من علامات الساعة كثرة الزلازل وارتجاف الأرض بمن عليها – الشيخ الدكتور صالح الفوزان

عدد الملفات المرفوعه : 1

الحمد لله ذي العزة والجلال ، القائل في محكم كتابه : (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ) ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع صحبه والآل وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد : أيها الناس اتقوا الله تعالى ، واعتبروا بما يجري من التغيُّرات في هذه الأزمان من تحول الأحوال ، ومن ترادف العقوبات ، وما ذلك إلا بسبب الذنوب والمعاصي (إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ) من النعمة والصحة وسعة الرزق ما داموا على الطاعة ، (حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) فإذا غيروا ما بأنفسهم من الطاعة إلى المعصية فإن الله يغير عليهم بما يجريه -سبحانه وتعالى- من العبر والآيات والعقوبات لعلهم يرجعون ويتوبون ، فإن لم يتوبوا واستمروا على حالهم فإن الله لا يغير ما بهم من الشدة والعقوبة ، بل يزيدهم من ذلك -ولا حول ولا قوة إلا بالله- ، وأنتم ترون ما يحدث الآن من غلاء الأسعار ، وبوار التجارة ، ونقص الاستثمار في العالم كله ، وفي بلاد المسلمين خاصة ، وترون ما يجري في الكون من تغير الأجواء بالغبار ، والعواصف والرياح المستمرة ، حتى علا الغبار وغطى الأشجار وغطى البيوت ودخل في المنازل ، وأخيرًا ما حدث هذه الأيام حول المدينة النبوية ما حدث من الزلازل وما يُخشى مما هو أشد من ذلك ، من ظهور البراكين والنيران كما حصل هذا في زمان سبق ويُخشى أن يعود وذلك بسبب الذنوب والمعاصي ؛ فالله -سبحانه وتعالى- قال : (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) فالله يجري الآيات والتغيرات الدالة على قدرته -سبحانه وتعالى- وعظيم قوته ، يُجري ذلك ليخوف عباده لعلهم يرجعون ، ومن ذلك كسوف الشمس ، خسوف القمر ، قال ﷺ: (إن الشمس والقمر آيتين من آيات الله يخوف الله بهما عباده ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا – يعني الكسوف – إذا رأيتم منهما ذلك – أي الكسوف والخسوف – فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) ؛ فالله -سبحانه وتعالى- يجري هذه الآيات المروعة لينتبه العباد ، ويتنبهوا لأنفسهم ويصلحوا من أعمالهم ، فإذا لم يتوبوا ولم يغيروا فإن الله يزيدهم من البلاء والفتن ، ويستدرجهم في النعم ، ثم يأخذهم على غرة (مَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)) ، (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) ، هذه سنة الله في الأولين والآخرين : أنهم إذا أذنبوا وخالفوا أمره فإن الله تعالى يعاقبهم وينزل عليهم ما يكرهون حتى يتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه ، فإن لم يتوبوا استدرجهم ثم أخذهم على غرة ، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)) فواجب علينا أن نتوب إلى الله، وأن نحاسب أنفسنا ، وأن لا نتمادى في غفلتنا ، وإعراضنا ، ويكون حظنا من هذه الأحداث إنما هو ترديدها في الأخبار وفي وسائل الإعلام من دون أن نخاف من دون أن نحدث توبة لله -عز وجل- ، من دون أن نحاسب أنفسنا؟! ، يجب على الراعي وعلى الرعية وعلى جميع المسلمين أن يغيروا من أحوالهم من المعصية إلى الطاعة ومن الغفلة إلى الانتباه وحضور القلب ، والتوبة إلى الله -سبحانه وتعالى- ؛ وإلا فالعقوبة أشد وتزداد ، وما عند الله أشد لمن لم يتب إلى الله -سبحانه- ، ولكنه من رحمته ورأفته بعباده لا يعاجلهم بالعقوبة ، وإنما يحدث لهم منها شيئًا فشيئًا لعلهم يتوبون إلى الله فيتوب الله عليهم ويغفر لهم ، ويرفع ما بهم ، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- : (ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة) علينا أن نتوب إلى الله وأن نستغفره ، لقد أجليت ديار من مساكنها الآن ، أجلوا من مساكنهم وخلت منهم ديارهم ، وهجّروا إلى أماكن متفرقة وهم منكم وفيكم وحولكم ، ينتظرون من الله الفرج ، وينتظرون من الله أن يزيل ما بهم ، ونحن معهم ندعوا الله -سبحانه وتعالى- أن يزيل ما بنا وبهم ، وأن ينزل عفوه ورحمته علينا ، وأن يوفقنا جميعًا للتوبة وصلاح العمل ، لكن علينا التوبة والاستغفار ، علينا الرجوع إلى الله ، أرأيتم يا عباد الله أرأيتم أفعالنا ، أرأيتم إضاعة الصلاة ، أرأيتم أن المساجد لا يحضرها إلا القليل ، أرأيتم أن البيوت ملأى من الكسالى ومن الذين يضيعون الصلاة وهم من أبنائنا وهم تحت أيدينا ولا نغار ولا ننكر ، بل ربما يكون صاحب البيت وكبيره يكون موافقًا لهم في أعمالهم ، ويكون كواحد منهم في كسله وفي تثاقله عن طاعة الله -سبحانه وتعالى- ، أرأيتم النساء ماذا حدث منهن من عدم الحياء ، وعدم الخوف ، أرأيتم تبذُّلهن ، أرأيتم تبرجهن ، أرأيتم خروجهن من البيوت كاسيات عاريات ، أرأيتم أرأيتم من أحوال النساء ما تنفطر له القلوب ، أرأيتم أحوال الشباب أو كثير من الشباب وما هم فيه من الأشر والبطر ، وما هم فيه من اللهو واللعب والغفلة ، وما هم فيه من أذية الناس في شوارعهم وفي بيوتهم ، أرأيتم هذه الأمور لكن ماذا عالجنا ، ماذا قلنا، بل إن كثيرًا من الإعلاميين وأصحاب الصحف يحملون على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، يوبخونهم ويتهددونهم ، ويحطون من قدرهم ، أهذا جزاء من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟! ، ومع هذا لا ننكر على هؤلاء الفسقة الذين تطاولت ألسنتهم في النيل من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ومن جهاز الحسبة ، لا ننكر عليهم ولا نبين عوارهم حتى يتضحوا ، وحتى يكفوا ألسنتهم عن من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، إن من هؤلاء من يفسر هذه الأحداث المروعة يفسرها بأنها عادات ، وأنها ظواهر طبيعية ، وأنها لا خوف منها ، وأنها جارية بها العادة وما أشبه ذلك من كلام الجهال ، أو كلام المنافقين أو الملاحدة ، يفسرون هذه الأحداث بأنها لا تدل على غضب الله ، ولا تدل على عقوبة وإنما هي أمور طبيعية ، وهذا ينطبق عليه قوله -سبحانه وتعالى- : (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ) يعني : نستحقها (وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ) يقولون: أنتم سبب يصفون نبي الله ورسوله وأتباعه من المؤمنين بأنهم هم السبب في نزول البلايا ويتشاءمون منهم ، وكذلك نفس الأمر في سفهائنا الآن ، يسفهون أهل الخير ، ويسفهون الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ويقولون : هم السبب في تأخر البلاد وفي تعويق الركب من اللحاق بالعالم وما أشبه ذلك من المقالات ، فنسأل الله -سبحانه- أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، وأن يردّ المسلمين إليه ردًا جميلاً ، وأن يرزقنا وإياهم التوبة ، والإخلاص لله -عز وجل- ، وأن ينبهنا وإياكم من الغفلة ؛ إنها أمور منذرة ، إنها أمور خطيرة ، إنها أمور تنذر بالخطر أن يأتي بعدها ما هو أشد منها -ولا حول ولا قوة إلا بالله- ، لقد جاء في التاريخ – كما ذكر ابن كثير وغيره -في البداية والنهاية- : أنه في سنة 650 للهجرة ظهرت نار في الحجاز حول المدينة في حرة المدينة ، وظهرت براكين ، وسالت أودية بالنار -والعياذ بالله- ، وذابت الحجارة ، وسمعوا اصواتًا كأصوات الصواعق واستمر ذلك أيامًا طويلة حتى ظهر سنى هذه النار في بلاد الشام وأضاءت لها أعناق الإبل في الشام ، وحتى كان أصحاب البيوت في تيماء وغيرهم لا يحتاجون إلى السرج كأنهم في نهار في ظلمة الليل ، حتى استمر ذلك – والعياذ بالله – وأصاب الناس خوف عظيم ، واجتمعوا في المسجد النبوي يستغفرون ويذكرون ويتوبون إلى الله -عز وجل- ، ويتضرعون إليه ، حتى كشف الله ما بهم ، وهذا من علامات الساعة : كثرة الزلازل وارتجاف الأرض بمن عليها ، وانهدام المباني ، وإجلاء الناس من بيوتهم كل ذلك جرى ويجري ويكثر في آخر الزمان ، فقد أخبر -ﷺ- أنه في آخر الزمان تكثر الزلازل في الأرض ، تكثر الخسوف يخسف الله بأماكن عن آخرها ، ويهلك أمم عن آخرها ، تنقطع بهم الأرض وتهتز بهم وترتجف ، تسقط عليهم المباني ، يهربون ولكن لا ينجيهم الهرب -نسأل الله العافية والسلامة- ، فاتقوا الله عباد الله ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (66) لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ  وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)) سورة الأنعام، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الحمد لله على فضله وإحسانه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد : أيها الناس اتقوا الله تعالى واعتبروا بما جرى ويجري من الأحداث المروعة من حولكم ، فإن فيها مزدجرًا لمن كان حي القلب حاضر القلب ، وأما الغافل فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ، تذكروا عباد الله بهذا الزلزال الذي يهدد أهل العيص ومن جاورهم يهددهم ليلاً ونهارًا تذكروا الزلزال الأكبر عند قيام الساعة ، قال تعالى : (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)) سورة الزلزلة ، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) سورة الحج ، فاتقوا الله عباد الله ، أصلحوا أنفسكم ، وأصلحوا من حولكم ، وأصلحوا في بلادكم يصلح الله أموركم ويغفر لكم ذنوبكم ، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد -ﷺ- ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، واعلموا أن الله -سبحانه- أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال : -جل من قائل عليمًا- : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)) سورة الأحزاب ، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم أصلح ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين ، اللهم أصلح ولاة أمورنا وولِّ علينا خيارنا واكفنا شر شرارنا ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان يارب العالمين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه ، واردد كيده في نحره ، واجعل تدميره في تدبيره إنك على كل شيء قدير ، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون ، فاذكرا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم  .


 

الفوائد المنتقاة :

وكذلك نفس الأمر في سفهاءنا الآن يسفهون أهل الخير : قال سبحانه وتعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ) يعني : نستحقها (وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ) يقولون: أنتم سبب يصفون نبي الله ورسوله وأتباعه من المؤمنين بأنهم هم السبب في نزول البلايا ويتشاءمون منهم ، وكذلك نفس الأمر في سفهاءنا الآن ، يسفهون أهل الخير ، ويسفهون الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ويقولون : هم السبب في تأخر البلاد وفي تعويق الركب من اللحاق بالعالم وما أشبه ذلك من المقالات ، فنسأل الله – سبحانه – أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، وأن يرد المسلمين إليه رداً جميلاً ، وأن يرزقنا وإياهم التوبة .

فالله – سبحانه – يجري الآيات والتغيرات ليخوف عباده لعلهم يرجعون : فالله – سبحانه وتعالى – قال : (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)) فالله يجري الآيات والتغيرات الدالة على قدرته – سبحانه وتعالى – وعظيم قوته ، يجري ذلك ليخوف عباده لعلهم يرجعون ، ومن ذلك كسوف الشمس ، خسوف القمر ، قال ﷺ : (إن الشمس والقمر آيتين من آيات الله يخوف الله بهما عباده ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا – يعني الكسوف – إذا رأيتم منهما ذلك – أي الكسوف والخسوف – فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم).

أيها الناس اتقوا الله تعالى واعتبروا بما يجري من التغيرات : أما بعد : أيها الناس اتقوا الله تعالى ، واعتبروا بما يجري من التغيرات في هذه الأزمان من تحول الأحوال ، ومن ترادف العقوبات ، وما ذلك إلا بسبب الذنوب والمعاصي . (إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ) من النعمة والصحة وسعة الرزق ماداموا على الطاعة (حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) فإذا غيروا ما بأنفسهم من الطاعة إلى المعصية فإن الله يغير عليهم بما يجريه – سبحانه وتعالى – من العبر والآيات والعقوبات لعلهم يرجعون ويتوبون ، فإن لم يتوبوا واستمروا على حالهم فإن الله لا يغير مابهم من الشدة والعقوبة ، بل يزيدهم من ذلك – ولا حول ولا قوة إلا بالله – (من علامات الساعة كثرة الزلازل وارتجاف الأرض بمن عليها).

  • 1444/10/18
  • مشاهدات : 479
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري