من صور رحمة النبي ﷺ : تركه للعمل وهو يحبه مخافة أن يفرض على أمته

عدد الملفات المرفوعه : 1

فالرحمة من صفات أهل الإيمان ، وقد ندب إليها رسول الله ﷺ ، ورغب فيها وحض عليها ، وذلك في قوله -عليه الصلاة والسلام- : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) ، وقوله ﷺ  : ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ، وقوله -عليه الصلاة والسلام-  : ( من لا يَرحم لا يُرحم ) ، وقوله -عليه الصلاة والسلام- : ( لا تنزع الرحمة إلا من شقي ) ، إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة الثابتة عنه -عليه الصلاة والسلام- ، فقد كان رحيماً كما وصفه ربنا -تبارك وتعالى- بالمؤمنين ، ومن أظهر صور رحمته ، أنه يدع العمل الصالح وهو يحبه مخافة أن يفرض عليهم فيشق عليهم -صلوات الله وسلامه عليه- ، كما جاء ذلك في ركنين عظيمين من أركان الإسلام أولهما الصلاة ، فقد خرج في رمضان ذات ليلة وصلى بأصحابه فاجتمعوا عليه ، وفي الليلة الثانية تسامع الناس فاجتمعوا أكثر ، وفي الليلة الثالثة كذلك ، فلم يخرج إليهم وقيل الليلة الرابعة لم يخرج إليهم، فأخذوا يتمحشون بجدار حجرته ، يعني يحكون أجسامهم بجدار حجرته ، حياءً من أن ينادوه صلوات الله وسلامه عليه ، ولكن أرادوا أن يشعروه بأنهم ينتظرونه ، فلم يخرج إليهم ﷺ ، فلما كان من الغد قال لهم : ( أما إنه لم يخف علي مقامكم البارحة ، ولكني خشيت أن أخرج إليكم فتفرض عليكم ) ، فكان  -عليه الصلاة والسلام- كما قالت أم المؤمنين عائشة وغيرها من أصحابه -رضي الله عنهم- : (يدع العمل وهو يحبه مخافة أن يفرض على أمته) -صلوات الله وسلامه عليه- ، وهذا من الرحمة بهم ، وهكذا في الحج لما سأله الرجل حينما قال -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه وقام فيهم قائلاً : ( يا أيها الناس إن الله فرض عليكم الحج أو كتب عليكم الحج فحجوا ) فقام رجل فقال : أكل عام يا رسول الله؟ ، فلم يرد عليه ﷺ ، فقام في الثانية فلم يرد عليه ﷺ ، وفي الثالثة قال له : ( لو قلتها لوجبت ولما استطعتم ) ، فبين -عليه الصلاة والسلام- أن الحج مرة ، وهكذا العمرة مرة ، تجبان أو يجبان في العمر على من وجب عليه تجبان عليه في العمر مرة على الفور في أصح القولين لأهل العلم ، الحج والعمرة واجبان على المسلم و على المسلمة إذا توافرت الشروط مرة واحدة ، وما زاد فهو تطوع ، فهنا ﷺ بين أنه لو قال نعم لوجب على الناس أن يحجوا كل عام ولما استطاعوا ، وقد قال ربنا -جل وعلا- : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ، فالواجب علينا جميعا معاشر الأحبة أن نكون في هذا الباب مقتدين به ﷺ .


شاهد-على-اليوتيوب

  • 1442/08/13
  • مشاهدات : 1٬521
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري