ومن رحمته أيضًا بأمته – عليه الصلاة والسلام – رحمته بهم في باب الأسارى وفي باب الفداء فهاهي ابنته زينب – رضي الله عنها – حينما كان ما كان من وقعة بدر وأسر ﷺ من كفار قريش من أسر قرابة السبعين ، ومكثوا عنده في المدينة ، وحصل ما حصل من الخير في ذلك بتعليمهم أبناء المسلمين القراءة والكتابة ، وحصل منهم أيضًا أن افتدوا بالأموال ، ودفعوا لرسول الله ﷺ وللمسلمين الفداء ، فكان في ذلك الخير ، ومنّ على من منّ – صلوات الله وسلامه عليه – بغير فداء ، ومن ذلك أن ابنته زينب كما قلنا أرسلت مع من أرسل بفداء قريبه ، أرسلت بقلادة لها تفدي بها زوجها أبا العاص بن الربيع ، وكانت هذه القلادة لخديجة أم المؤمنين i قد أعطتها اياها يوم أن أدخلتها على أبي العاص بن الربيع ، فلما بلغت القلادة إلى النبي ﷺ عرفها ، وتذكر خديجة فرق لابنته زينب رقة شديدة ، فقال لاصحابه – رضي الله عنهم – : (إن شئتم أن تمنوا عليها وتعيدوا لها زوجها وما أرسلته من الفداء فعلتم) ، فقالوا: هو كذلك يا رسول الله ، فأعادوا إليها زوجها ، واعادوا عليها فداءها وهو القلادة ، إكرامًا لرسول الله ﷺ حينما رأوا منه رقته الشديدة على ابنته زينب – رضي الله عنها – وكان في ذلك الخير العظيم إذ بعد ذلك الحق زينب بأبيها وأرسلت إلى المدينة ثم جاء بعد ذلك أبو العاص بن الربيع مؤمنًا مسلمًا طائعًا منقادًا ، وهو أبو أمامة التي كان يحملها – صلوات الله وسلامه عليه – في الصلاة ، فهذا من رحمته – عليه الصلاة والسلام – .