الرد على فرية أن محمد بن عبدالوهاب جاء بمذهب خامس جديد – الشيخ : محمد بن هادي المدخلي

عدد الملفات المرفوعه : 1

وهذه الفرية لم يزل هؤلاء المفترون يرددونها على مسامع الناس ويكثرون من ذكرها ليضلوا الناس بها عن سبيل الله ، وليصدوهم عن الحق ، والوقوف عليه ، والإطلاع عليه ، ولكن الله – سبحانه وتعالى – لا يصلح عمل المفسدين ، ولله الحمد كلام الشيخ – رحمه الله – أعني شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في رسائله الشخصية واضح غاية الوضوح في نقض هذه الفرية الصلعاء ، التي هي في الحقيقة فعلاً فرية بلا مرية ، فإن الناظر في كتاباته هذه أعني رسائله الشخصية يجد النص الصريح الواضح الجلي في ردها وتكذيبها ، وأول نقل ننقله معاشر الأحبة لهذا الإمام الهمام المجاهد في سبيل نصرة دين الإسلام ، وإظهاره بين الأنام ابتغاء الأجر والثواب من الملك الوهاب – سبحانه وتعالى – ، أول ما نقرأ نقض هذه الفرية وإسقاطها ، وإسكات أهلها ممن يرفعها في وجوههم ، فإنه إذا رفعها في وجوههم أسكتهم بإذن الله – تبارك وتعالى – وأخرسم ، وألقمهم حجرًا ، أقول أو ما نقرأ من رسالته – رحمه الله – في رسائله الشخصية صفحة ٤٠ حيث وجه هذه الرسالة – رحمه الله – إلى أهل مكة ، يقول – رحمه الله – : ” بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الوهاب، إلى ‌العلماء ‌الأعلام في بلد الله الحرام، نصر الله بهم سيد الأنام، وتابعي الأئمة الأعلام؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد، جرى علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم، وسببه: هدم بنيان في أرضنا على قبور الصالحين، فلما كبر هذا على العامة، لظنهم أنه تنقيص للصالحين، ومع هذا نهيناهم عن دعواهم، وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله، فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البنيان على القبور، كبر على العامة جداً، وعاضدهم بعض من يدعي العلم، لأسباب أخر التي لا تخفى على مثلكم؛ أعظمها: اتباع هوى العوام مع أسباب أخر، فأشاعوا عنا أنَّا نسبّ الصالحين وأنَّا على غير جادّة العلماء، ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب، وذكروا عنا أشياء يستحي العاقل من ذكرها، وأنا أخبركم بما نحن عليه “ إلى أن قال – رحمه الله – : ” نحن ولله الحمد ‌متبعين غير مبتدعين ، على مذهب الإمام أحمد بن حنبل “ ، ويقول أيضًا في رسالته إلى عبدالله بن عبدالله الصنعاني في صفحة ١٠٧ من رسائله الشخصية – رحمه الله – حيث قال : ” الحمد لله، والصلاة والسلام التام على سيدنا محمد سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، إلى عبد الله بن عبد الله ‌الصنعاني، وفقه الله وهداه، وجنبه الإشراك والبدعة وحماه ، أما بعد، فوصل الخط، وتضمن السؤال فيه عما نحن عليه من الدين؛ فنقول، وبالله التوفيق: الذي ندين به: عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بعبادة غيره، ومتابعة الرسول النبي الأمي، حبيب الله وصفيه من خلقه، محمد -صلى الله عليه وسلم- “ إلى أن قال في صفحة 107 : ” وأما مذهبنا: فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، ولا ننكر على أهل المذاهب الأربعة إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقول جمهورها “ هذا كلامه في هذا الموضع الثاني – رحمه الله – ، فنص على أنه – رحمه الله – على مذهب الإمام أحمد ، وليس هو على مذهب جديد ، ولم يأتي بمذهب جديد ، واسمعوا بيان ذلك أيضًا بيانًا شافيًا واضحًا كافيًا حيث رد على هؤلاء المبطلين في باب دعواه الاجتهاد ، وأنه جاء بمذهب جديد يقول – رحمه الله – في هذا الكتاب الذي هو الرسائل الشخصية في رسالته إلى العلامة البكبلي – رحمه الله – حينما قال : ” الحمد لله الذي نزل ‌الحق ‌في ‌الكتاب، وجعله تذكرة لأولي الألباب، ووفق مَنْ مَنَّ عليه من عباده للصواب، لعنوان الجواب، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ورسوله، وخيرته من خلقه، محمد وعلى آله وشيعته وجميع الأصحاب، ما طلع نجم وغاب، وانهل وابل من سحاب ، من عبد العزيز بن محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب، إلى الأخ في الله: أحمد بن محمد العديلي البكبلي، سلمه الله من جميع الآفات، واستعمله بالباقيات الصالحات، وحفظه من جميع البليات، وضاعف له الحسنات، ومحا عنه السيئات؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد، لفانا كتابكم، وسر الخاطر بما ذكرتم فيه من سؤالكم، وما بلغنا على البعد من أخباركم، وسؤالكم عما نحن عليه، وما دعونا الناس إليه “ إلى أن قال – رحمه الله – : ” وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد، فنحن مقلدون الكتاب والسنة، وصالح سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل، رحمهم الله تعالى “ هكذا يصرح – رحمه الله – أنه وإن كان على مذهب الإمام أحمد إلا أنه – رحمه الله – يأخذ أيضًا من المذاهب ما كان عليه المعتمد ، ويتبعه ، ولكن هذا متى ؟ ، بين – رحمه الله – أنه متى صح دليله وصار أقوى وأرجح عنده – رحمه الله – ، فبين أنه وإن كان حنبليًا إلا أنه يأخذ بالمعتمد من أقوال الأئمة – رحمهم الله – ، أصحاب المذاهب الأربعة ، وإذا كان كذلك فأين القول عنه بأنه جاء بمذهب خامس جديد ؟ ، لا إله إلا الله بعد هذا الكلام الواضح من هذا الإمام يُفترى عليه مثل هذه الإفتراءات ؟ ، ولكن له في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والأئمة المصلحين من قبله القدوة والإسوة ، وقد أيضًا بين هذا غاية البيان أبناءه وتلاميذه وأحفاده ، وتلاميذ تلاميذه ، وأئمة هذه الدعوة المباركة ، بينوه غاية البيان وردوا على هؤلاء المفترين في كل عصر وزمان ، ومن أحسن ما جاء في هذا لعلنا ننقله زيادة على كلام الشيخ نفسه ، من أحسن ما جاء في هذا ما جاء في رسالة ابنه الإمام عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ، حيث جاء في رسالته التي هي في بيان ما عليه أئمة الدعوة ، وكذب ما نسب إليهم ، هذه الرسالة التي كتبها الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب بعد دخول الإمام سعود بن الإمام عبدالعزيز بن الإمام محمد بن سعود بعد دخولهم مكة المكرمة سنة ١٢١٨هـ جوابًا لمن سأله عما يعتقدونه ، وعما يدينون الله به ، فأجابهم – رحمه الله – بهذه الرسالة الطويلة ، والتي جاء فيها قوله : ” ونحن أيضًا في الفروع، على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ‌ولا ‌ننكر ‌على ‌من ‌قلد ‌أحد ‌الأئمة ‌الأربعة، دون غيرهم، لعدم ضبط مذاهب الغير، الرافضة، والزيدية، والإمامية، ونحوهم، ولا نقرهم ظاهرًا على شيء من مذاهبهم الفاسدة، بل نجبرهم على تقليد أحد الأئمة الأربعة ، ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق، ولا أحد لدينا يدعيها، إلا أننا في بعض المسائل، إذا صح لنا نص جلي، من كتاب، أو سنة غير منسوخ، ولا مخصص، ولا معارض بأقوى منه، وقال به أحد الأئمة الأربعة: أخذنا به، وتركنا المذهب ”  إلى أن قال : ” فنأمر الحنفي، والمالكي مثلاً، بالمحافظة على نحو الطمأنينة في الاعتدال، والجلوس بين السجدتين، لوضوح دليل ذلك، بخلاف جهر الإمام الشافعي بالبسملة، فلا نأمره بالإسرار، وشتان ما بين المسألتين، فإذا قوي الدليل أرشدناهم بالنص، وإن خالف المذهب، وذلك يكون ‌نادرًا ‌جدًا ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض، فلا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد، وقد سبق جمع من أئمة المذاهب الأربعة، إلى اختيارات لهم في بعض المسائل، مخالفين للمذهب، الملتزمين تقليد صاحبه “ يعني أنه ما من مذهب إلا وتجد في بعض أتباعه من علماءه الكبار من يخالف إمامه الذي يقلده إذا صح الدليل عنده بخلاف قول إمامه ، يقول – رحمه الله – : ” ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله، بالتفاسير المتداولة المعتبرة، ومن أجلها لدينا: تفسير ابن جرير، ومختصره لابن كثير الشافعي، وكذا البغوي، والبيضاوي، والخازن، والحداد، والجلالين، وغيرهم، وعلى فهم الحديث، بشروح الأئمة المبرزين: كالعسقلاني، والقسطلاني، على البخاري، والنووي على مسلم، والمناوي على الجامع الكبير ، ونحرص على كتب الحديث، خصوصًا: الأمهات الست، وشروحها، ونعتني بسائر الكتب، في سائر الفنون، أصولاً، وفروعًا، وقواعد، وسيرًا، ونحوًا، وصرفًا، وجميع علوم الأئمة، ولا نأمر بإتلاف شيء من المؤلفات أصلاً، إلا ما اشتمل على ما يوقع الناس في الشرك “ إلى آخر كلامه – رحمه الله – ، فيا أيها الإخوة الكرام ، ويا معاشر الأحبة هذا كلام الإمام الصريح ، وكلام أئمة الدعوة – رحمهم الله – من بعده كثير في هذا الباب ولا نستطيع أن نأتي له على حصر ، والذي يهمنا دائمًا وأبدًا كلام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في نقض ما نسب إليه من الإفتراءات من خلال رسائله الشخصية – رحمه الله – ، أقول بعد هذا الكلام الواضح كله : لا إله إلا الله من لم يجعل الله له نورًا فما له من نور ، فإذا نظرت إلى هؤلاء الكذابين الذين أفكوا وأتفكوا ورموا الشيخ – رحمه الله – بالأكاذيب ممن سبق ذكرهم ، إذا نظرت إلى مقالاتهم وجدتها بعينها عند المتأخرين الذين يصدون عن دين الله – تبارك وتعالى – ويبغونها عوجًا ، فهؤلاء ما نفعهم علمهم وذلك : لأن الهوى قد غلب عليهم ، فهم وإن كان عندهم علم لكن الهوى قد غلبهم ، ومن أعماه هواه فلا حيلة فيه معاشر الأحبة ، أقول من أعماه هواه فلا حيلة فيه معاشر الأحبة ، وهنا ينبغي أن تعلموا فائدة عظيمة وهي : أن العالم وإن كبر إذا لم تدركه رحمة الله ، ويوفقه الله للعدل ، فإن علمه لا ينفعه ، يكون حجة عليه ، ثم إن العالم إذا وقع في نفسه هوى لا يبالي ما يقول وما يأتي ، وهنا نقول : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، فالعالم إذا وقع في نفسه هوى على شخص ما ولم تدركه رحمة الله ، فإنه لا يبالي حتى أن يأتي بالكذب الواضح والجهل الفاضح ، وهذه سنة الله – تبارك وتعالى – في أن يكشف صاحب الباطل مهما كان حاله ، ومهما كانت منزلته ، ومهما كان مقامه بين الناس ، لماذا ؟ ، ليُري الله – سبحانه وتعالى – أهل الحق الحق بدلائله لا بقائله ، فأن الحق معاشر الأحبة إنما يُعرف بالدلائل لا بعظمة القائل ، ونحن نتحدى هؤلاء جميعًا أن يأتونا بنص واحد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – خالف فيه الأئمة المعتبرين – رحمهم الله – حتى يكون قولهم سليمًا ومستقيمًا وأنه جاء بمذهب جديد ، فإنا لا نعلم لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب قولاً شاذًا ، فما من قول جاء به ، حتى ولو خالف فيه المعتمد من المذهب عند المتأخرين من الحنابلة ، حتى وإن خالف فيه المعتمد في المذهب عند المتأخرين من أصحابنا الحنابلة إلا وتجده – رحمه الله – يوافق رواية من الروايات عن الإمام أحمد في هذه المسألة ، إذ الإمام أحمد – رحمه الله – له روايات كثيرة أحيانًا في المسألة الواحدة له روايتان وثلاث أربع ، وأقصى ما علمنا تقريبًا خمس روايات تاتي في بعض المسائل عنه ، فما من مسالة يخالف فيها المذهب في بعض الأحيان ، وكما سمعتم قول الإمام عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – قوله : ” وهذا نادر جدًا ” أقول : نعم ، ما من مسألة يخالف فيها المعتمد من المذهب إلا وله رواية أخرى فيها عن الإمام أحمد يوافقها ، وهكذا الأئمة الأربعة تجده يوافقهم إذا أخذ بمثل هذه الرواية ، تجد هذه الرواية الأخرى عن الإمام أحمد إما موافقة لقول أبي حنيفة ، وإما موافقة لقول مالك ، وإما موافقة لقول الشافعي ، فأين هذا المذهب الجديد الذي جاء به – رحمه الله – ؟ ، ألا قبح الله الكذب والكذابين .


  • (قراءات في الرسائل الشخصية لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – تدفع عنه الإفتراءات (ش:6).

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1441/12/27
  • مشاهدات : 1٬002
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري