وأيضًا قصة موسى – عليه السلام – مع الخضر – عليه السلام – فيها اشادة بالعلم الشرعي (قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) سورة الكهف ، فإن موسى – عليه الصلاة والسلام – وخضر – عليه الصلاة والسلام – من أهل العلم والايمان ، وموسى أفضل وهو من أولي العزم من الرسل – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – ، وهم : نوح ، وابراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ونبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – ، طلب موسى مع فضله وكونه أفضل من خضر طلب السبيل إلى لقيه ، إلى لقي من ؟ ، إلى لقي الخضر وهو دونه ، فقال : (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) الآيات وهي معروفة ، فالشاهد هذا فيه بيان فضل العلم إذ موسى – عليه الصلاة والسلام – مع علو منزلته وهو كليم الرحمن ، ونجي الرحمن ، وخط الله له التوراة بيده ، ومع ذلك سأل اللقي للخضر حتى يستزيد من هذا العلم ، فدل ذلك على فضل ايش ؟ ، العلم ، وفي هذه القصة دلالة على أن الكبير يتعلم ممن هو دونه ، فهذا موسى أكبر من خضر وأعلى قدرًا ومقامًا ، ومع ذلك سأل السبيل إلى لقي الخضر ، فهذا فيه دلالة على أنه يجب على طالب العلم أن يتواضع وأن يتحلى بهذا الخلق ، وهو الرواية عمن هو دونه ، إذا احتاج فلا يتكبر يأخذ عمن هو دونه ، وعبارة السلف في هذا الباب شهيرة (لن ينال العلم حيي ولا مستكبر) ، ولا ينبل المرء – أيضًا عند علماء الحديث – (لا ينبل المرء – يعني : لا يكون نبيلاً – حتى يأخذ عمن فوقه وعمن هو دونه) ، عمن فوقه هذا معروف النفس لا تتأفف ولا تتكبر ، أن تأخذ عمن هو أكبر منك ، لكن عمن هو دونك هذا فيه صعوبة عليها ، ما تحب ، فلا ينبل المرأ حتى يُعالج نفسه ، ويأطرها على أخذ الفائدة ، والنزول للفائدة والحق وإن كانت ممن هو دون ، فلابد من الأخذ ، ولابد من التواضع في العلم .