أما بعدُ أيُّها المسلمون فإننا في شهر شعبان وسنتكلمُ حوله في نقاطٍ ست؛ لنُبيِّنَ فيها ما يجب علينا بيانه، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم علمًا نافعًا وعملاً صالحًا.
الأول؛ بل النقطة الأولى:
صيام شعبان:
فهل يتميز شعبان بصيامٍ عن غيره من الشهور؟
الجواب: نعم؛ فلقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يُكثر من الصيام فيه حتى كان يصومه إلا قليلاً؛ وعلى هذا فمن السُنَّة أن يُكثر الإنسان الصيام في شهر شعبان إقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
النقطة الثانية:
صيام نصفه؛ أي: صيام يوم النصف بخصوصه؛ فهذا قد وردت فيه أحاديث ضعيفه لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يُعمل بها؛ لأن كل شيء لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد به لله؛ وعلى هذا فلا يُصام يوم النصف من شعبان بخصوصه؛ لأن ذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ومالم يرد فإنه بدعة.
النقطة الثالثة:
فضل ليلة النصف منه.
وهذا أيضًا فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب أو من ربيع أو من جمادى أو من غيرهن من الشهور لا تمتاز هذه الليلة أعني ليلة النصف من شعبان- بشيء؛ بل هي كغيرها من الليالي؛ لأن الأحاديث الواردة في هذا ضعيفة.
النقطة الرابعة:
تخصيصها بقيام؛ وهذا أيضًا بدعة؛ أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يخصص تلك الليلة بقيام؛ بل هي كغيرها من الليالي إن كان الإنسان قد اعتاد أن يقوم الليل؛ فليقم تلك الليلة أسوةً بغيرها من الليالي، وإن كان ليس من عادته أنه يقوم الليل؛ فإنه لا يخصص ليلة النصف من شعبان بقيام؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأبعد من ذلك أن بعض الناس يخصصها بقيام ركعات معدودة لم ترد عن عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ إذًا لا نخصص ليليتها بقيام.
النقطة الخامسة:
هل يكون تقدير القضاء في هذه الليلة؛ بمعنى: هل يُقدّر في تلك الليلة بما يكون في تلك السنة؟
والجواب: لا؛ ليست ليلة القدر؛ ليلة القدر في رمضان؛ قال الله تعالى: [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ]؛
أي: القرآن، [ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) ] القدر: [1- 3]
وقال الله تعالى: [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ] [البقرة: 185]
وعلى هذا فتكون ليلة القدر في رمضان؛ لأنها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن، والقرآن نزل في شهر رمضان؛ فيتيعين أن تكون ليلة القدر في رمضان لا في غيره من الشهور، ومن ذلك: ليلة النصف من شعبان؛ فإنها ليست ليلة القدر، ولا يقدر فيها شيءٌ مما يكون في تلك السنة؛ بل هي كغيرها من الليالي.
النقطة السادسة:
صنع الطعام يوم النصف؛ فإن بعض الناس يصنع طعامًا في يوم النصف من شعبان؛ ليوزعه على الفقراء ويقول: هذا عشا الأم، هذا عشا الأب، أو هذا عشا الوالدين؛ وهذا أيضًا بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم.
فهذه ست نقاط أحصيتها؛ ولعل هناك أشياء أخرى لا أدري عنها، ووجب عليّ أن أُبيِّنَها لكم، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن ينشرون السنة وينذرون عن البدعة، وأن يجعلنا وإياكم هداةً مهتدين، وأن يحعلنا وإياكم ممن يقتدون ويهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.