التعلم للنسب التي توصل به الرحم مطلوب ومندوب إليه ، فيجوز لك أن تتعلم بهذا النوع مقدار ما تصل به الرحم ، ولك أن تتعلم ما تعرف به ما تحتاج إليه ، فإذا تجاوز فأوقع الإنسان في الإلتهاء به ، والاشتغال به عما هو أهم منه من العلوم النافعة كان مكروهًا ، فإذا جاوزه بعض الأحيان إلى الفخر بهذه الأنساب ، والإزدراء للآخرين والطعن فيهم ، والتعالي عليهم فإنه يكون محرمًا ، لأن هذه الأنساب لا تنفع أصحابها عند الله يوم القيامة ، ما ينفعهم إلا العمل ، لهذا قال – جل وعلا – : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ، وقدم في أول الآية ما يشير إلى النسب ، وذلك بقوله : (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، فالشعب والقبيلة من مراتب النسب ، فهذا إشارة إلى الأنساب ، ثم قال : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ، فإذا كان موصلًا إلى هذا فإنه يحرم ، والأنساب لا تنفع حينئذ .
آل النبي هُمُ أتباعُ ملتِه … من الأَعاجم والسودانِ والعَربِ
لو لَم يكُن آله إلاّ أقاربه … صَلّى المصلّي على الطّاغي
أبي لهبِ والله – جل وعلا – يقول : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول لآل بيته :(يا عباس يا صفية يا فاطمة) ثم قال : (اعملوا لا أغني عنكم من الله شيئًا) ، في اللفظ الآخر : (لا يأتي الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتون بأحسابكم) ، (يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً) ، فإذا أوصل إلى هذا قد يكون حينئذ محرمًا ، هذه الدرجة إذا وصل إليها كان محرمًا .
شرح كتاب بيان فضل علم السلف على علم الخلف (ش : 2).