الرد على شبهة ما دعوناهم إلا من أجل القربة والشفاعة – الشيخ : محمد بن هادي المدخلي

عدد الملفات المرفوعه : 1

هذه الشبهة جاء عليها الشيخ – رحمه الله تعالى – والآن موجودة عند عباد القبور ، موجودة في عباد القبور في طول العالم الإسلام وعرضه ، وللأسف تجد من يطوف على هؤلاء المقبورين ويطلب الولد منهم ، من يطوف على هؤلاء المقبورين يطلب الوظيفة منهم ، ومن يطوف على هؤلاء المقبورين ويطلب النجاح منهم ، ومن يطوف على هؤلاء المقبورين وينذر لهم ، ومن يطوف على هؤلاء المقبورين وينذر لهم خائفًا من أن يلحق به شرًا إلى غير ذلك ، فأولئك قد تجاوزوا المشركين الأولين .
ومع فعلهم هذا يقولون نحن نعترف أنهم ما يخلقون أويرزقون ، لكن اليوم وجد كما قلت لكم في غلاة الصوفية من يزعم أن هؤلاء فيهم من يخلق ويرزق – عياذاً بالله – ، وهذا صريح موجود ، والآن جاءت وسائل التواصل التي يسمونها الاجتماعي ، وهي تقاطع وتفاصل وشر عظيم ، وإن حصل منها خير لكنها نشرت شراً ، ووجد فيها لأهل الخير والحق مستند ولله الحمد ، أدلة على هؤلاء بالصوت والصورة ، تجد هؤلاء مع معظميهم مع من يدعون لهم القربة والولاية يصرفون لهم حق الله – تبارك وتعالى – ، فيدخلون من باب المسجد المبني على هذا القبر أكرمكم الله كالدواب يمشون على أربع حتى يصلوا إلى ذلك الضريح ، ويخرجون على مؤخراتهم ووجههم إلى صاحب الضريح يمشون على أربع ؛ بل رأينا بعضهم أكرمكم الله كالكلب يزحف إلى بعض هؤلاء المقبورين ، ويزعمون مع ذلك أنهم مسلمون ، لا والله ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين ، ولكن راقبوا معشر الأحبة الفرق بين الحكم العام وبين الحكم الخاص العيني ، أن هذا بعينه وهذا بعينه مشرك كافر يحتاج إلى ما؟ ، إلى بيان كما قال سماحة شيخنا – رحمه الله – ، يحتاج أن يبين لهم أن هذا شرك فإن تابوا فالحمد لله ، وإن لم يتوبوا فهم مشركون ليسوا على الإسلام – نعوذ بالله من ذلك -.
هذه الشبهة بين شيخ الإسلام – رحمه الله – أن هؤلاء الذين يدعون الأولياء من دون الله – تبارك وتعالى – ، ويدعون هذه الآلهة أياً ما كانت ، صالحين ملائكة ، أصنام أحجار ، أوثان مقبورين ، أي نوع كان ، يقولون : نحن ما دعونا هؤلاء ولا توجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة ، الآن هذه مغالطة نحن نعرف أن الله هو الخالق ، وهو الرازق ، وهو المدبر ، وهو المحيي ، وهو المميت نحن ما نقول : إنهم يفعلون هذا ، هذا ما أدركه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – ، كيف لو رآه الآن من يقولون : إن الأولياء يخلقون ، بعض الأولياء يخلقون ، ويقول للشيء كن فيكون ، كيف لو سمع هذا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ماذا عسى أن يقول ؟! ، هذا قوله – رحمه الله – في قوم يقولون نحن ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة ، يعني المشركين الأولين كانوا يقولون هؤلاء هذا القول ، مشركي زماننا أشد شركًا من المشركين الأولين من هذه الناحية وللأسف من أمة الإسلام .
يقولون ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة ، فرد الله – جلّ وعلا – عليهم ذلك .
فأولاً : طلب القربة ، أخبر الله عنهم في قوله : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} يعني يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، العبادة التي هنا هي ماذا؟ ، الدعاء دعاؤهم لهؤلاء الأولياء ، دعاؤهم لهؤلاء الأنبياء ، دعاؤهم لهؤلاء الصالحين ، والدعاء عبادة ، قال – جلّ وعلا – : {وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ} قال – جلّ وعلا – : {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي} يعني دعائي {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} ، فسمى الله – سبحانه وتعالى – الدعاء عبادة ، فهكذا المشركون هنا يريدون بالعبادة ما نعبدهم يريدون به دعائهم يعني : ما ندعوهم ، فالدعاء هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ} يعني من دون الله – جلّ وعلا – {أَوْلِياءَ} يقولون في هذا : {مَا نَعْبُدُهُمْ} يعني ما ندعوهم {إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى} رد الله عليهم فقال : {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يوم القيامة ، ثم قال: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ} فأخبر أنهم أهل كذب كذابون ، وحكم عليهم بالكفر ، هذا رد عليهم حينما زعموا أنهم ما يعبدونهم أي : ما يدعونهم إلا ليقربوهم إلى الله زلفى ، قال – جلّ وعلا – : {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ} فحكم عليهم بالكذب والكفر ، فشهد عليهم بالكذب ، وحكم عليهم بالكفر ، هذا رد عليهم في دليل القربة { لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى} ، وأيضا نحن نطلبهم للشفاعة نحن ما نعتقد أنهم يخلقون ويرزقون ، لا ، نحن نطلب منهم الشفاعة ، قال – جلّ وعلا – : {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} فالعبادة هنا هي الدعاء أيضاً ، يدعون هؤلاء المقبورين :

والشرك جعلك نداً للعباد ولم
يشارك الله في تخليقنا أحد
تدعوه ترجوه تخشاه وتقصده
لدفع شر ومنه الخير ترتفد
وعلمه بك مع سمع الدعاء وقدرة
وسلطان غيب فيه تعتقد
مثل الألى بدعاء الأموات قد هتفوا
يرجون نجدتهم من بعد ما لحدوا

صاروا تراب رميم وهم يدعونهم من دون الله – جلّ وعلا – ، قال – جلّ وعلا – : {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا} نحن ندعوهم نعبدهم ، العبادة هنا هي الدعاء ، نحن ندعوهم لطلب الشفاعة منهم لم؟ ، لأنهم صالحون أصلح منا خير منا وأفضل منا ، وهم لله طائعون وهم وهم وهم وهم ، فنحن لأجل ذلك ندعوهم من دون الله – جلّ وعلا – ليشفعوا لنا ؛ فأبطل الله – سبحانه وتعالى – ذلك في باب الشفاعة ، فالشفاعة شفاعتان : منفية ومثبتة ، فالمنفية ما كانت تطلب من غير الله ، فالذي يطلب الشفاعة من المقبورين أولياء وصالحين وأنبياء ، هذه الشفاعة لا تحصل ، لأن هؤلاء المدعوين لا يملكونها {قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً} هذه الشفاعة المنفية هي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله – جلّ وعلا – مما ذكرناه :

تدعوه ترجوه تخشاه وتقصده
لدفع شر ومنه الخير ترتفد
مثل الألى بدعاء الاموات هتفوا
يرجون نجدتهم من بعدي ما لحدوا

ما يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعًا ، ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشوراً ، وهؤلاء {لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} عاجزون {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} فهذه الشفاعة التي تطلبونها أنتم من هؤلاء ، طلبتموها من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، والدليل قوله – جلّ وعلا -:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} فهذه الشفاعة المنفية هي التي يطلبها هؤلاء ممن لا يقدر عليها ، أما الشفاعة المثبتة : فهي التي تطلب من الله – تبارك وتعالى – {قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً} ، فإذا كنت صادقًا تطلب الشفاعة ، أعبد الله مخلصًا له الدين ، وقل يا الله شفع في نبيك صلى الله عليه وسلم ، فأنت تطلبها ممن؟ ، ممن يملكها ، وذلك لأن الشافع وهم الأنبياء والصالحون مكرمون بالشفاعة ، الله يكرمهم بها ، ألا ترون أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة يسجد تحت العرش طويلاً ولا يقوم ولا يرفع رأسه حتى يقول الله له: “يا محمد ارفع رأسك ، وسل تعطى ، واشفع تشفع ” ، فإذن له بالشفاعة ، فيشفع في أهل الموقف ، فإذاً الشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله ، فيكرم الله الشافع بها ، ويكرم المشفوع بالشفاعة فيه ، والله لا يكرم إلا من رضي قوله وعمله ، فالمشفوع فيه هم أهل التوحيد ، أما أهل الشرك فلا ، قال – جلّ وعلا – : {فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ} .

فهؤلاء الذين يقولون ما دعوناهم وما توجهنا إليهم ، فهم ما يقولون أن المدعوين الذين دعوناهم وطلبنا منهم القربة والشفاعة يخلقون ، وإنما يقولون نحن دعوناهم ليشفعوا لنا وليقربونا إلى الله ، لأنهم أصحاب عبادة وأصحاب دين ، فلهذا نحن ندعوهم ونستغيث بهم ؛ فحكم الله عليهم بالكفر وشهد عليهم بالكذب ، فينبغي أن يعلم أن هذا الأمر أمر خطير جدًا ، ألا وهو زعم أن هذه العبادة التي يقومون بها لهؤلاء المعبودين من دون الله ، زعمهم إنما هي دعاء لأنهم أهل صلاح أحسن منا ، هذه شبهة قد أبطلها الله – جلّ وعلا – في كتابه ، وأنزل القرآن يتلا فيها إلى يوم القيامة ، فهؤلاء المشركون يقرون بأن آلهتهم لا تنفع ولا تضر ، وأن الذين يدعونهم من دون الله لا ينفعون ولا يضرون ، ولا يخلقون ولا يحيون ، ولا يميتون ولا يرزقون ، ولكن يزعمون أنهم يقربونهم من الله ويشفعون لهم عنده ، وهذا هو الشرك ، فأبطل الله – جل وعلا – حصول الشفاعة لهم ، وأنها لا يمكن أن تحصل لهم إلى أن يستقيموا على دينه ، ويتوبوا من هذا الشرك ، ويستقيموا على التوحيد ، ويعبدوا الله وحده – جلّ وعلا – ، ويتركوا الإشراك به ويوحدوه – سبحانه وتعالى – ، ويفردوه بالعبادة بجميع أنواعها ، ومنها الدعاء الذي هو دعاء هؤلاء الأولياء كما يقولون ، يفردوه بالدعاء الذي هو العبادة ، وإلا فهم مشركون ، والمشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم فعلوا ما يدل على ذلك ، كما حكاه الله – جلّ وعلا – هنا ، فمن شابههم في فعلهم أخذ حكمهم ، فالحاصل أن دعاء هؤلاء الأولياء من دون الله ، والاستغاثة بهم من دون الله ، وصرف بعض العبادات لهم من دون الله كالنذر ، وهذا أظهر ما يكون فهذا موجود الآن ، يأتي بالعجل والثور ويذبحه عند قبر الولي ، يطلب منه الرزق ، يطلب منه الولد ، يطلب منه الوظيفة إلى غير ذلك ، موجود في طول العالم الإسلام وعرضه هذا شرك الأولين الذي قصه الله – جلّ وعلا – علينا في كتابه كما سمعتم ، فدعاء هؤلاء لغير الله ، واستغاثتهم بغير الله ، وصرف هذه العبادات أو بعضها لغير الله ، هذا يجعل العبد مشركاً ، ولو زعم أنه يقول لا إله إلا الله ، لأن لا إله إلا الله عنده هنا يفسرها أولاً بالتفسير الأول لا خالق إلا الله ، لا رازق إلا الله ، لا محيي إلا الله ، لا مميت إلا الله ، وهذا توحيد الجاهلية الذي لم ينفعهم ولم يدخلهم الإسلام ، توحيد المشركين ، توحيد العرب توحيد قريش الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ، توحيد أبي جهل وأبي لهب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لم ينفعهم ، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم مقرون به ، لأنهم لم يحصل منهم التوحيد الحقيقي الذي هو توحيد العبادة ، الذي هو إفراد الله بأفعالنا نحن معه – سبحانه وتعالى – ، فالذي يعبد هؤلاء المقبورين من بدوي وعبد القادر جيلاني كما قلت لكم والدسوقي وسيد سنجر والعيدروس وغيرهم الحسين أو ما شئتم قولوا من الأسماء التي وجدت لها المشاهد في بلاد المسلمين طولاً وعرضًا – نسأل الله العافية والسلامة – هؤلاء كلهم يقولون هؤلاء صالحين نحن نتقرب بهم إلى الله ، يقربوننا إلى الله ، نتوسل بهم إلى الله ، نرجو شفاعتهم عند الله ، هذا في الحقيقة هو العبادة ، ولا ينفعهم ذلك بل هم واقعون في الشرك .
والواجب على المسلم أن يحذر من أن يقع في دين المشركين ويلبس عليه بهذه بإيش ؟ ، ويلبس عليه بهذه الشبهة ، فالواجب علينا جميعًا أن ندعو هؤلاء الذين نراهم ، ونبين لهم بالدلائل من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته مع هؤلاء المشركين ، وتعليم من لم يفقه ذلك من إخواننا في بلدان المسلمين الذين لا يعلمون هذا العلم ، وممن أيضاً يمارسون هذه الطقوس وهذه الشعائر يجب أن يعلموا ، فنعلم إخواننا حتى لا ينخدعوا ، ونعلم هؤلاء حتى يتوبوا ويعرفوا دين الله – جلّ وعلا – ، ويكونون حينئذ على بصيرة ، فإن اهتدوا وآمنوا فالحمد لله ، وإن لم يهتدوا فهم المشركون وإن زعموا أنهم مسلمون ، ونسأل الله – سبحانه وتعالى – بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم جميعًا لما يحب ويرضى ، وأن يجنبنا وإياكم أسباب سخطه ، إنه جواد كريم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان .


  • مقتطف من (التعليق على شرح القواعد الأربع للإمام ابن باز – رحمه الله -).

شاهد-على-اليوتيوب

  • 1442/01/11
  • مشاهدات : 857
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري