أولٰئك هم المؤمنون حقًّا لّهم مغفرة ورزق كريم

عدد الملفات المرفوعه : 1

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) سورة الانفال .


فمن هذه الآيات التي نوه الله -سبحانه وتعالى- بذكرهم -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم- قوله -جل وعز- في سورة الأنفال : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} إلى أن قال -جل وعلا- {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}. وليتأمل كل مسلم يتلو هذه الآية قول الرب -جل وعز- بعد تفصيل هؤلاء الأصحاب بأوصافهم جمع الجميع في قوله : {أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ} فإن هذه الكلمة -حقًا- فيها تأكيد صريح بأنهم -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم- على الإيمان الصحيح الحقيقي التام الكامل الذي لم يشبه اعوجاج ، ولا تبديل ولا تغيير من بعده معه ﷺ ومن بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ؛ فإن هذا القول قول من قال : {أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ} هو قول ربّ العالمين قاله فيهم مع علمه -جل وعلا- بما سيكون منهم من بعض الأخطاء والهناة -رضي الله عنهم وأرضاهم- فالموصوفون في الآية الأولى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} هؤلاء هم المهاجرون ، ثم عطف عليهم أهل النصرة فقال {وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا } هؤلاء هم الأنصار -رضي الله عنهم وأرضاهم- ثم قال فيهم جميعًا : {أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ} فأثبت ولايتهم -رضي الله تعالى عنهم- “بعضهم لبعض” فهؤلاء يتولونهم ، وهؤلاء يتولونهم وهؤلاء يستغفرون لهؤلاء ، وهؤلاء يثنون على هؤلاء جما جاء ذلك في الأحاديث الصحاح عن رسول الله ﷺ .

فهؤلاء أهل النصرة ، وهؤلاء أهل السابقة ؛ فأهل السابقة هم الذين واسوا رسول الله ﷺ بأنفسهم وأموالهم ، وتركوا ديارهم ، وأوطانهم ، وأولادهم ، وذراريهم ، وأزواجهم ؛ فلذات الأكباد ،والأزواج والأموال ، والبلاد وتركوا ذلك كله لله -تبارك وتعالى- وخرجوا مهاجرين مع رسول الله ﷺ ينصرونه وينشدون إظهار دينه ويعزرونه -عليه الصلاة والسلام- هؤلاء هم المهاجرون فكانت لهم السابقة والفضل العظيم إذ كان إيمانهم أول الأمر في حين الشدة والضيق ، والضنك ، وقلة النصير ؛ فاستحقوا لأجل ذلك هذا التعزيز وهذا التكريم من الله -تبارك وتعالى- ثم بعد ذلك أهل النصرة الأنصار -رضي الله تعالى عنهم- أوسًا وخزرجًا الذين قدم عليهم رسول الله ﷺ ففتحوا له صدورهم ، وقلوبهم قبل بيوتهم وبلادهم -رضي الله تعالى عنهم- فاستبشروا بقدومه كما يستبشر من كان في جدب بنزول الغيث بل أشد !حينما وفد عليهم رسول الله ﷺ ؛ فأثبت لهم الله -سبحانه وتعالى- جميعًا الجزاء الأوفى والعظيم الذي لا يحول ولا يزول عنده ؛ حينما قال : {لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.

فقوله : “مغفرة” أي : على جزاء ما قدموه.

وقوله : “ورزق كريم” أي : في الجنة.

فقوله -سبحانه وتعالى- : {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} ، دليل واضح في أن هؤلاء الأنصار وأن هؤلاء المهاجرين قد -رضي الله عنهم- ؛ فأسكنهم جنته ورزقهم هذا الرزق العظيم الذي لا ينقطع.

وقوله سبحانه : {أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ} فيه رد على من تكلم فيهم ، وطعن فيهم وقال بأنهم قد بدلوا أو غيروا بعد وفاة رسول الله ﷺ أو أنهم ارتدوا جميعًا إلا بضعة عشر رجلًا ، أو أنهم فسقوا جميعًا إلا كذا وكذا .. من هؤلاء الأصحاب -رضي الله تعالى عنهم- فإن هؤلاء الموصوفين جميعًا كما أخبر الله -جل وعلا- عنهم {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا }. وأنه جازاهم بالصفح ، والعفو ، والمغفرة فأسكنهم جنته ، وأفاض عليهم من طيِّب ثمارها وخيراتها التي لا تنقطع ؛ فاشتملت هاتان الآيتان على ثناء الله تبارك وتعالى- الثناء الحسن على أصحاب رسول الله ﷺ مهاجرين وأنصار ؛ فقل لمن يتبجح بعد ذلك في النيل أو بالنيل منهم أقصر فإن الله -جل وعلا- قد قال في كتابه ، ويكفينا ما في كتاب ربنا -تبارك وتعالى- .


  • انظر : ( محاضرة حق الصحابة ) .

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1443/01/09
  • مشاهدات : 693
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري