ولكن الذي يَحُز في نفوس أهل الإسلام الصادقين مظاهرة أهل الأهواء على أهل الإسلام-على أهل السنَّة-، مظاهرتهم لأعداء الله على أهل الإسلام والإيمان وعسكر السنَّة والقرآن.
وهذا قد جرى ما جرى منه كما هو مسطَّر في التاريخ، فالروافض وأعوانهم والباطنيَّة باختلاف مسمَّياتهم وفرقهم، كل هؤلاء كادوا ويكيدون للإسلام وأهله، يكيدون لأهل السنَّة والجماعة ولا يرقبون فيهم إلًّا ولا ذمَّة، نسأل الله-العافية والسلامة-.
تقتيل، وتشريد، وتطريد، وتغريب إلى غير ذلك، أسر، تصفية بلغة هذا العصر قل ما شئت، وقد كنَّا نسمع ما يقرأ علينا في الكتب أو نقرأ بأنفسنا بعد أن تقدَّمنا، ورأينا أخبار هؤلاء وقرأنا من ضمنها قول قائل هؤلاء: ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهَّـــار يعني بذلك الخليفة الفاطمي الباطني، فيسمِّيه بالواحد القهَّار، ويقول: ما شئت هو الذي يمضي لا ما شاءت الأقدار، ثمَّ أباد الله هذه الدولة الخبيثة-الدولة الباطنيَّة-ولم يعد لها ذكر ولله الحمد.
والآخر الذي وقف يقول: أنـــا بـالله وبـالله أنـــا يخلق الخلـق وأفنيهــم أنــا ما في الجبَّة إلَّا الله وما الله إلَّا من في الجبَّة، قبَّحه الله، ويقتل المسلمين تحت الكعبة المعظَّمة هؤلاء هم القوم القرامطة، فعشنا حتَّى رأينا وسمعنا من يدَّعى له الألوهيَّة كفرعون (…مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي…)(القصص:38).
فهؤلاء على مَرِّ العصور وكَرِّ الدهور ورَّثهم باقون، وقد كشفهم الله-جل وعلا-لأهل الإسلام والإيمان وعسكر السنَّة والقرآن بِمَا نقله عن هؤلاء في الأزمان السابقة العلماء الثقات الأثبات ودوَّنوه في كتب التاريخ الموثوقة.
واليوم نحن نراه ونسمعه، نراه بأمِّ اعيننا ونسمعه بآذاننا: لا إله إلَّا بشَّار، فقل لهؤلاء الذين يقولون إنَّ هذه الفرق انتهت، فإنَّ في هذا أعظم رد على هؤلاء، ما بعد هذا الكفر شيء، هذا هو كفر فرعون لعنه الله.
فهؤلاء يتوارثهم من يتوارثهم وهم باقون امتحانًا من الله وابتلاءً واختبارًا، وهؤلاء هم أعوان اليهود والنصارى-عبَّاد الصليب-على أهل الإسلام والإيمان.
ولقد سمعت أنا بأذني تحقيقًا يتكلَّم فيه المتكلِّم باسم دولة اليهود يتخوَّف على دولة اليهود الغاصبة في بلاد فلسطين العزيزة-نسأل الله-جلَّ وعلا-أن يعيدها إلى أهل الإسلام شامخة عزيزة ويطهِّرها من أرجاس الشرك والبدع-، يتخوَّف من ذهاب حكومة الباطنيَّة، ويقول: (…لا ندري من الذي سيأتينا إن ذهبت حكومة بشَّار فنحن نخشى من الإسلام الأصولي…). سمعت هذا بأذني يعني: يخشى من الإسلام الحق، فهم آمنون بوجود هؤلاء، لأنَّهم يعلمون أنَّ هؤلاء هم أنصارهم، وهم الدفع الأول الذي يدفعون به عن أنفسهم، كما قال شيخ الإسلام-رحمه الله تعالى-عن نصارى بلاد الشام والنصيرية في بلاد الشام أنَّهم لَمَّا دخل الصليبيون ظاهروهم على المسلمين، وركبوا ظهور المسلمين قتلًا وحوَّلوا مساجدهم إلى اسطبلات لخيول النصارى، فليس ذلك بغريب عليهم، فهؤلاء الكفرة وأمثالهم لا ينتظر منهم إلَّا هذا ونسأل الله-جلَّ وعلا-بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يطهِّر بلاد الشام منهم وأن يعلي راية الإسلام والسنَّة فيها.
بلاد الشام التي كانت تزخر بأئمَّة الهدى وأئمَّة السنَّة في الأعصار الأولى في صدر الإسلام، وكذلك في الأعصار التي مَرَّت عليها متعاقبة في عصر شيخ الإسلام ابن تيميَّة-رحمه الله-والمزي وابن كثير وابن القيِّم وابن عبد الهادي والذهبي وأمثال هؤلاء-رحمهم الله جميعًا-، ونحن نرتقب النصر، ونصر الله قريب-سبحانه وتعالى-ولا نيأس من روح الله.