ثم وصفهم – سبحانه وتعالى – بأنهم أصحاب صلاة ، أصحاب طاعة ، أصحاب مبادرة إلى الله – جل وعلا – ، بالتقرب بالأعمال الصالحة عمومًا ، وبالصلاة خصوصًا ، وهذه الصفة العظيمة ، صفة الصلاة ، قد وصفهم بها في الكتب السابقة ، فعرفتهم الأمم قبل أمة الإسلام ، فإذا كان الله – جل وعز – قد نوَّه بذكرهم ، وفضلهم ، وشرفهم في الكتب السابقة ، فما بالنا نحن نفرط في ذلك ، ونحن تلامذتهم ، ولهم المنة العظمى علينا في إيصال هذا الدين إلينا ؟! ما بالنا نتنكر لهم ، ونعرض عن بيان فضلهم ؟! بل وربما وقع بعض من ينتسب إلى السنة في هؤلاء الأخيار (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ) الزرع إذا بزغ إذا نبت ثم استوى وأخرج النور ثم أخرج الثمر واستوى ؛ فأعجب الناس ، أعجب أهل الزراعة ، أهل الحرث الذين يعرفون ذلك ، وأعجب أيضًا الناظرين إليه ، لجمال ما يرونه فيه ، هذا مثلهم أيضًا في الإنجيل ؛ فإذا كان الله قد أشاد بهم في التوراة ، وأشاد بهم في الإنجيل ، وعرَّف بهم عند الأمم قبلنا ، أفلا يستحقون منا أن نتعرف عليهم ، وأن ننشر محاسنهم ، كما نشر الله محاسنهم في الأمم قبلنا ، وأثنى عليهم في كتابه ، المنزل على رسوله ، كما أثنى عليهم في الكتب قبله ؟! أفلا يستحق هؤلاء أن ننشر سيرتهم العطرة ، وأن نبين مناقبهم الشريفة ، وأن نظهر في الناس رتبتهم المنيفة ؟! بلى والله ، إنهم يستحقون ذلك ، ولكن الموفق لذلك من وفقه الله – سبحانه وتعالى – .