يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفّار – الشيخ : محمد بن هادي المدخلي

عدد الملفات المرفوعه : 1

بل قال الله – سبحانه وتعالى – كما نعلم جميعًا في آخر سورة الفتح ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ) إلى أن قال : ( ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) فهذا الوعد العظيم من الله -تبارك وتعالى- لهم ما كان إلا لسابقتهم ، ولعظيم فضلهم ، ولعظيم تضحيتهم ، وفدائهم في دين الله -تبارك وتعالى- ونصرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بل إن الصحابة -رضي الله عنهم- الذين خلصت نياتهم ، وصحت سرائرهم ، وصفت -رضي الله عنهم- هذه النيات منهم جاءت أعمالهم أصفى ما تكون ، وجاءت أقوالهم أصدق ما تكون ، وجاءت مواقفهم أبين ما تكون ، وجاءت تضحياتهم أوضح ما تكون ، وجاءت عباراتهم أصدق ما تكون في هذا الباب في النقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولهذا لمَّا جاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وشكوا ما شكوا مما لحقهم في أول الأمر ؛ صبرهم على الشدة التي لحقتهم وقال لهم : “ولكنَّكم قوم تستعجلون” فما شكوا بعد ذلك شدة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تصديقًا منهم لهذا النبي وإيمانًا بالوعد الذي وعدهم به -عليه الصلاة والسلام- فكم لحقتهم من الشدائد بعد ذلك وهم صابرون فجاءت أعمالهم خيِّرة كلها صالحة كلها إذا نظر إليهم الناظر وجد فيهم من الخير ، والحسن ، والبهاء والجمال ، والجلال ، والمهابة والاستقامة ، وحسن الأخلاق ، والأعمال ما يجلهم لأجله ، حتى إنه قيل كما ذكر مالك أنه لما فتحت بلاد الشام ودخلها من دخلها من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت الشام بلاد نصارى في ذلك الحين كان ينظر إليهم أهل الكتاب من النصارى يقولون حينما يرون ما على وجوههم من علامات : الصدق ، والإخلاص ، والإيمان ، والبر ، والإحسان (والله لهؤلاء الذين نُعِتوا لنا في الكتاب وإنهم لخير من الحواريين أصحاب عيسى) فهؤلاء النصارى في الشام كما ذكر مالك -رحمه الله تعالى- عنهم حينما بلغه هذا القول عنهم في شهادتهم لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتبًا لمن كان النصارى أعرف بفضل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- وأعدل معهم منه، إن الروافض كانوا في هذا الباب أخس ، وأحط ، وأحقر من جميع الكفرة الذين ذكروا خاصة في موقفهم من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد صدق هؤلاء النصارى فأنتم ترون الآن تنويه الله بذكرهم ، وعزوه أنه موجود في الكتب السابقة (ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) والشطء هو : فراخه وثماره التي ينتجها فآزر هذا الزرع ، واشتد ، وقوي ، وأخرج هذه الثمار (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) فإذا رأى الزراع هذا الزرع ؛ أعجبه بهاؤه ، وحسنه ، ونباته ، وكيف لا يعجبون من نظر إليهم وهم تربية هذا النبي -صلوات الله وسلامه عليه- ؟! وكيف لا يعجبون من نظر إليهم وهم الذين تأدبوا بكتاب ربهم -تبارك وتعالى- وسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ؟! إن الكتب المنزلة السابقة موجود فيها التنويه كما ذَكر كتاب ربنا -تبارك وتعالى- هنا في هذه الآيات في أخر سورة الفتح كلها شاهدة بفضل هؤلاء الأصحاب -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم- ومن هذه الآية انتزع مالك -رحمه الله- ووافقه كثير من علماء السلف انتزعوا كفر من قال ببغض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبغض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن الله -جلا وعلا- قال : (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ) وهذه إحدى الروايات عن الإمام مالك ووافقه عليها جمع من السلف -رحمهم الله تعالى- .


  • مقتطف من محاضرة : (حق الصحابة).

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1442/04/29
  • مشاهدات : 928
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري