4950 – عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : (تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ، وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ) رواه ابن أبي داود .
لأن أسماء الأنبياء من أجمل الأسماء ، ابراهيم ، ونوح وموسى وعيسى وأيوب ، ويوسف وهارون ، وسليمان إلى غير ذلك من أسماء الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – ، وأفضلهم محمد ﷺ ، فهو محمد وهو أحمد وهو محمود – صلوات الله وسلامه عليه – ، فالتسمي بأسمائهم من باب التسمي بأحسن الأسماء ، فأحسن الأسماء أسماء الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – ، فإذا سمى الإنسان فاليسمي ابنه بهذه الأسماء ، وأما حارث وهمام اطلق عليها هذا وهو (أصدقها) وذلك لما فيها من الدلالة على المعاني العظيمة ؛ فالحارث اسم يدل على كثرة الحرث والعمل ، والهمام كذلك ، يدل على كثرة الهم العمل ، همام يهم بكذا ويهم بكذا لما فيه من الهم بالعمل ، لما فيه من النشاط ولما فيه من الحيوية هذا الإسم يدل عليها ، همام بالخير دائم ، فلأجل هذا بين النبي ﷺ وقال فيها هذا القول ، لأن هذا يطابق الاسم ، فالحارث يُتفائل منه لهذا والهمام يُتفائل منه بهذا ، وأما القبح في الإسمين الأخيرين فلما دل عليه من الشر ، والنبي ﷺ كان يحب التفائل ، الفأل الحسن ، الفأل : هو الكلمة الحسنة يسمعها الإنسان ، فإذا قيل همام إذا قيل حارث ، إذا قيل يُسر ، إذا قيل يسار ، إذا قيل نجيح ، كان النبي ﷺ يتفائل بهذه الأسماء يحبها ، إذا قيل يسار فهذا فأل بالتيسير ، إذا قيل نجيح فهذا فأل بالنجاح بالأمور وهكذا ، ثبت ذلك جاء عن النبي ﷺ في أحاديث سيأتي معنا إن شاء الله بعضها ، فالشاهد وزارع وزرعة غير إليه النبي ﷺ وهكذا ، فالشاهد لما دلت عليه من المعاني القبيحة ، ولأنها فأل قبيح ، فالنبي ﷺ أخبر بأنها قبيحة ، وكرهها ، حرب لما دلت عليه من الحرب والحرب مكروهة وقبيحة لدى أصحاب العقول قاطبة مسلمين وكفار ، وكذلك مرة قبيح أيضًا لما دل عليه من معنى المرارة التي هي أشد من الحموضة ، الحموضة تستساغ أما المرارة فلا تستساغ ، الحموضة قد تستساغ فمثلاً أنت تستسيغ الملح وهو حامض تحتاج إليه أحيانًا ، ولو زاد قليلاً تستسيغ حموضته تمشي تُبلع ، وكذلك الليمون وإن كان حامض يستساغ ؛ لكن المرارة ما تستساغ ، فمرة لما دل عليه من هذا المعنى كرهه النبي ﷺ ، وقس على ذلك كما قلنا بقية الأسماء القبيحة كعاصية ، ومثله أيضًا كلب ومثله حمار ، وهكذا التسمي بأسماء الكفار جون ونحو ذلك من الأسماء التي اصبحت أعلامًا على الكفار وأرسطو وافلاطون ونحو ذلك من الأسماء التي أصبحت علامات على أهل الكفر ، أعلام للكفر فهذه أسماء قبيحة فينبغي للإنسان أن يتجنبها ، لما ؟ ، لما دلت عليه من أعلام هم أهل ضلال وانحراف وكفر ، فمثل ذلك ينبغي للإنسان أن يتجنبه ، فالحاصل إذا دل الاسم على معنى قبيح فهو مكروه مثل : الحزونة أيضًا لو سمى ابنه حزن فهذا الإسم مهو طيب لما فيه من المعنين المبغوضين المكروهين ، إما الحزونه بمعنى الشدة والصلابة التي هي ضد السهولة واليسر ، الحزن عند العرب معروف الأرض المرتفعة القوية التي تكون في ناحية قريبة من الجبل مرتفعة شديدة ، ودونها السهل وهذا أيضًا كان في أجداد سعيد بن المسيب بن حزن ، فالنبي ﷺ أراد أن يغيره سهل ، قال : ما أغير اسم سمانيه أبي ، يقول سعيد بن المسيب : فمازالت فينا تلك الحزونة ، فالشاهد حوى هذا المعنى ، وأيضًا قد يحوي الحزن : وهو الكابة الدائمة ، والتعب الدائم للإنسان ، فمثل هذا ما ينبغي للإنسان أن يسمي به ، لكن يسميه سهل ، فسهل يكون لطيف لما فيه من المعنى المحبوب للنفوس من السهولة واليسر وعلى ذلك فقس ، وقد عقد ابن القيم – رحمه الله – في الزاد مبحثًا عظيمًا وفصلاً عظيمًا في هذا الجانب فينبغي لطالب العلم أيضًا أن يمر عليه في زاد المعاد ، وكذلك في كتابه الماتع تحفة المودود بأحكام المولود فقد عقد أيضًا فيه فصلاً في التسمية ماتعًا جدًا فينبغي للمسلم أن يمر عليه حتى يستفيد منه في تسمية أولاده ، فيهرب من الأسماء القبيحة ، ويعتني باختيار الأسماء الحسنة ، لأن ابنه سيدعى به ، والله – جل وعلا – يقول : (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) نعم .
تحميل الفصل الذي ذكره الشيخ من كتاب زاد المعاد :
تحميل الفصل الذي ذكره الشيخ من كتاب تحفة المودود :