وخرج البيهقي من حديث ابن مسعود مرفوعاً : «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا» وقد روي من وجوه متعددة في أسانيدها مقال .
وهي في الحقيقة يشد بعضها بعضًا فيصل بها الحديث إلى درجة الحسن لغيره ، يعني لا تتكلموا فيهم – رضي الله عنهم وأرضاهم – ، ولا يحملنكم ما انتهى إليكم من علم أنه وقع فيما بينهم خلاف لا يحملكم على التعدي ، وعلى الوقوع فيهم ، امسكوا (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، قد رضي الله عنهم وهو يعلم أنهم سيختلفون ويقتتلون ، ويقع بينهم ما يقع ، ولكنهم -رضي الله عنهم وأرضاهم- كلهم في هذا مجتهدون وإنما أرادوا نصرة الحق ، فمن مصيب للحق وله فيه أجران ، ومن مخطئ وله أجر الاجتهاد ، وما غلت قلوبهم على باطل – رضي الله عنهم – ، ولا على غش ، ولا على خديعة ، ولا على شر ؛ بل هم خيرة الناس بعد الرسل – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – ، فإذا ذكروا فيجب أن نمسك ، ولا نطعن فيهم ، ولا نتكلم فيهم بسبب ما انتهى إلينا من ذكر بعض الحوادث التي وقعت بينهم ، فلا يكون هذا حاملاً لنا على الطعن في أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فيجب أن نمسك ولا نذكرهم إلا بخير حال ، بخير ذكر وبأجمل ذكر – رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم – ، وكذلك إذا ذكرت النجوم فأمسكوا ما يتجاوز قدر المباح الذي يجوز تعلمه : يهتدى بها إلى الطريق ، وجمال ، ورجوم للشياطين ، ولا يتجاوز ما عداه ، لأنه حينئذ يوقع في المحرم – عياذًا بالله من ذلك ، نعم .