ولنعلم أن النفس لها إقبال وإدبار ،وإقبال النفس : أن تنشرح للطاعة ، وتباشرها ، وتحب الازدياد منها والاستكثار ؛ فعليك أن تستغل هذه الحال منها ؛ فإذا كانت منشرحة مقبلة تحب الاستكثار فاعطيها ما تحب ، ولها إدبار وإملال ، فإذا أدبرت لا تكلفها فوق ما تطيق ، لكن لا تقطع الأعمال ؛ فرق بين الحالين ؛ فرق بين حال من ينشط في حال إقبالها ، ويدعها ويهملها ويترك لها حبلها على غاربها في حال إدبارها وكلالها وملالها “لا” ، وإنما في حال الإقبال استغل النشاط منها ، وإقبالها على الخير وانشراحها له ، وانبساطها إليه ، استغل ذلك ؛ فخذها بالجد والحزم والعزم والقوة ، ولا تتوانى ولا تتساهل ؛ فإذا كلَّتْ أو ضعفت فلا تكلفها ما لا تطيق ولكن لا تترك العمل ؛ فإن النفس أعدى عدو المرء إن هو تركها و ما تريد.
وخالف النفس والشيطان واعصِهما
وإن هما محَّاضاك النصح فاتَّهمِ
فعليك أن تعلم أن هذه النفس لابد وأن تأخذها بما يريحها في الآخرة ، وإن أنت تركتها و فرطت في سبيل ذلك ندمت ولكن متى ؟
حيث لا ينفع الندم ؛ فالواجب علينا جميعًا معشر الإخوان أن نستغل هذه الدنيا ، وأن نستغل الحياة الدنيا في أعمال صالحة تقربنا إلى الله -جلا وعلا- ..