والمرء في حياته الدنيا ، معرض للابتلاءات ، معرض للمصائب ؛ فهو تحت أقدار الله -تبارك وتعالى- المؤلمة التي تنزل به والله -سبحانه وتعالى- حكيم عليم يعلم -جل وعلا- ما يُصلح به أحوال عباده من الخير والرخاء ، والشدة والبلاء ؛ فالله -سبحانه وتعالى- يختبر العباد بهما جميعًا ، يختبرهم بهذا وهذا ، يبتليهم بالخير والرخاء ، ويبتليهم بالشدة والبلاء ، ويبتليهم بالبأساء والضراء كما قال -جل وعلا- : {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} إليه -سبحانه وتعالى- {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)} والحاصل معاشر الأحبة أن ابتلاء الله -جل وعلا- لعباده المؤمنين إنما ليرى به صبرهم ، وقوة إيمانهم ، وقد علم ذلك منهم -سبحانه وتعالى- قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ولكنه -جل وعلا- يخرجه للعيان حتى يراه الناس ، ويبصروا أحوال عباده المؤمنين الصادقين الصابرين المنيبين المخبتين إليه -سبحانه وتعالى- ؛ فابتلاؤه لأنبيائه ورسله ، وللصالحين من أوليائه ، وعباده ليس لهوانهم عليه ، ولا لضعة منزلتهم عنده ، ولا لشر بهم عنده -سبحانه وتعالى- وإنما كما قال النبي ﷺ : (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ؛ يبتلى المرء على قدر دينه ؛ فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء) الحديث كما هو معلوم عند عموم المؤمنين ولله الحمد ؛ فنحن نسمع هنا قول النبي ﷺ : أشد الناس بلاءً الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ؛ فهل هذا لهوانهم على الله ؟ ، لا والله ، وإنما ليُريَ الله -جل وعلا- الناس ما علمه من حال هؤلاء الصفوة الأنبياء ، والأولياء والصلحاء ، أهل العبادة والتقى ، أهل الاتباع والاقتداء ، أهل الطاعة الكاملة لله -جل وعلا- ، أهل الإيمان القوي ، واليقين الصادق ؛ يبتليهم الله -جل وعلا- ليري الناس مواقفهم في صبرهم على ما قدره الله -جل وعلا- وقضاه -سبحانه وتعالى- ويضاعف بذلك أيضًا حسناتهم ، ويرفع به في درجاتهم -جل وعلا-.