عن ابن عُمَرَ: أن رسولَ الله ﷺ غيَّرَ اسمَ عاصيةَ، وقال: (أنتِ جميلةٌ) .
وهذا الحديث صحيح ، وهو عند الإمام مسلم ، والترمذي وابن ماجه ، وإنما سماها أهلها بهذا الاسم عاصية ، من باب النظر عند العرب إلى المعنى الذي لاحظوه ، وهم ما لحظوا العصيان لله – جل وعلا – لأنهم على غير دين أصلاً ، ما لحظوا هذا المعنى ، وإنما كانوا يسمون عاصية وعاصي نظرًا منهم إلى عزة العرب ، وتعاظمهم وعدم قبولهم للنقص ، وعدم رضاهم بالذل والعي ، فهذا ملحظ العرب الأوائل حينما سموا عاصي وسموا عاصية ، نظروا إلى هذا المعنى هذا الجانب ، فهو عاصي يعني : غير قابل للنقص ، وغير راض بالذل والضيم ، لأنه يرثه العي والمهانة بين الناس ، فلما جاء الإسلام لحظ الملحظ الأصلي في هذا وهو العصيان ضد الطاعة ، الطاعة أيضًا منافية للعصيان ، ضدان ما يجتمعان ، فالنبي ﷺ سماها جميلة ، ولم يأتي بالضد فلم يسمها مطيعة ، لم يسمها مطيعة لأن ضد العاصي طائع ، وضد عاصية مطيعة لم يسمها بهذا الاسم ،مع أنه هو المقابل لعاصية ، لماذا ؟ ، قالوا نظر لعله ﷺ نظر من هذه الناحية ؛ إذا حصل وسماها مطيعة فإن في ذلك يكون تزكية لها ، فخاف – عليه الصلاة والسلام – من هذا الملحظ من هذا الجانب ، فعدل من عاصية فبدل أن يسميها الضد وهو محبوب الطاعة مطيعة ، قال : سماها جميلة ، وهذا تلمس من أهل العلم ، وإلا لم يرد عليه دليل يدل عليه قطعًا وإنما التماس من أهل العلم ، ولذلك يتلمسون العلل – رحمهم الله – أحيانًا تكون الدلائل عليه ظاهرة ، وأحيانًا يكون من باب القرائن التي تحث وأحياناً يكون التماسًا لا دليل عليه ولا قرينة ولكن فحوى النصوص العام التي جاءت عن النبي ﷺ فإنهم يأخذون منها ويستأنسون ، فغيره – عليه الصلاة والسلام – إلى جميلة ،ولم يرضى بتسميتها بهذا الاسم عاصية ، لأن شعار المؤمن الطاعة ، لما جاء الإسلام شعار المؤمنين – جعلنا الله وإياكم منهم – شعار المؤمنين الطاعة لله – سبحانه وتعالى – ، فأصبح عن الناس دين يدينون به ،فشعار المؤمن الطاعة والعصيان ضده ، فأحب النبي ﷺ أن يخرج هذا العبد المؤمن من الشعار المنافي والمناقض للطاعة وهو العصيان ولو بمجرد التسمي ، فأخرجها عنه ﷺ وقال : إنما أنتِ جميلة ، فينبغي أيضًا أن يحسن اختيار أسماء البنات أيضًا ، كما يحسن اختيار أسماء الأبناء ينبغي أيضًا اختيار الأسماء الحسنة للبنات ، الأسماء الحسنة أسماء المسلمين ولله الحمد ؛ كفاطمة وعائشة ، وزينب وصفية وهند ، ونحو ذلك من الأسماء التي عند العرب قبل الإسلام وجاء الإسلام وأقرها ، وأما أن يؤتى بالأسماء الكافرة أو الأسماء العجمية هذا ما ينبغي للمسلم أن يسمي به بناته ، وهو الآن منتشر تسمى ببعض الأسماء الغربية الإفرنجية للأسف للأسف ؛ فالواجب على الوالدين أن يسميا أولادهما بأحب الأسماء ،الأسماء العربية الإسلامية ، وأن يبتعدوا عن الأسماء القبيحة التي كانت عند العرب قبل الإسلام ، والأسماء المحرمة كالتعبيد لغير الله ، والأسماء التي هي من أسماء أهل الكفر أو أسماء أهل الفجور – عافانا الله وإياكم من ذلك ، نعم