بسم الله الرحمن الرحيم
المقدم : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد : فلا يزال الناس بخير ما كان لأهل العلم وحملته في نفوسهم قدر ومنزلة وتعظيم واكرام ، وإن مما يقيم أهل الإسلام بإذن الله على جادة الحق وقصد السبيل رجوعهم إلى علمائهم واسترشادهم بعلمهم وحكمتهم ، وصدورهم عن فتاويهم في جميع ما يُلم بهم من الحوادث ، وأخذهم عنهم ما يحتاجونه من أمر دينهم الذي أمرهم ربهم أن لا يأخذوه ولا يرجعوا فيه إلا إلى من ذكرهم الله -عز وجل- بقوله : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)(سورة النحل) وأهل الذكر هم أولي العلم بدين الله وشرعه وسنة نبيه وهديه -صلى الله عليه وسلم- ، ومن هذا المنطلق العظيم يطيب لنا ويسعدنا في هذه الليلة أن نكون على موعد عبر الهاتف مع فضيلة الشيخ العلامة الدكتور محمد بن هادي المدخلي -حفظة الله- في كلمة توجيهية من فضيلته إلى أبناءه ومحبيه أهل السنة بمسجد التوحيد بمدينة بارلم الإيطالية ، ولا يفوتنا أن نتقدم بالشكر الجزيل إلى فضيلته على تكرمه وتفضله وبذله من علمه ووقته لإفادة أبناءه في مسجد التوحيد وكذا كل من يسر الله له سماع هذه الكلمة التوجيهية النافعة بإذن الله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، فليتفضل الشيخ جزاه الله خيراً وبارك الله فيه وفي علمه .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والأخرين ، وقيوم السموات والأرضين ، شهادة أرجوا بها النجاة يوم الدين ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور إن ربنا بعباده لخبير بصير ، وصلى الله وسلم على الهادي البشير ، والسراج المنير نبينا محمد ذي الشرف الكبير ، والمنزلة العالية الرفيعة في الدنيا والأخرة ، التي خصه الله بها من بين جميع خلقه ، فلا يصل إليها أحد سواه من ذرية آدم -عليه السلام صلاة وسلام- دائمين متلازمين إلى يوم الدين ، وصلى الله على أصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد:
فإنه لمن دواعي السرور أن نلتقي في هذه الليلة ، ليلة الإثنين من شهر جمادى الأولى ، والتي هي الليلة السادسة من هذا الشهر ، ويصبح صباحها وهو يوم غد يوم الإثنين اليوم السادس من شهر جمادى الأولى سنة ثنتين وأربعين وأربعمائة وألف من هجرته صلى الله عليه وسلم ، يسرنا في هذه الليلة أن نلتقي بإخوتنا وأبناءنا وأحبتنا الذي سمعتم ذكر مكانهم من المقدم جزاه الله خير ، وهم جماعة ومصلي مسجد التوحيد في بيرجو كما نطقها هو ، ونحن العرب ننطقها كما هو معلوم عندنا ولا أدري بغيرنا ينطقونها بيرجامو ، ولكن سمعت النطق من أهلها على هذا النحو ، والأسماء الأمر فيها متوقف في الضبط على سماع الإنسان لها من أهلها وأصحابها ، فنحييهم جميعاً وعموم إخواننا المسلمين في جمهورية ايطاليا ، وهكذا في أوربا وغيرها من البلدان الذين يتيسر ويتمكنون من استماع كلامنا في هذه الساعة ، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا وإياهم جميعاً العلم النافع والفقه في الدين والبصيرة فيه ، والثبات على الحق حتى نلقاه بمنه وكرمه إنه جواد كريم .
أيها الإخوة الكرام إن الإنسان في هذه الحياة هو في دار العمل ، ويوشك أن ينتقل عنها إلى دار الجزاء ، ودار العمل هي دار الحرث والازدراع للآخرة كما قال -جل وعلا- : (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20)(سورة الشورى) فهذه الدار التي هي دار الانقضاء والانتهاء والانتقال عنها من المخلوقات ، ينتقلون عنها طوعاً أو كرهاً ، هي دار حرث يوفق فيها العقلاء ، ويخذل فيها الاشقياء عياذًا بالله من ذلك ، والعقلاء هم الذين عرفوا حقيقة هذه الدنيا (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)(سورة الكهف).
فهذه الحياة الدنيا لا يبقى عليها أحد ، ودار الزرع يعلم كل من يعرف هذه الحياة أن دار الزرع دوراتها تتجدد ؛ فكل موسمٍ يزرعُ فيه يأخذ دورته ثمَّ ينتهي الزرع بالحصاد ، وهكذا بنوا آدم -بنوا الإنسان- ، وهكذا الجن في هذه الدنيا وهكذا المخلوقات كلها كل أمُة منها تأخذ دورة في هذه الحياة ثم تموت ويحصدون ؛ يحصدهم الموت ، ويأتي غيرهم فيزدرعون في هذه الدنيا ، ويحصدون وهكذا (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)(سورة البقرة 30) الخليفة : هم من يخلفُ بعضهم بعضًا ، هذا هو أصح التفسيرين في الآية (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) كما قال: -جلَّ وعلا- : (خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)(سورة يونس) فهو الذي جعل هؤلاء الذرية من آدم والجن والدوآب والطير جعلهم خلائف يخلفُ بعضهم بعضًا يعني كل ما ذهبت أمة جاءت أمة ؛ فهكذا المزارع كلما انتهت دورة الزرع حُصِدَ ، وجاء زرعٌ جديد في دورة جديدة ؛ فتذهبُ أمة وتأتي أمة ، والموفق من كل أمة هو من أحسن الزرع وتعهده بالسقيا لتحسن له الثمرة فيحصدها غدًا مستبشرًا فرحًا مسرورًا بها إذ لم يذهب حرثهُ سدًى ؛ فهذا معنى قوله : -جل وعلا- : (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) فيبارك الله -جل وعلا- له وينمَّي له الحرث الذي ازدرعه في الدنيا ، ويجده يوم القيامة مضاعفًا زائدًا غير منقوص : (وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20) هؤلاء الذين يأكلون ويتمتعون كما تأكلُ الأنعام والنَّار مثوىً لهم ، وهمُ الكفَّار ومن كان على شاكلتهم قال -جل وعلا-: (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا (23)(سورة الفرقان) يعني عملوه في الدنيا وحرثوه في الدنيا فجعلناه هباءً منثورًا ؛ (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) نسأل الله -جل وعلا- أن يجعلنا وإياكم منهم ، والحرث في هذه الدنيا هو بالأعمال الصالحة ، واستغلال العمر ؛ فإن العمر قصير واستغلال العمر يا معاشر الإخوان يكون بالحرص على الأوقات واستنفاقها في الأعمال الصالحات هذا أولًا.
وثانيًا : يكون بالحرص على الأعمال الصالحة في الأوقات الفاضلات التي عوضنا الله بها -سبحانه وتعالى- مثاله أن هذه الأمة هي قصيرة الأعمار بجنب الأمم قبلها -السابقة- فآتاها الله -سبحانه وتعالى- من فضله ورحمته ما تعوض به النقص الذي كان في أعمارها عما كانت عليه الأمم السابقة ؛ فجاءها الله -جل وعلا- وآتاها ليلة القدر كما قال -سبحانه- : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)(سورة القدر) ؛ فليلة واحدة خير من ألف شهر ، فكم يتكرر على المسلم في حياته هذه الليلة إن أطال الله له العمر ، والألف شهر يزيد عن ثمانين عامًا ؛ فعمله في هذه الليلة الواحدة -إن أخلص فيه لله ووافق فيه سنة رسول الله -ﷺ- خير من عمله في ألف شهر -بضعٍ وثمانين سنة- ؛ فكم له من الأجر حين ما يُعمر مثلاً في هذه الحياة الدنيا يعمره الله سبعين عامًا يعني فيها سبعين ليلة القدر يعني سبعين ألف شهر خير من ألف شهر اضربه في سبعين ليلة سبعين ألف شهر ، فكل سبعين ألفًا اجمعها بعد ذلك إذا كان الليلة الواحدة خير من ألف شهر والألف شهر بضع وثمانين سنة فإذا ضربت سبعين ليلة يعني سبعين سنة ؛ لأنه ما تأتي بالسنة إلا مرة واحدة ، إذا عشت سبعين عامًا عُمِّرتَ سبعين عامًا منذ أن كُلِّفْتَ يعني : توفيت وعمرك خمسة وثمانين سنة ؛ فعشت سبعين عامًا فيها سبعين ليلة قدر ، كل ليلة قدر منها بأزيد من ثمانين عامًا -بضعًا وثمانين سنة- هذا عمل فقط في ليلة واحدة في نوعٍ واحد من الأوقات الفاضلة ؛ فعوض الله -جلا وعلا- هذه الأمة بهذا العدد العظيم في هذا الوقت اليسير ؛ ثم إن الله -جلا وعلا- تفضل علينا بأعمال صالحة أخرى في أوقاتٍ صالحة يكفر الله -سبحانه تعالى- بها.
فمن ذلك صيام يوم عرفة ، ومن ذلك صيام يوم عاشوراء أحدهما يكفر الله بها ذنوب عامين ماضية وقادمة ، والأخر يكفر الله به ذنوب سنة ماضية هذا خير من الله -جلا وعلا- وانظروا إلى فضل الله ورحمته كيف جعل ليلة القدر فيها العمل الصالح ، وهذين اليومين جعل الصيام لهما مكفرًا لثلاث سنين أحدهما : لسنتين ، وآخر لسنة ؛ فتلك الليلة ينمى فيها الأعمال الصالحة ، وفي هذين اليومين تكفرُ الأعمال السيئة والآثام ، وهذا من رحمة الله -جلا وعلا- إذ يكفر عن عباده المؤمنين الآثام جعل لهم سبلاً إلى ذلك ويضاعف في حسناتهم وجعل لهم سبلًا إلى ذلك ، كل ذلك تعويضًا لهم في مقابل قصر أعمالهم بجانب الأعمار التي كانت في الأمم السابقة.
فالواجب علينا معاشر الأحبة أن نحرص على الأوقات هذه التي نزرع فيها الأعمال الصالحات مثل ليلة القدر فلا يتوانى الأنسان عن قيامها ، والذكر لله فيها ، وعمارتها بالأعمال الصالحة ، وبقراءة القرآن ، وبالصلاة بالتهجد ، وبالاستغفار وبذكر الله -جلا وعلا- وشكره وحمده والثناء عليه لا يفتُر .
وهذه الليلة يقينًا هي في العشر الأواخر من رمضان ، وهي في الأوتار آكد فلو قيل لك أنه سيضاعف لك الأجر أجر راتب رمضان عشر مرات بشرط أنك تشتغل عشرة أيام من الفجر إلى غروب الشمس لا ترتاح وتُعطىٰ راتب شهر رمضان عشر مرات أظنك ستقف على رجل واحدة ولن تهدأ حتى تحصِّل راتب شهر رمضان عشر مرات يعني عشرة شهور تأخذها ، وهذا في الدنيا فكيف إذا كان ربنا -جلا وعلا- ينادي عباده ، والنبي -ﷺ- يخبر أمته بهذا الفضل العظيم ومع ذلك للأسف كثير من الناس تفوت عليهم مثل هذه الأوقات الصالحات ، وهكذا الصيام في اليومين الفاضلين اللذَيْنِ ذكرناهما : يوم عرفه ، ويوم : عاشوراء ، فعاشوراء يكفر سنة ماضية ، وعرفة يكفر سنة قبله وسنة بعده .
وإنما ذكرت هذين المثالين : ليلة القدر ويومي عرفة وعاشوراء لما في هذا وهذا ، لما في هذا من الزيادة في الأعمال الصالحة ، ولما في هذا من تكفير السيئات -نسأل الله سبحانه تعالى أن يغفر لنا ويتجاوز عنا وعنكم وعن سائر إخواننا المسلمين أجمعين- إنما ذكرت هذا تمثيلًا وإلا الحصر صعب ما ذكرته تمثيلًا باستغلال الأعمار لأن أعمارنا قصيرة ، وذلك بصالح الأعمال لأن صالح الأعمال كثيرة ، وإذا كانت الأعمال وشرائع الإسلام قد كثرت ؛ فعلى العبد أن ينتهز الأوقات الفاضلات .
وهكذا يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم يدعو الله ، أو قائمًا يصلي يدعو الله إلا آتاه الله -سبحانه وتعالى-ما سأله ، وهكذا آخر الليل -ثلث الليل الأخير- حينما يقوم العبد في هذا الثلث وقت ما ينزل الرحمٰن -جلا وعلا- إلى سماء الدنيا فيقول : هل من تائب هل من مستغفر هل من سائل ؛ فيقوم العبد في هذا الوقت يصلي ما كتب الله له أن يصلي ، وإذا صلى ما كتب الله -سبحانه وتعالى- ودعا الله في هذا الوقت خالصًا من قلبه مخبتًا ومنيبًا إلى ربه استجاب الله -جلا وعلا- له -سبحانه وتعالى- ، والقيام من الليل ينبغي للمسلم ألا يغفل عنه كما قال بعض السلف ولو مقدار حلب شاة ولو مقدار حلب شاة ولكن يداوم عليه خيرًا له من الكثير الذي ينقطع ؛ فالقليل الدائم يصبح بعد ذلك كثيرًا عند الله ، والكثير المنقطع يقل ويبقى مكانه لا يزيد ولا ينمو -نسأل الله التوفيق والسلامة- .
وعلى كل حال أقول يا معشر الإخوان أن هذه الحياة الدنيا هي دار ممر لا دار مقر ، والله قد ضرب لنا مثلها كما سمعنا في هذه الآية آية سورة الكهف وفي غيرها كما في آية سورة يونس ، وكذلك في الحديد ، وفي غافر كل هذه السور قد جاء فيها تبيان حال هذه الحياة الدنيا .
والعاقل لا يغتر بها لأنه يعلم علم اليقين أنه سينتقل منها ، وإذا كان مُنتقل منها فلا يكثر من التعلق بها ، وما مثل هذه الحياة الدنيا يا معشر الإخوان إلا كبيت الإيجار ، بيت الإيجار ليس هو ببيت لك يأتي صاحبه ويخرجك منه ؛ فتخرج رغمًا عنك ، فأنت في هذه الحياة الدنيا هكذا مثلك كمثل المستأجر -دارًا- لا بد وأن يخرجه صاحبها ، والله -سبحانه وتعالى- هو رحمٰن الدنيا و الآخرة ورحيمهما، وقد كتب على الخلق الفناء في هذه الدار ، وكتب عليها هي الفناء ، وهكذا كتب على الدار الآخرة البقاء ، وأهلها هم ؛ إما منعمون فيحمدون الله -جلا وعلا- على ما وفقهم له من العمل الصالح ، وإما معذبون فيزدادون حسرة يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله يقولون : ذلك يوم القيامة -نسأل الله العافية والسلامة-
إِنَّ لِلَّهِ عِبادًا فُطَنا تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
فالواجب علينا معاشر الإخوان أن نعد العدة للدار الآخرة بالعمل الصالح ، ولنعلم أن النفس لها إقبال وإدبار ، وإقبال النفس : أن تنشرح للطاعة ، وتباشرها ، وتحب الازدياد منها والاستكثار ؛ فعليك أن تستغل هذه الحال منها ؛ فإذا كانت منشرحة مقبلة تحب الاستكثار فاعطيها ما تحب ، ولها إدبار وإملال ، فإذا أدبرت لا تكلفها فوق ما تطيق ، لكن لا تقطع الأعمال ؛ فرق بين الحالين ؛ فرق بين حال من ينشط في حال إقبالها ، ويدعها ويهملها ويترك لها حبلها على غاربها في حال إدبارها وكلالها وملالها ، لا ، وإنما في حال الإقبال استغل النشاط منها ، وإقبالها على الخير وانشراحها له ، وانبساطها إليه ، استغل ذلك ؛ فخذها بالجد والحزم والعزم والقوة ، ولا تتوانى ولا تتساهل ؛ فإذا كلَّتْ أو ضعفت فلا تكلفها ما لا تطيق ولكن لا تترك العمل ؛ فإن النفس أعدى عدو المرء إن هو تركها و ما تريد .
وخالف النفس والشيطان واعصِهما وإن هما محَّاضاك النصح فاتَّهمِ
فعليك أن تعلم أن هذه النفس لابد وأن تأخذها بما يريحها في الآخرة ، وإن أنت تركتها و فرطت في سبيل ذلك ندمت ولكن متى ؟ حيث لا ينفع الندم ؛ فالواجب علينا جميعًا معشر الإخوان أن نستغل هذه الدنيا ، وأن نستغل الحياة الدنيا في أعمال صالحة تقربنا إلى الله -جلا وعلا- ، ولنعلم أن هذه الأعمال الصالحة لا تنفع صاحبها إلا إذا كان من أهل التوحيد والإخلاص لله -تبارك وتعالى- ، والاتباع لما جاء به النبي -ﷺ- ؛ فكل عمل أُشرك فيه مع الله ؛ لا حاجة لله به (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)(رواه مسلم) ، وكل عمل لم يكن على سنة رسول الله -ﷺ- لا يكون عند الله مقبولًا لقوله -عليه الصلاة و السلام- : ( من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد )(رواه البخاري ومسلم) ، قال : -جلا وعلا- (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)(سورة الكهف) ، قال -جلا وعلا-: ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)(سورة الملك) ، قال أبو علي الفضيل بن عياض -رحمه الله- : (أتدرون ما أحسن عملًا ؟) ، قالوا لا يا أبا علي ، قال : (أخلصه وأصوبه ، أخلصه لله ، وأصوبه على سنة رسول الله -ﷺ-) ، ثم قال : (إن العمل إذا كان خالصًا لله ولم يكن صوابًا لم يُقبل ، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقبل حتى يكون خالصًا صوابًا) .
شرط القبول السعي أن يجتمعا فيه إصابة و إخلاص معًا
فلا بد من إخلاص الأعمال لله -تبارك وتعالى- ، وذلك بتجريد التوحيد ؛ توحيد العبادة لله -سبحانه وتعالى- ؛ فلا يُعبد إلا هو -سبحانه وتعالى- وحده لا شريك له ، لا يُصَلَّىٰ إلا له ، لا يُسجد إلا له ، لا يُركع إلا له ، لا يُصام إلا له ، لا يُحج إلا له ، لا يُذبح إلا له ، لا يُنذر إلا له ، لا يُحلف إلا به -سبحانه وتعالى- لا يُتوكل إلا عليه ، لا يُرجى إلا هو ، لا يُخشى إلا هو ، لا يُرهب إلا هو ، وهكذا بقية أعمال القلوب لا يجوز أن تصرف إلا له -سبحانه وتعالى- من الخوف ، والرجاء ، والرغبة ، والرهبة ، والخشية ، والإنابة ، والخشوع ، والخضوع ، والخوف ، والتوكل ، هذه كلها لا يجوز صرفها إلا لله ؛ من صرف شيئًا منها لغير الله فهو مشركٌ كافر -نسأل الله العافية والسلامة- ، وهكذا متابعة النبي -ﷺ- ؛ فالدين ما شرعه رسول الله -ﷺ- ؛ فإن عمل إنسانٌ عملاً ليس موافقًا لسنة النبي -ﷺ- رُدَّ عليه ، واقرؤوا قول الله -جل وعلا- (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً (4)(سورة الغاشية) عاملة في هذه الدنيا ساعية كادحة ناصبة متعبة نفسها والنتيجة : تصلى على نار الحامية -نسأل الله العافية والسلامة- أما أن يكون بسبب شركها ، وإما أن يكون بسبب بدعتها -عياذًا بالله من ذلك- ؛ فهذا العمل لا يقبل إذا لم يكن خالصًا لله لا يقبل ، وإذا لم يكن صوابًا على سنة رسول الله -ﷺ- لا يقبل كما قال -جل وعلا- في المشركين : (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) (23).
وإذا كان الأمر كذلك فهذا لا يُعلم -أعني التوحيد والمتابعة لا يعلم إلا بالتفقه في دين الله- ؛ فالواجب على كل مسلمٍ ومسلمة أن يتفقه في دين الله ، وأن يتعلم ، والعلم في هذا الباب علمان : علمٌ فرض عين على كل مسلمٍ ومسلمة ، وعلمٌ فرض كفاية ؛ فأما فرض العين ما لا يصح إسلام المرء ، ولا دين المرء إلا به من نحو وضوئه ، وطهارته ، وغسل جنابته ، وصيامه ، وصلاته ، وحجه -إن كان من أهل الحج- ، وزكاته إن كان ممن وجب عليه الزكاة ، وهكذا في بقية الواجبات لابد أن يتعلم العلم الواجب وجوبًا عينيًا عليه لا يعذر بتركه ، وعلم الكفائي العلم الكفائي : هو التوسع في معرفة أحكام الشريعة ، ومعرفة الحلال والحرام.
وهذا فرض كفاية بدليل قوله تعالى : (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)(سورة التوبة) ، والنبي -ﷺ- يقول : (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)(رواه البخاري ومسلم) ، فألله الله معشر الاخوان في الحرص على هذا ، والاعتناء به .
وأوصيكم بالتمسك بدين الإسلام ولا سيما وأنتم في بلاد الكفر ؛ فإن هذا الدين قد بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء ، ومن هم الغرباء؟ قد جاءت لهم صفاتٌ متعددة :
هم الذين يحيون ما أمات الناس من سنته -عليه الصلاة والسلام- .
وهم الذين يدعون إلى سنته -عليه الصلاة والسلام- .
وهم الذين يتمسكون بسنته -عليه الصلاة والسلام- في حين أن غيرهم يتركها.
وهم الذين يصبرون على هداية الناس ودعوتهم إلى الخير والهدى والرشاد في حين أن غيرهم لا يقوم بذلك .
وهم الذين يقومون بإنكار الباطل ورد الضلال في حين أن غيرهم يسكتون عن ذلك .
هؤلاء هم الغرباء ، ونحن الآن في آخر الزمان يا معشر الإخوان غربة الإسلام ؛ غربةٌ عظيمة في كثيرٍ من بلدان المسلمين أصبح الإسلام غريبًا ؛ فكيف ببلاد الكفر ؟! هذا أشد وأشد فتجد المسلم في بلاد الكفر أحيانًا لا تعرفه حتى يحصل بينك وبينه سبب فتحتك به فتعرف أن اسمه أحمد أو اسمه محمد أو اسمه عبدالله أو نحو ذلك فتعرف أنه مسلم ، أما من مظهره فربما ما تعرفه ولا تميزه لأنه قد انصبغ بصبغة الكفار في هيئته في لباسه في شكله في هندامه -فنعوذ بالله من ذلك- ، ويزيد على ذلك حتى اللغة يصبح يتكلم بلغتهم ، ويرى أن لغة العربية ولغة القرآن الكريم عيبٌ وعارٌ وشنارٌ عليه أن يتحدث بها إذا كان في بلاد الغرب ؛ هذه مصيبةٌ عظيمة .
وهكذا في بلاد الإسلام الآن نحن نرى هذا ، وأهل التغريب يشتغلون -أهل التغريب قبحهم الله- يشتغلون على أشدهم مستعدون في باطلهم ، ومشمرون في نصرة باطلهم ؛ هذا داعٍ إلى العلمانية ، وهذا داعٍ إلى الليبرالية ، وهذا داعٍ إلى القومية ، وهذا داعٍ الى الاشتراكية ، وهذا داعٍ الى الشيوعية ، وهذا داعٍ الى البعثية ، وهذا داعٍ إلى الحداثة ، وهذا داعٍ الى كل ضلال ؛ فرقٌ شتى كلها يجمعها أنّ رئيسهم هو الشيطان الرجيم هم حزب ابليس (أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(سورة المجادلة 19) ، (فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)(سورة النساء 76) ، فيجب على من آتاه الله علمًا ، ونور بصيرته ، وفقهه في الدين ، أن يبين حال هؤلاء ، وأن يحذر الناس منهم إذا لم يعرفهم بأسمائهم حذر منهم ، وحذر من مذاهبهم ، ومناهجهم الفاسدة ؛ فالليبراليون الآن منتشرون في العالم الإسلامي نسأل الله أن يقمعهم ، وأن يكبتهم ، وأن يقطع دابرهم ، وأن يقطع ألسنتهم ، وأن يخزيهم ، وأن يفضحهم لكل مسلمٍ حتى يعرفهم على حقيقتهم الخبيثة- هؤلاء هم الليبراليون ، والعلمانيون كذلك ، وقد قاموا مدة من الزمن ولكنهم الآن انطفأ ذكرهم وإن كانوا يشتغلون في الخفاء نحن موقنون بذلك .
ولكن في هذه الآونة تنتشر اللبرالية الخبيثة الفاجرة الماجنة التي جاءت من بلاد الكفر وأرادوا أن يُوَّرِدُوها وَيُورِدوها علينا في بلاد الإسلام ، ويريدون المسلمين أن يعتنقوها -قبح الله دعاتها-
دُعَاةُ سُوْءٍ إِلَى السَّوْأى تَشَابَهَتِ الْـ قُلُوْبُ مِنْهُمْ وفي الإضْلاَلِ قَدْ جَهِدُوا
مَا بَيْنَ مُسْتَعْلِنٍ مِنْهُمْ وَمُسْتَتِرٍ وَمُسْتَبِدٍّ وَمَنْ بِالْغَيْرِ مُحْتَشِدُ
لَهُمْ إِلَى دَرَكَاتِ الشَّرِّ أَهْوِيَةٌ لَكِنْ إِلَى دَرَجَاتِ الخَيْرِ مَا صَعَدُوا
-نسأل الله العافية والسلامة- ؛ يتبجحون الآن بحرب الإسلام ، ويتبجحون بالمناداة بتنحية الإسلام ، ويتبجحون بكل وقاحة وقلة حياء من الله ومن خلقه من أهل الإسلام في بلدان المسلمين ، يتبجحون بدعوة لعزل الإسلام ، وترك الناس كما يقولون في حرياتهم كالبهائم يفعلون ما يشاؤون يعيشون كالبهائم -نسأل الله العافية والسلامة- ؛ فهؤلاء معاشر الأحبة إذا كانوا في بلاد المسلمين يحاربون الإسلام ، ويحاربون أهل الإسلام ، ويتنقصون علماء الإسلام ، ويتفكهون بهم ، ويتندرون بهم ، ويضحكون عليهم ويحاولوا أن يظهروا صورتهم بصورة رجعية والتخلف وعدم المعرفة والمواكبة للعصر ليضحكوا من ضعف إيمانه ؛ يضحكوهم على أهل العلم والدين وأهل التقى والزهد ، وأهل الورع والعبادة ، ويصوروهم لهم بأنهم لا يعرفون شيئًا من أمور الدنيا ، ولا يحسنون أمور الدنيا ، ولا يصلحون لأن يقودوا الناس في الدنيا هكذا يقولون ، وهكذا يصورون -قبحهم الله وهتك أستارهم وأطفأ نارهم نسأل الله العافية والسلامة- إذا كانوا هؤلاء في بلدان المسلمين فكيف بهم عندكم يا معاشر الأحبة في بلدان الكفر سواء كانوا من الكافرين أو من تلاميذهم ممن ذهبوا إلى بلاد الكفار وبدؤوا يتلقون عليهم ، ويدرسون عليهم ، واقتنعوا بأفكارهم هذه أفكارهم هذه الخبيثة ليحملوها بعد ذلك ، ويأتون بها إلينا لأن الكفار لما أيسوا من أن يؤثروا في المسلمين هم بأنفسهم فلا يمكن أن يستمع أهل الإسلام لجورج ، ولا لأنطوان ، ولا لتوني ، ولا لأمثالهم جعلوا من يأتيك بعد ذلك اسمه محمد ، واسمه عبدالرحمن ، واسمه إبراهيم ، واسمه عبد الله ، واسمه أحمد ونحو ذلك ، ولكنه يحمل أفكارهم الخبيثة فيؤدي عنهم المهمة ؛ فهؤلاء كما يقال :
أَبْنَـاءُ جِلْدَتِنا وَ غَــرْسُ رُبُــوعِنـا لكِنُّـهم فِي دِيْـنِـنـا دُخـَـلاءُ
يَا أُمَّةَ الإسْلَامَ فَوْقَ رُؤُوسِهِمُ سُلُّوا السِّيوفَ فَأَنتُمُ الْبُرَءَاءُ
وسيوف أهل الإسلام هي سيف البيان ، سيف البيان أهل العلم عندهم سيف البيان آتاهم الله -سبحانه وتعالى- حجة البيان التي يُعَرّون بها أعداء الإسلام فمثل هؤلاء الذين يرسلهم الغرب إلى بلدان المسلمين بأسماء المسلمين وبزي المسلمين وهم من بلاد المسلمين يؤدون المهمة عنهم يجب أن يوقف لهم بالمرصاد ، وأن يوقف منهم وقفة قوية وخصوصًا إذا دخلوا إلى بلاد المسلمين وبدؤوا يبثون أفكارهم كما نلاحظه في هذه الأيام أخذوا أفكار هؤلاء الكفار وبدأوا يروجون لها في بلادنا بلاد الإسلام ، ولا سيما ما نسمعه في هذه الآونة في بلاد الحرمين الشريفين من دعاة الليبرالية -قبحهم الله وأخزاهم- ، وقبلهم العلمانية -قبحهم الله وأخزاهم- ، وقبلهم الحداثة -قبحهم الله وأخزاهم-، وقبلهم القومية -قبحهم الله وأخزاهم- ، وقبلهم الشيوعية -قبحهم الله وأخزاهم- ، ولكن الله ناصر دينه ولكن بشرط : (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)(سورة محمد) .
فالواجب علينا معشر الإخوان أن نجتهد في هذا الباب ؛ فنحرص على التمسك بديننا ونعلمه أبناءنا ، ونعلم أن هذا الباب باب جهاد عظيم لا بد فيه من الصبر والاحتساب .
وإخوتي وإخواني في بلاد الغرب أوصيهم بأبنائهم خيرًا ، وأن يلطفوا بهم فلا يشتدوا عليهم حتى لا ينفلتوا من تحت أيديهم ويذهبوا إلى الحكومات الكافرة فتأخذهم من بين أيديهم وتؤويهم ثم بعد ذلك تستخدمهم سلاحًا ضد المسلمين ، الطفوا بأبنائكم ، وارفقوا بهم ، وخذوهم بالتي هي أحسن وعلموهم بالتي هي أحسن ، وتوددوا إليهم ، وتحببوا إليهم حتى يحبوكم ويتعلقوا بكم فيسمعوا لكم ويطيعوا لكم ولا يفرون منكم ، فإن الرفق ما كان في شيءٍ إلا زانه وما نزع من شيءٍ إلا شانه ، وإن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف ولا على ما سواه ، فالله الله يا معشر الإخوان في الاعتناء بهذا الجانب جانب التمسك بالإسلام أصولًا وفروعًا ، والأخذ بآدابه وأخلاقه والاعتناء بأولادكم وبناشئة المسلمين في هذه البلاد .
كما أوصيكم معشر الإخوان ، وأختم بهذه الوصية هذه الكلمة وأسأل الله أن ينفعني وإياكم بها كما أوصيكم معشر الأحبة بالتآلف فيما بينكم ، والتعاطف فيما بينكم ، والتراحم فيما بينكم كما قال النبي -ﷺ- (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ، فالله الله بالتراحم فيما بينكم فارحموا بعضكم ، والله الله بالتعاطف فيما بينكم فليعطف بعضكم على بعض ، والله الله في التآلف فيما بينكم فتآلفوا وتآلفوا على الحق ، وعلى البر ، وعلى التقوى ، وعلى الهدى كما قال النبي -ﷺ- في هذا الباب .
ونسأل الله -سبحانه- أن يوفقنا وإياكم جميعًا لما يحب ويرضى ، وأن يجنبنا وإياكم جميعًا مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يصرف عنا وعنكم وعن سائر المسلمين في كل مكان الشر بجميع أنواعه وصوره وأن يثبتنا على دينه حتى يتوفانا إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان ، والحمد لله رب العالمين.
تم بحمد الله تفريغ المحاضرة .
تنبيه وفقك ربي لطاعته : يمنع أخذ المحاضرة وعدم نسبتها للشيخ – حفظه الله –
يمنع تغيير كلام الشيخ أو أخذ التفريغ من غير ذكر للمصدر : شبكة خير أمة .
الفوائد المنتقاة :