ما يباح وما يحرم من تعلم علم النجوم – الشيخ : محمد بن هادي المدخلي

عدد الملفات المرفوعه : 1

من العلوم التي لا تنفع ، ما كان فيه نفع وفيه ضرر ، والنفع محدود ، ومجاوزته وقوع في الضرر ، يعني الزيادة على هذا المقدار مُوقع في الضرر ، وهذا القسم منه : تعلم علم النجوم ، فإن علم النجوم على مرتبتين : المرتبة الأولى مباحة ، وهي التي قال الله فيها : “وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ” ، مرتبة جائزة وهي معرفة الجهات ، والاهتداء بالنجوم عليها ، والاستدلال بها إليها ، كقوله تعالى : “وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ” ، وكقوله تعالى : “وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ” ، القمر لا يسمى قمرًا إلا إذا اكتمل ، قال – جل وعلا – : “وَقَمَرًا مُّنِيرًا” والإنارة ما تكون إلا عند الاكتمال ، ثم بعد ذلك قبل منازل وبعد منازل ، يصغر يصغر يصغر حتى ينتهي ليولد من جديد ، ويكبر حتى يصل إلى البدر بعدما يولد ، هذه المنازل “وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا” ، “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ” الآيات ، فالشاهد هذا القسم تعلم هذه المرتبة منه جائز ، تعلم المرتبة الأولى جائز ، لأنك تهتدي بها بمعرفة هذه النجوم ، تعرف الشمال من الجنوب من الشرق من الغرب ، تعرف إذا طلعت الزهرة وقت دخول كذا ، وقت دخول السحر ونحو ذلك وهكذا ، المرتبة الثانية من هذا النوع : هي مازاد عن هذا النحو ، فيتوغل الإنسان في هذا العلم حتى يدخل في الباب المحرم عليه ، وهو علم التأثير ، فإذًا المرتبة الأولى : علم التسيير ، والمرتبة الثانية : علم التأثير ، هذه المرتبة لا يجوز لك الدخول فيها ، ونقصد بعلم التأثير : ما يستدلون به من الأجرام السماوية الفلكية على الحوادث الأرضية ، أنه إذا طلع نجم كذا فسيحصل كذا ، وإذا صار على النحو الفلاني سيقع في الأرض كذا ، ويتأثر العالم بكيت وكيت ، فينسبون هذا إلى ما ؟ ، إلى النجوم ، وهو في الحقيقة إنما هو من الله – تبارك وتعالى – ، ومن آخر ما سمعنا ما حصل من الاعاصير القريبة التي ضربت جزيرة العرب أو نواح من جزيرة العرب في بلاد عمان ، فينسبون هذا إلى الطبيعة ، وهذا من الكوارث الطبيعية التي سببها كذا وكذا وكذا ؛ وهذا شرك وكفر ، إن اعتقد أن هذه الأشياء مؤثرة في الأرض من غير أمر الله – تبارك وتعالى – فهو كفر – نسأل الله العافية والسلامة – ، ولهذا كما تعلمون خلق الله النجوم لثلاث – كما في كتاب التوحيد عندنا – : الأولى : زينة للسماء ” وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ” ، والثانية : رجومًا للشياطين وحفظًا ذلك تقدير العزيز العليم ، والثالثة : علامات يهتدى بها “وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ” ، هذه أدلتها ، خلق الله النجوم لثلاث : الأولى : زينة للسماء “وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ” ، والثانية : رجوم للشياطين وحفظًا كما قال تعالى ذلك تقدير العزيز العليم “إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ” ،“وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا” الآيات ، والثالثة : أنه يهتدى بها ، تعرف النجم القطبي هذا في جهة الشمال ، وتعرف أن الزهرة في مكان كذا ، وتعرف أن سهيل في مكان كذا ، وتعرف أن الثريا في مكان كذا ، فإذا نظرت إلى الثريا في الشمال ، وإذا نظرت إلى سهيل علمت أنك في جهة الجنوب .

أَيُّها المُنكِحُ الثُرَيّا سُهَيلاً … عَمرَكَ اللَهَ كَيفَ يَلتَقِيانِ

هِيَ شامِيَّةٌ إِذا ما اِستَقَلَّت … وَسُهيلٌ إِذا اِستَقَلَّ يَمانِ

فتعرف بها الجهات فنعم ، ما عدا ذلك فلا ، ما عدا ذلك “فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد” ، وما جاء عن أئمة الأسلاف – رحمهم الله – في كراهية تعلم النجوم المراد به هذا ، ما زاد على ما أباحه الشرع ، والكراهية يا معشرة الأخوة والأبناء في كلام الأولين التحريم ، وإلا هل يعقل أن هذا البلاء الذي يؤدي إلى الشرك والكفر المراد به كراهة التنزيه ؟! ، لا ، الكراهة عن الأسلاف الأولين المراد بها كراهة التحريم ، والذي يدل على أن هذا مرادهم النظر في المسائل هذه ، فهل هي من المكروها كراهة التنزيه يعني فعلها يجوز مع الكراهه ؟ ، لا فهي كراهة تحريم .


شرح كتاب بيان فضل علم السلف على علم الخلف (ش : 2).

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1441/11/15
  • مشاهدات : 868
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري