معاشر الأحبة; العلم الشرعي صاحبه لايزال فقيرًا، ولايزال يحتاج إلى الإزدياد؛ لأنّ النبي ﷺ قد أخبر عن ذلك، فقال: (مَنهومان لا يشبعان ، طالب علم وطالب دنيا)؛ فطالب الدنيا كلّما جاءه مِن خير الدنيا شيء تمنّى الزيادة منه ، وهكذا طالب العلم وهكذا أهل العلم هكذا العلماء كلما أنار الله بصائرهم ومنَّ عليهم وفقههم ومنَّ عليهم في هذا الجانب بزيادة العلم فإنهم يزدادون خيرًا إلى الخير الذي معهم ، ولايزالون يحبون الإزدياد ، والدعاء في هذا الباب معلوم ومشهور للجميع ، فإن الله – سبحانه وتعالى – لم يأمر نبيه وخليله وعبده ورسوله ﷺ أن يطلب الزيادة من شيء في هذه الحياة الدنيا إلا من العلم ، فقال – جل وعلا – : (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) ، فإذا كان هذا أمر الله – تبارك وتعالى – لرسول الله ﷺ فما عسى أن نقول نحن ، فنسأل الله – جل وعلا – أن يزيدنا وإياكم علماً وأن يزدنا وإياكم فقهاً ونوراً وهدىً وتقى ، وكلما ازداد المرء علماً كلما ازداد معرفة بنفسه ، وكلما ازداد معرفة بعدوه ، وكلما ازداد معرفة بدار البقاء ، وكلما ازداد معرفة بدار البلاء ، فتجافى عن دار البلاء و دار اﻷذى ودارالنقص ودار الشقاء ، وتباعد عنها ، وسعى وجد وشمر للوصول إلى دار البقاء دارالنعيم المقيم ، جنات عرضها السماوات والأرض تجري من تحتها الأنهار كما وصفها ربنا – تبارك وتعالى – باﻷوصاف العظيمة في كتابه العظيم ، فألله الله يا معاشراﻷحبة أوصيكم ونفسي بالفقه في دين الله ، والحرص على التفقه في دين الله ، حتى تحصل لنا ولكم جميعاً البشارة التي بشر فيها الرسول ﷺ وهي الخيرية (من يريد الله به خيراً يفقهه في الدين) جعلنا الله وإياكم من عباده اﻷخيار ، العباد الأبرار والصالحين النافعين والمنتفعين .