قال الامام ابن رجب – رحمه الله : وقد اتسع الخرق في هذا الباب ودخل فيه قوم إلى أنواع الزندقة والنفاق ودعوى أن أولياء اللَه أفضل من الأنبياء.
وهذا عند الصوفية جميعًا ، يقولون : مقام النبوةِ في برزخ فويق الرسول ودون الولي ، فالولي عندهم أعلى شيء فوق النبي وفوق الرسول ، يعني أضعف شيء عندهم الرسول وفوقه النبي وفوقه الولي ، الولي فوقهم جميعًا ، فهؤلاء هم الذين زعموا أن الولي أفضل من النبي ، وإذا كان الولي أفضل من النبي فهو أفضل من الرسول ، وهذا من أين جاؤوا به ؟ ، جاؤوا به من الشيطان ، من الجهل الذي أملاه عليهم الشيطان -نسأل الله العافية و السلامة- ، نعم .
أو أنهم مستغنون عنهم ، وإلى التنقص بما جاءت به الرسل من الشرائع …
يعني عن الأنبياء مستغنون عنهم يعني عن الأنبياء وإنما يأخذون علمهم مباشرة عن اللوح المحفوظ العلم اللدنّي ، فيقولون : أنتم أهل الشريعة ، ونحن أهل الحقيقة ، هذا التنقص ، ويقول هو التنقص بما جاءت به الرسل من الشرائع ، صدق -رحمه الله- هذا موجود في عباراتهم حينما يقولون : أنتم علماء الشريعة ونحن علماء الحقيقة ، والحقيقة عندهم أعلى من الشريعة ، ولهذا يقولون أن موسى كان على الشريعة ، أما الخضر فهو على الحقيقة ، وكذبوا والله فكلاهما على الشريعة إذ الخضر دلل على كل ما فعل : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) أراد أن يحدث فيها عيبًا حتى لا يظلمهم هذا الظالم فيأخذ سفينتهم وهم مساكين يشتغلون عليها ، فإذا كانت معيبة لايـأخذها ، ثم (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) ، الجدار : (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) طيب تتمت الآية ؟ ، وقف حمار الشيخ في العقبة ، مايستطيعون يكملونها ، يقول بعض علماء اليمن الشوكاني ومن معه : (هنا وقف حمار الشيخ في العقبة) لاعاد يستطيع يطلع لأنها مرتفعة وضيقة ، ولا يستطيع يرجع إلى الوراء يطيح جبلية ، فوقف حمار الشيخ في العقبة ، انتهى ، كملوا الاية (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) إذًا هو مأمور ولا لا ؟ ، مأمور ، فدل ذلك على أنه نبي يوحىٰ إليه ، وهذا هو دليل الجماهير على أن الخضر نبي -عليه وعلى نبينا وعلى موسى -أفضل الصلاة والسلام – ، (وما فعلته عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبراً) فقوله : (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) يعني : ما هو من عندي بالذوق ولا بالكشف ، ولا بالوَجد ، وإنما أنا أُمرت بأمر ، وبيَّن العلة في كل موقف فعل ، لماذا فعل كذا ، ولماذا فعل كذا ، ولماذا فعل كذا ، فقوله : (عَنْ أَمْرِي) يدل على أن الأمر جاءه بأن يفعل كذا ويفعل كذا ويفعل كذا ، ولهذا في الحديث الصحيح في البخاري وغيره قال : (إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ)(رواه البخاري : 122) ؛ فهذا هو معنى قوله تعالى : (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) الوحي جاءه من الله -تبارك و تعالى- ، وإلاَّ باتفاق الأمة أن موسى أفضل من الخضر ، ومع ذلك خفي عليه فكيف يكون هذا ؟ ، دل ذلك على أن الله -سبحانه وتعالى- قد أوحى إلى هذا الإنسان ، وفي الأمم السابقة يبعث النبي والنبي في وقت ويكون الرجل هذا متعبد بشريعة هذا النبي ، وهذا متعبد بشريعة النبي الآخر يجوز له ذلك ، حتى جاءت شريعة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فنسخت ذلك كله ، ولهذا جاء في نواقض الإسلام العشرة : الناقض التاسع قال : (من أعتقد أنه يسع أحدًا الخروج عن ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر) هذا الناقض التاسع ، والصوفية على هذا ، على الناقض التاسع منقوض إيمانهم بهذا ، لأنهم يعتقدون في هذا العجب ، وابحثوا في كتب التصوف تجدون فيها العجب العجاب ، وأنا قلت لكم قبل أيام فقط لو تنظرون في كتب تراجم من يزعمونهم أولياء لله -تبارك وتعالى- تجد العجب العجاب ، الذي يخطب عريان هذا من كراماته ، رحم الله شيخنا أبا وحيش كان يخطب بنا عاريًا ، ما شاء الله ما شاء الله ، هذه المنقبة ، نعم ، والآخر أكرمكم الله ولا أُزَكِّم مسامعكم ولكن هذا شيء موجود ، وجوده في الطريق يفعل بالحمار ماذا؟ ، قال : لا هو الآن في مركب في البحر انخرقت وهو يسدها ولكن أنتم لاترون هو يرى بعين الحقيقة وأنتم لاترون ، نعم ، وثالث كما في تاريخ البريهي كان هو ومريده على شاطىء البحر الأحمر في اليمن فتمنى أن يأكل خبيصة وهم في ساحل البحر يهلكون جوع ما عندهم شيء ، قال : وكان على الساحل لاشيء عندهما ، قال : فكان معه إناء فأخذ الاناء فقال له : أملأه من هذا ، قال : تراب ، فملأه بشيء من التراب ، قال : ثم بال فيه فكان خبيصة ، قال : كُل ، وشيء شيء من هذا القبيل عجب ، هذا في تاريخ البريهي ، المسمى بطبقات اسمعوا الاسم الفاجر الكاذب ، طبقات الخواص أهل الصدق والإخلاص ، فين الصدق عنهم وفين الإخلاص فيهم ، لاصدق ولا إخلاص -نسأل الله منهم الخلاص ومن أمثالهم- ، فهذا موجود في تاريخ البريهي وعندي أنا قرأته ، والثالث يقول : توضأ بماء الغيب إن كنت قادرًا وصلي صلاة الظهر في آخر العصر فتلك صلاة العارفين بربهم ، قال في شرحها قال : المياه ثلاثة : ماء الغيب ، وماء القدرة ، وماء الملكوت ، يعني طهور وطاهر ونجس ، قلت : طيب الغيظ والقدرة والملكوت هذه كلها شريفة أيها النجس من هذه الثلاثة ، عندهم أقسام المياه ثلاثة : ماء الغيب ، وماء القدرة ، وماء الملكوت ، قلت لهم : احنا عندنا في الشريعة طهور وطاهر وايش ؟ ، نجس ، طيب فإذا كان ماء الغيب ، وماء القدرة ، وماء الملكوت فين النجس فين ؟! هو يقول توضأ بماء الغيب إن كنت قادرًا وصلي صلاة الظهر مدري قال الفجر في آخر الظهر الفجر في آخر الظهر فتلك صلاة العارفين بربهم ، سحقًا وتبًا لهؤلاء العارفين إذا كان الفجر يصليها آخر الظهر أي معرفة هذه ، فنحن نسأل الله المعافية والسلامة ، فهذا من كلام هؤلاء الذين بتنقَّصون ما جاءت به الرسل من الشرائع ويزعمون أنهم هم علماء الحقيقة ، وأما أنتم فأنتم علماء الشريعة ، نعم ، فهذا الكلام من المصنف – ابن رجب – ماجاء من فراغ ، يعرف كتابات القوم ويقرأ في كتابات القوم ؛ فلخصها ، وأشار إليها بهذه الإشارة .