وخرج مسلم في صحيحه أن النبي ﷺ قال لأبي موسى الأشعري -رضي الله تعالىٰ عنه- : (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي ؛ فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، و أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد) ، و الشاهد منه : قوله -عليه الصلاة والسلام- لأبي موسى : (وأصحابي أمنة لأمتي) ، يعني كما أن النجوم أمان للسماء تطرد بها الشياطين ، ترجم بها هؤلاء الشياطين الذين يريدون يسترقون السمع ، تحفظ بها السماء ، أبواب السماء وهي جمال أيضا للسماء ، وذهابها إيذان بقيام الساعة ، {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} ، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} الآيات ؛ فإذا ذهبت السماء ذهبت هذه النجوم من السماء فإن البلاء قد حل ، هكذا أصحاب رسول الله ﷺ حينما ذهبوا حلّ البلاء بمن خلا من وجود أحد من أصحاب رسول الله ﷺ ؛ فحصلت الفتن ، والبلايا ، والمحن على أمة النبي ﷺ بعد انقراض جيل الصحابة ، فاشتمل هذا الحديث على بيان فضلهم ، ومنزلتهم ؛ فكما أن النجوم حافظة للسماء كان هؤلاء الأصحاب حفظة لأمة محمد ﷺ حفظًا عظيمًا ولهذا لم تقع الفرقة ، ولا الاختلاف ، ولا تشققت الفتن في عصرهم -رضي الله تعالىٰ عنهم- فكانوا كما قال رسول الله ﷺ : أمنة لأمته -صلوات الله وسلامه عليه- .