هذه الحياة الدنيا هي دار ممر لا دار مقر ، والعاقل لا يغتر بها لأنه يعلم علم اليقين أنه سينتقل منها ، وإذا كان مُنتقل منها فلا يكثر من التعلق بها ، وما مثل هذه الحياة الدنيا يا معشر الإخوان إلا كبيت الإيجار ، بيت الإيجار ليس هو ببيت لك يأتي صاحبه ويخرجك منه ؛ فتخرج رغمًا عنك ، فأنت في هذه الحياة الدنيا هكذا مثلك كمثل المستأجر -دارًا- لا بد وأن يخرجه صاحبها والله – سبحانه وتعالى – هو رحمان الدنيا و الآخرة ورحيمهما، وقد كتب على الخلق الفناء في هذه الدار ، وكتب عليها هي الفناء ، وهكذا كتب على الدار الآخرة البقاء ، وأهلها هم ؛ إما منعمون فيحمدون الله – سبحانه وتعالى – على ما وفقهم له من العمل الصالح ، وإما معذبون فيزدادون حسرة يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله يقولون ذلك يوم القيامة -نسأل الله العافية والسلامة-
إِنَّ للهِ عِبادًا فُطَنا تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
فالواجب علينا معاشر الإخوان أن نعد العدة للدار الآخرة بالعمل الصالح …