ومن رحمته – عليه الصلاة والسلام – بأمته أنه كان يرفق أيضًا ويرحم الضيوف الذين يقدمون عليه مع محبتهم للبقاء عنده – عليه الصلاة والسلام – ، كما جاء ذلك في حديث مالك بن الحويرث – رضي الله عنه – حينما قدموا على النبي ﷺ في جماعة من أهله من قومه وكانوا شبيبة متقاربين أو شببة متقاربين فاقاموا عنده ليالي ما شاء الله – سبحانه وتعالى – أن يقيموا من هذه الليالي ، فلما رأى في وجوههم شوقهم إلى أهليهم – عليه الصلاة والسلام واستحيائهم من أن يستأذنوه فرق لهم – عليه الصلاة والسلام – فطلع عليهم صبيحة ثم قال ﷺ : (ارجعوا إلى أهليكم ، وليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) لما رأى ذلك منهم في وجوههم عرفه – عليه الصلاة والسلام – ، كانوا يحبون البقاء عنده ومع ذلك اشتاقوا إلى أهليهم واستحيوا أن يذكروا له شيئًا من هذا ، فعرف ذلك منهم فرفق بهم – عليه الصلاة والسلام – ، فكيف لا يرفق بهم وهو الذي يقول : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فرفق به ، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فشقق عليه ) كان – عليه الصلاة والسلام – رفيقًا بهم – صلوات الله وسلامه عليه – فأمرهم أن يعودوا إلى أهليهم لما رأى ولههم وشوقهم إلى أهليهم في وجوههم لكنهم كتموا ذلك ولم يذكروه له – عليه الصلاة والسلام – ، وأنتم تعلمون أن المسافر إذا بعد عن أهله وغاب عنهم وطالت مدته يشتاق إليهم ، فهنا رسول الله ﷺ أدرك منهم ذلك فما أحب أن تلحقهم المشقة والعنت في هذا فأذن لهم ووجههم – صلوات الله وسلامه عليه – فقال : (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) .