى فوق كلّ شيء ، وليس فوقه شيء ، وانته ، وليس لنا أن نتجاوز أكثر من ذلك .


(1) – منهاج السنة النبوية لابن تيمية – رحمه الله – (2/323) .

(2) – أخرجه مسلم : كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب تحريم الكلام في الصلاة ، رقم : (537).

  • فضيلة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –
  • انظر في كتاب : ( فتاوى على الطريق ص :33-34 ) .
  • 1441/09/21
  • مشاهدات : 843
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري