قال – عليه الصلاة والسلام – : ( لا تنزع الرحمة إلا من شقي) نعوذ بالله من الشقاء يا معاشر الأحبة ، بعض الناس يرى أن العبوس في وجوه الناس والغلظة عليهم هذه هي القوة هذه هي الرجولة ، هذه هي الشدة في السنة هذا ليس صحيح ؛ إنما الشدة في الحق على من أعرض وخالف ، ويؤخذ على يديه ، أما الجاهل والغافل فينبغي أن يلطف به ، يتلطف معه حتى يعلم ويهتدي ، وكلكم يعرف قصة الرجل الذي جاء النبي ﷺ يسأله أن يرخص له في الزنا ، فاستغرب ذلك الصحابة وأنكروه ، ولكن النبي ﷺ أخذه بالحسنى ، فقال – عليه الصلاة والسلام – : (أترضاه لأمك ؟) قال : لا ، (وهكذا الناس لا ترضاه لامهاتها) ثم أخذه بالتدريج في محارمه ، فما هو إلا أن انتهى رسول الله ﷺ حتى كان أبغض شيء إلى ذلك السائل الزنا ، هكذا قصة الأعرابي الذي بال في المسجد ، وكيف هم به أصحابه ﷺ ، ولكنه – عليه الصلاة والسلام – نهاهم ، قال :(لا تزرموه) تأتي مفسدة أخرى يقوم ويهرب ويقطع بوله في المسجد كله ، وهو الآن يبول في موضع واحد ، فلما جاء به – عليه الصلاة والسلام – أخبره أن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول والغائط كما هو معلوم في الحديث وتعرفونه جميعًا ، فكان رحيمًا – صلوات الله وسلامه عليه – به فعلمه ، وهكذا معاوية بن الحكم السلمي حينما حصل منه ما حصل حينما تكلم في الصلاة عطس رجل وهو في الصلاة فحمد الله فشمته ، فنظر الناس إليه شزرًا ، فلما فرغ من الصلاة ، قال – عليه الصلاة والسلام – : (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس) الحديث ، قال : فبأبي وأمي هو رسول الله ﷺ ما رأيت معلمًا أحسن منه ، فوالله ما كهرني ولا نهرني ، ولكن قال وذكر الحديث ، والشاهد يا معاشر الإخوة الكرام الداعية إلى الله والمعلم والمدرس ينبغي له بل يجب عليه أن يتخلق بهذا الخلق العظيم حتى يقبل عليه الناس ، ويحرم عليه أن يتصف بالغلظة والجفاء التي تنفر الناس عنه وتنفرهم عن قبول الحق فيضلون بسبب قسوته وعنفه وشدته – نسأل الله العافية والسلامة – .