من أعظم الفوارق بين دين أهل الإسلام ودين المشركين – الشيخ : محمد بن هادي المدخلي

عدد الملفات المرفوعه : 1

القارئ: قال المؤلف -رحمه الله – :
القاعدة الأولى: أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله ﷺ مقرون بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر .
تعليق الشيخ : هذه أول قاعدة مهمة جداً ، أصغوا إليها ، لا تتهاونوا فيها معشر الأحبة ، أرعوا لها أسماعكم ، وثبتوها في قلوبكم ؛ هذي أول قاعدة مهمة جداً ؛ وهي من أعظم الفوارق بين دين أهل الإسلام ودين المشركين، نعم .
القارئ: أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله ﷺ مقرون بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر ، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام ، والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}.
شرح سماحة الشيخ ابن باز – رحمه الله – :
القاعدة الأولى: أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم الرسول ﷺ والصحابة رضي الله عنهم مقرون بتوحيد الربوبية ، مقرون بأن الله خالقهم ورازقهم ، ومدبر أمورهم ، وليس عندهم في هذا شك ، وجهال المسلمين اليوم يحسبون أن الإقرار بهذا التوحيد يكفي ، إذا أقر أن الله الخالق الرازق ، وأنه ربه كفى ، هذا من الجهل ، إذ تعليق الشيخ: هذا جهل هذا حكم من الشيخ – رحمه الله -، نعم .
القارئ: هذا من الجهل ، إذ صار المشركون أعلم منهم ، فإذا أقر أحدهم بالربوبية وقال : إن الله ربي وخالقي ورازقي اعتقد ذلك أنه يكفي ، لا ما يكفي ذلك ، فالمشركون أقروا بذلك ، كما قال تعالى : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، ويقول : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} فالمشركون مقرون بذلك.
قال تعالى : {قُلْ} يعني يا محمد {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} ما دمتم تعرفون هذا أفلا تتقون الإشراك بالله ، وترجعون إلى التوحيد والحق ، فهم يعرفون هذه الأمور ، ويقرون بها لله ، ومع هذا ما أسلموا ، فلم ينفعهم ذلك ، قاتلهم النبي ﷺ لأنهم ما خصوا الله بالعبادة ؛ بل أشركوا مع الله اللات والعزى ومناة وأصنامهم الكثيرة .
فالتوحيد هو صرف العبادة لله وحده ،والإيمان بأنه وحده المستحق لها دون ما سواه ، ومما يبين لك هذا أن المشركين يقولون ما دعوناهم ، وما توجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة .
تعليق الشيخ: نعم هذه القاعدة الأولى التي يجب أن تنقش على قلوبنا ؛ فلا تغيب كالنقش في الحجر ، أن نعلم جميعاً أن الكفار اللذين قاتلهم النبي ﷺ فاستحل دمائهم وأموالهم وذراريهم ونسائهم ، وسباهم ﷺ ، أن نعلم أنهم كانوا مقرين بأن الله تعالى هو الخالق ، ويقرون بأن الله تعالى هو الرازق ، ويقرون بأن الله تعالى هو المحيي وهو المميت – سبحانه وتعالى -، وأنه المدبر لجميع أمور عباده ، وأنه خالق السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما ، ولكن هذا لم ينفعهم ولم يدخلهم في الإسلام فهذا توحيد إيش؟ ، الربوبية هذا هو توحيد الربوبية وتوحيد الربوبية: هو إفراد الله بأفعاله ، فالمشركون لم يشركوا في توحيد الربوبية ، قريش وسائر العرب المشركين الأولين لم يشركوا في توحيد الربوبية أبداً ، والله قد حكى – سبحانه وتعالى – ذلك عنهم في اعترافهم به في القرآن ، فقال – جلّ وعلا – :{قُلْ} أي: يا محمد ، قل لهؤلاء : {مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} الجواب هو هذا الله ، ما عندهم في هذا شك ، فالخلق والرزق وتدبير الأمور وإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي هذا يعترفون بأنه لله ، فهم معترفون بتوحيد الربوبية ، ما أشركوا فيه ، بدليل ما سطره عليهم القرآن ، قال – جلّ وعلا- : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} .

هذا لا إشكال عندهم فيه معترفون به مقرون به غير مشركين فيه ، يعني ما يعتقدون أن أحد يخلق مع الله ، ولا أحد يملك ما في السماء والأرض مع الله ، يدبر الأمور مع الله أبداً ، لكن للأسف وجد في زماننا من يعتقد أن غير الله يخلق ، ويزعم أنه مسلم للأسف ، فصار كفار قريش والعرب الأولين أعلم بالله منه في هذا الباب ، صاروا أعلم بالله منه مع كفرهم – نسأل الله العافية والسلامة – ، فإذاً مع إقرارهم بهذا هذا تنبيه لنا نحن معشر المسلمين على أن الإقرار بهذا النوع من التوحيد لا يكفي ولا يدخل به صاحبه الإسلام ، وبعض الجهلة كما قال شيخنا – رحمه الله – يظن أنه إذا أقر أن الله الخالق الرازق المحي المميت يظن أن هذا هو التوحيد الذي بعث الله به رسوله محمداً ﷺ، ومن قبله من الرسل ، يظن أن هذا هو التوحيد ، وهو الإسلام والإيمان ، وأن هذا يكفي, لا هذا ما يكفي ، هذا جهل ، بل هؤلاء المشركون كانوا مقرين به ، ومع ذلك قاتلهم النبي ﷺ ، فلم يدخلهم هذا الإقرار بهذا النوع من التوحيد في الإيمان في دائرة الإيمان ، فقاتلهم رسول الله ﷺ ، فالخصومة بين الأنبياء جميعاً وبين أممهم وأقوامهم لم تكن في توحيد الربوبية ، هذا مقرون به وإنما كانت في توحيد الألوهية ، فإذا كان النبي ﷺ بعث في قوم يقرون بأن الله هو الخالق والرازق والمحي والمميت والمدبر لجميع أمور خلقه في السماوات والأرض وما بينهما ، ومع ذلك استحل قتالهم ؛ دل على أن هذا النوع من التوحيد ليس هو العبادة المطلوبة ، وأن هذا النوع من التوحيد الإقرار به لا يكفي ولا يدخل صاحبه الإسلام .
وفيه أيضاً تنبيه لنا ورد على من يفسر اليوم من أهل الإسلام للأسف من يفسر شهادة أن لا إله إلا الله بأنها : لا خالق إلا الله ، لا رازق إلا الله ، لا محيي إلا الله ، لا مميت إلا الله ، هذا فيه رد على من يفسر شهادة أن لا إله إلا الله بهذا ، بأنها لا خالق إلا الله ، لا رازق إلا الله ، لا محيي إلا الله ، لا مميت إلا الله ، كما قال بعضهم وأعني بذلك جماعة التبليغ ومن وافقهم ، يقولون: إخراج اليقين الفاسد من القلب وإدخال اليقين الصحيح محله ، حتى تعلم أنه لا خالق لا رازق لا محي لا مميت إلا الله ، هذا هو التوحيد وهذا اليقين ، هذا توحيد أبو جهل الذي قاتله رسول الله ﷺ ، ما هو توحيد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وإسماعيل عليه الصلاة والسلام ، وإسحاق ويعقوب ، ومحمد ﷺ ، هذا جميع الخلق معترفين به في جميع الأعصار مع جميع الانبياء ما كانت الخصومة بين الانبياء وبين أقوامهم فيه ، وإنما كانت الخصومة بينهم في توحيد الإلهية ، توحيد العبادة .
إذا هذا يفيدنا أن من فسر الشهادة ، شهادة أن لا إله إلا الله كما قلت لكم ، هؤلاء الجماعة يقولون في التوحيد ما هو ؟ هكذا يعرفونه : إخراج اليقين الفاسد من القلب طيب أخرجناه ، وإدخال اليقين الصحيح محله أو عليه طيب أدخلناه ، طيب ما هي ؟ ، قال : حتى تعلم أنه لا خالق إلا الله ، لا رازق إلا الله ، لا محيي إلا الله ، لا مميت إلا الله ، هذا الآن سمعتموه توحيد المشركون ولا لا ؟ ، أقروا به ولا لا ؟ ، أدخلهم في الإسلام؟ ، لم يدخلهم مع إقرارهم به ، قاتلهم رسول الله ﷺ حتى دخلوا في دين الله – جلّ وعلا – ، فهؤلاء المشركون مقرون بهذا الذي ذكره هؤلاء الجهال وسموه التوحيد ، فهذا غاية التوحيد عندهم ، والتوحيد إنما هو معنى لا إله إلا الله: لا معبود حق إلا الله ، لا معبود بحق إلا الله ، فما دمتم أيها المشركون تعرفون هذا ، قال الله – جلّ وعلا – لهم: {أَفَلَا تَتَّقُونَ} يعني: أفلا تتقون الإشراك بالله ، وترجعون إلى التوحيد ، وتوحدون الله – جلّ وعلا – التوحيد الحق ، فهم يعرفون هذه الأمور ، ويقرون بها لله ، لكنهم لم يكونوا مسلمين ، بل هم مشركون وقاتلهم – عليه الصلاة والسلام – ؛ فالتوحيد صرف العبادة لله وحده ، إفراد الله بأفعالنا نحن الخلق ، فلا نعبده إلا هو – جلّ وعلا – ، فلا ننذر إلا له ، ولا ندعوا إلا إياه ، ولا نتوكل إلا عليه ، ولا نذبح إلا له ، ولا نصلي إلا له ، ولا نخاف خوف السر إلا منه – سبحانه وتعالى – ، ولا نستغيث إلا به ، وهكذا بقية أنواع العبادة ، إذاً لا بد أن يعلم هذا الأمر ، فتعرف هذه القاعدة الأولى: أن العرب الذين بعث فيهم النبي ﷺ كانوا يقرون بهذا ، ولم يدخلهم الإسلام ، فإذا رأيت من يقر بهذا التوحيد ، وهو يسعى في نقض توحيد العبادة ، فليس بمسلم ، ولو زعم أنه مسلم ، يقول لك : لا خالق إلا الله ، لا رازق إلا الله ، لا محيي إلا الله ، فالجاهل ينخدع ويغتر فيظن أنهم مسلمون ، وليسوا على الإسلام ، وهم يعبدون البدوي ويعبدون الحسين ، ويعبدون المرغني ويعبدون التيجاني ، ويعبدون الجيلاني ويعبدون الدسوقي ، ويعبدون العيدروس ويعبدون ويعبدون ويعبدون إلى غير ذلك ، هؤلاء ليسوا مسلمين وإن زعموا أنهم مسلمون ، وإن صلوْا الليل والنهار ما داموا يدعون هؤلاء من دون الله ، ويرجون نجدتهم ويستغيثون بهم في الكروب والملمات ، وعند الشدائد والمهمات ، وينذرون لهم ويتقربون إليهم ، هؤلاء ليسوا مسلمين ، ولو صلوا الليل والنهار لماذا؟ ، هؤلاء دخل عبادتهم الشرك فأفسدها وأبطلها ، فلا يسمون موحدين ، كما لا يسمى من انتقضت طهارته طاهراً ، فلا تسمى صلاته صلاة لأنها فاسدة ، صلاها وطهارته قد انتقضت فمن انتقضت طهارته فالعبادة معها لا تسمى عبادة ، فهكذا من انتقض توحيده فالإسلام الذي يدعى مع ذلك لا يسمى إسلاماً ، بل هؤلاء مشركون ، ولا بد أن يعلموا ذلك ، وأن يبين لهم ذلك حتى يتقوا ، تقرأ عليهم هذه الآيات وتفسر التفسير الصحيح الذي فسرها به أصحاب رسول الله ﷺ والتابعون وأتباع التابعين وأتباعهم بإحسان من الأئمة المرضيين – رحمهم الله تعالى – ، يبين لهم هؤلاء عندهم كثير يلبسون عليهم ، إذاً فالعبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد ، كما أن الطهارة لا تسمى طهارة إذا جاء ناقض من نواقضها فأبطلها ، وهذه القاعدة كما قلت لكم فيها هذان التنبيهان :
التنبيه الأول: على أن الإقرار بهذا النوع من التوحيد لا يكفي ، ولا يدخل به صاحبه الإسلام .
وفيه أيضاً رد على من يفسر شهادة أن لا إله إلا الله بأنها لا خالق إلا الله ، لا رازق إلا الله ، لا محيي لا مميت إلا الله ، فهذا غير صحيح ، وذلك لأن الكفار ومشركي العرب الذين قاتلهم النبي ﷺ كانوا يقرون بهذا النوع من التوحيد ، ومع ذلك قاتلهم النبي – عليه الصلاة والسلام -، فعلم أن ما أراده غير هذا ، وعلم أن معنى لا إله إلا الله هو الذي صرحت به قريش في صورة {ص} كما حكاه الله عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} هذا عرفوه ، فإذاً التوحيد هو إفراد الله بالعبادة ، إله واحد ، فتباً لمن كانت قريش أعلم بمعنى لا إله إلا الله منه ، نعم .


  • مقتطف من (التعليق على شرح القواعد الأربع للإمام ابن باز – رحمه الله – )

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1442/01/11
  • مشاهدات : 461
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري