وأصول الفقه فنٌ مهم ، ونحن كما قلت لكم بالأمس أهل السنة والحديث أولى به ، فواضعه الإمام الشافعي ، كما قلنا :
أول من دونه في الكتب محمد ابن شافع المطَّلبي
وقبله كان لهم سليقة مثل ما للعرب من خليقة
يعني في اللغة العربية ، وهناك يقول :
تابعته الناس حتى صار كتبًا صغار الحجم أو كبارًا
في نظم العمريطي ؛ هذه العلوم ما أحلاها ! ، حينما تُحفظ وتُفهم ولكن الناس اليوم يُزهدون الناشئة فيها ، روح لعلم الطب الفَلَك الكيمياء الهندسة فيزياء والأحياء مع أن هذا العلم إذا قام به جملةسقط عن الباقين -فرض كفاية- أما هذا الأصل يجب على كل إنسان أن يعلمه ؛ ما يقوم به دينه واجب على كل أحد ، والتوسع فيه ممدوح ومحمود ومحثوث عليه كل أحد ، والآن العكس أصبح يكفي ثلة قليلة طائفة تتفقه في الدين والباقين ينصرفون إلى الدنيا للأسف فانعكست القضية ، وانعكس المفهوم ، وأصبح عاليها سافلها في هذا الزمان ، بل بعض الأسر كما قيل لي : أنت ما تبغى إلا طريقة أبوك والله ما تؤكلك عَيْشًا ، كأن العلم إنما أُريد لتأكل العيش ؛ العلم إنما أُريد لإحياء القلوب ، والتقريب إلى علام الغيوب -سبحانه وتعالى- ؛ يُطلب العلم للعلم نفسه ، وثق تمامًا أنك ستعلو به وإن رغمت أنوفٌ ! ، كانت أم أبي يوسف تمنعه من أن يأتي إلى أبي حنيفة وأبو حنيفة يتعهده ويعطيه -رحمه الله- المال الذي يُسكت به أمه ! ، ويقول له : يا يعقوب إن أنتَ صبرت على هذا فسوف تأكل به الفالوذج بالفستق على موائد الملوك ؛ فلما جاء يوم من الأيام ضحك أبو يوسف حينما كان مع الخليفة مع الرشيد ، كيف ؟! جاء الخِوان أو المائدة في بيت الخليفة وجاءت الفالوذة بزيت الفستق على الخِوان ! فلما رأى ذلك تذكر شيخه ودعى له فأكل بهذا العلم الذي طلبه لله ورفعه الله به أكل به الفالوذج بالفستق على موائد الملوك ؛ فمن تعلمه لله خالصًا ، والله ليرفعنه الله -جل وعلا- به ؛ أما علوم الدنيا فهذه يكفي أن يقوم بها طائفة من الناس ، والناس يُوجهون إلى علم الشريعة ، لماذا توجه الطاقات والقدرات والإمكانات كلها لعلوم الدنيا ويُزهَّد أهلها وأصحابها في التوجه إلى علم الشريعة ؟ ، يعني لمن يبقى علم الشريعة ؟! للضعفاء من الناس ؟! ماذا سيكون عندنا ؟! فقهاء ضعفاء ما يُحسنون الفهم في دين الله ، فحينئذٍ نجني البلية -نسأل الله العافية والسلامة- ، وما هذا إلا من انتكاسة الفهوم ورين الذنوب على القلوب -نسأل الله العافية والسلامة- نعم.