كنَّا ضلَّالًا فهدانا الله به-عليه الصلاة والسلام-، يتعرض هذا الدين وهذا النبي الكريمﷺ للهجمة الشرسة من أعداء الكفَّار وليس ذلك بغريب عليهم (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا)(الفرقان: 31)، وفي هذا بشارة من الله-جل وعلا-للهداية لِمَن وفَّقه، والنصرة لِمَن آمن بنبيه ونصر دينه-صلوات الله وسلامه عليه-.
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)(الصافات: 171-173).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)(محمد:7-8)، فلهم التعاسة والإضلال، ومن أضلَّه الله-جلَّ وعلا-فلا تسأل عنه، فهؤلاء لن يبلغوا من نبيِّه ﷺ شيئًا (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)(الحجر:95)، فليس ذلك بغريب فقد استهزئ به ﷺ في حياته. وهذا ليس خاصًّا بنبيِّنا من عدوِّه-عليه الصلاة والسلام-بل قد شاركه الأنبياء-صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، فقد قال الله-جلَّ وعز-عن نوح مخبرًا عن حاله مع قومه: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ…)(هود:38)، قال الله-جلَّ وعلا-مخبرًا على لسان نوح-عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام-في الرد عليهم: (…قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ)(هود:38-39).
هذه بشارة الله-جلَّ وعلا-لأوليائه وأنبيائه ورسله-صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-.
والواجب علينا أمَّة الإسلام: أن ننظر في الطريق الشرعي الذي يردُّ به على هؤلاء، ولا يسلك الإنسان طريق العاطفة العاصفة التي لا يجني منها خيرًا وربَّما جنى شرًّا، فالله-سبحانه وتعالى-مظهر دينه على الدين كلِّه ولو كره المشركون.
وليس ذلك بمستغرب على أعداء الله وأعداء الرسل-صلوات الله وسلامه عليهم-ضد هذا النبي وضد هذا الدين، لأنَّ الله-جلَّ وعلا-يقول: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى…)(البقرة:120)، في الآية الأخرى (…قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ…)(آل عمران:73).
والشاهد: إخبار الله لنا بأنَّ هؤلاء لا يرضيهم إلَّا أن نرتد على أعقابنا (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)(آل عمران:101)، فهذا ليس بمستغرب من الكفار، إذ هم منذ أن فتح الله-جلَّ وعلا-على هذه الأمَّة ببعثته-عليه الصلاة والسلام-وهم ساعون في هذا المضمار، وكما خيَّب الله آمالهم في أول الأمر وعلى مَمَر العصور فسعيهم في تباب في هذه الأيام وفيما بعد ولله الحمد، ونحن مطمئنون إلى نصر الله-جلَّ وعلا-لدينه ولرسوله ﷺ .