أيها المؤمنون : العناية بالدعاء ، فإن الدعاء -يا عباد الله – مفتاح كل خير ، وفرج كل مكروب ، ونجاة كل خائف ، وهو سلاح المؤمن ، وهو ينفع في دفع البلاء ورفعه نفعًا عظيما ، بل إن الدعاء عدو البلاء ، يدافعه ويرده ويكون سببًا لوقاية المسلم منه ، وإذا كان البلاء كالسهام فإن الدعاء كالتُّرس الواقي بإذن الله تبارك وتعالى .
ولهذا ينبغي على العبد أن يتترَّس بالدعاء وأن يُعظم الرجاء وأن يكون كثير الالحاح على الله جل في علاه ، قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60] ، ويقول جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة:186]، ويقول جل وعلا: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف:55-56] ، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: ((ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ)).
عباد الله : ولهذا ينبغي على العبد أن يُعنى في هذا المقام – انتشار الوباء – وفي كل مقام بالدعاء عناية عظيمة ؛ لنفسه خاصة ، ولقرابته، ولعموم المسلمين .
وقد صح في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ)) ؛ مما نزل: أي برفعه ، ومما لم ينزل: أي بدفعه ، فهو نافعٌ في هذا وذاك .
ولهذا ينبغي على العبد أن يكثر من الدعاء مع اليقين بالله والثقة به جل في علاه ، ومن الدعوات النافعة في بابنا هذا : ما ثبت في سنن أبي داود وغيره من حديث أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من البرص والجذام والجنون ومن سيء الأسقام» ، وثبت في الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء» ، وثبت أيضا في الصحيح أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ)) .